انطلق بالعراق أمس مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة وذلك لوضع رؤية فى مستقبل العراق الاقتصادى خاصة فى مجال التبادل التجارى وتوسيع الربط الكهربائى الذى سيكون ذا فائدة للشعب العراقى وبمشاركة مصرية بوفد رفيع المستوى يتقدمه الرئيس عبدالفتاح السيسى، كان فى استقباله مصطفى الكاظمى رئيس الوزراء العراقى. شارك الرئيس عبدالفتاح السيسى أمس فى أعمال مؤتمر «بغداد للتعاون والشراكة» الذى أقيم بالعاصمة العراقيةبغداد. الرئيس أكد خلال كلمته ضرورة الاتحاد فى مواجهة ما يهدد مستقبل الشباب من الشعوب العربية باعتماد سياسات تنموية حقيقية تحفظ لنا كوكبنا وبيئتنا. كما وجه «السيسى» الدعوة إلى الشعب العراقى بضرورة الحفاظ على بلدهم العراق وأن يتجهوا إلى البناء والتعاون وجاءت كلمة الرئيس على النحو التالى: أخى دولة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، رئيس وزراء جمهورية العراق الشقيق أصحاب الجلالة، والفخامة والسمو ملوك ورؤساء وأمراء الدول الشقيقة والصديقة، يشرفنى أن أعرب عن خالص الشكر والامتنان لدولة رئيس الوزراء العراقى مصطفى الكاظمى لمبادرته بالدعوة لعقد هذا المؤتمر المهم، وإنه لمن دواعى سرورى أن أتواجد اليوم مجددًا فى العراق، بلاد الرافدين، إحدى قلاع العروبة ومراكز الحضارة فى العالمين العربى والإسلامي، الأمر الذى يجسد المستوى غير المسبوق لعلاقات الشراكة مع أشقائنا العراقيين، والرغبة الصادقة فى تدشين مرحلة جديدة من التعاون البناء عبر آليات فعالة ومتعددة سواء على الصعيد الثنائى أو الثلاثى المصرى العراقى الأردنى، أو فى الإطار الإقليمى الأوسع، وبما يمكننا سويًا من أن ننطلق نحو آفاق أرحب من الشراكة والتعاون على نحو يلبى تطلعات ومصالح شعوبنا استنادًا إلى علاقات وروابط قوية وممتدة وقائمة على مبادئ راسخة، لا نحيد عنها لتحقيق المصالح المتبادلة، وصون أمن واستقرار المنطقة بأكملها. أصحاب الجلالة والفخامة والسمو والمعالى، لقد واجه العراق إلى جانب دول وشعوب عربية أخرى على مدى السنوات الماضية التأثيرات بالغة السلبية لإرهاب وحروب جلبت المعاناة لشعب شقيق وارتدت بتداعياتها على شعوب الجوار فى سياق شهد تدخلات خارجية متنوعة، وذلك فى وقت يواجه عالمنا تحديات ذات طابع عالمى تعنى بها شعوب البشرية جمعاء، وتتصاغر أمام خطورتها الصراعات الدولية أو العرقية أو المذهبية التى تعرفها منطقتنا العربية. فحين نرى ما يلحقه فيروس كورونا، أو تغير المناخ بالعالم من أهوال وما يمكن أن يمثله من تهديد للأجيال القادمة فإن علينا أن نتوحد فى مواجهة ما يهدد مستقبل الشباب من شعوبنا باعتماد سياسات تنموية حقيقية تحفظ لنا كوكبنا وبيئتنا. ولقد باتت شعوب العالم من حولنا تدرس عن قرب تلك التحديات العالمية وتسعى جاهدة لإيجاد الحلول لها على أسس علمية، ويصح فى هذا السياق أن يكون لنا إسهامنا الواضح فى تقدم البشرية نحو تعزيز قدراتها على مجابهة الواقع، وهو ما نؤمن فى مصر أنه لا خلاص لنا من دونه، وإننى أرى لدى الأشقاء فى العراق ذات العزيمة التى تشجعنا على التكاتف معهم تحقيقاً للأهداف السامية والتطلعات الإنسانية الجامعة. السادة الحضور، تنظر مصر بتقدير بالغ إلى الإنجازات المهمة التى تحققت فى العراق خلال الفترة الماضية تحت قيادة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمى، والتى سمحت بنجاح مؤسسات الدولة فى التعامل الأمثل مع التحديات الكبرى التى واجهت الشعب العراقي، حيث تمكن الجيش والأجهزة الأمنية من دحر الإرهاب، والقضاء على مشروع داعش الظلامى فى المنطقة، والحفاظ على وحدة العراق وأمنه ونسيجه الوطنى. وإن تناول ما تحقق من إنجازات لا يكتمل دون التطرق إلى جهود تحقيق الإصلاح الاقتصادى على كافة المستويات وبمختلف القطاعات، الأمر الذى يعكس إصرار الحكومة العراقية على تمهيد الطريق لنقلة نوعية نستشعر قرب انطلاقها من خلال متابعتنا للجهود الدءوبة فى الإعداد المتأنى والدقيق لها. كما نتمنى أيضاً للدولة العراقية، بل ونثق فى نجاحها الكامل فى الوفاء بالاستحقاق الانتخابى القادم بما يلبى تطلعات الشعب العراقى فى التقدم بخطى ثابتة نحو المستقبل الذى يستحقه. من هذا المنطلق، تستمر مصر فى مساندة ودعم الحكومة العراقية فى جميع جهودها الرامية لتحقيق استقرار العراق، واستعادة مكانته التاريخية ودوره العربى والإقليمى الفاعل، وترسيخ موقعه فى العالم العربي. وإيماناً من جانبنا بحتمية التعاون والتكاتف بين الأشقاء ومنافعه المتعددة، فقد جاءت آلية التعاون الثلاثى بين مصر والعراق والأردن لتترجم الإرادة السياسية للدول الثلاث إلى واقع ملموس من حيث تعزيز مفهوم العمل العربى المشترك وتعظيم التشابك بين مصالح شعوبنا من خلال مسارات عملية ومدروسة للتعاون يشعر بها المواطن العراقى وأشقاؤه الأردنيون والمصريون، ونأمل أن يتسع ذلك حين تتوافر الظروف الملائمة إلى سائر الشعوب العربية وشعوب المنطقة كافة. وأجدد التأكيد فى هذه المناسبة على اعتزامنا المضى قدماً بكل دأب نحو تنفيذ المشروعات المشتركة التى تتم دراستها فى إطار الآلية بما يحقق التنمية المأمولة لدولنا. أصحاب الجلالة والفخامة والسمو والمعالى، إن مصر تقف سنداً ودعماً لجهود الحكومة العراقية نحو تقوية الدولة الوطنية ومؤسساتها بما يمكنها من الاضطلاع بمهامها فى صون أمن واستقرار العراق، وحماية مقدرات شعبه ووحدة أراضيه، كما ترفض مصر كافة التدخلات الخارجية فى شئون العراق والاعتداءات غير الشرعية على أراضيه، وتدعو مختلف القوى لاحترام سيادة هذا البلد العريق وخيارات شعبه، فللجميع مصلحة فى أن يقوم العراق بالدور المنوط به عربيًا وإقليميًا. من هنا، يأتى اجتماعنا اليوم لتجديد الدعم والالتزام بالمبادئ الثابتة فى العلاقات الدولية، والتى لا خلاف عليها، وهى حسن الجوار، وعدم الاعتداء، والاحترام المتبادل لسيادة الدول، والامتناع غير المشروط عن التدخل فى شئونها الداخلية، والتوقف عن سياسة فرض الأمر الواقع باستخدام القوة العسكرية أو المادية، فضلاً عن عدم توفير ملاذات آمنة أو أى شكل من أشكال الدعم للجماعات الإرهابية والمتطرفة أو نقل عناصرها من دول إلى أخرى. ويمثل هذا اللقاء فرصة ينبغى البناء عليها لتبادل وجهات النظر والتشاور واستكشاف آفاق التنسيق بيننا فى ظل التطورات الدولية والإقليمية المتلاحقة، والتى تستلزم التعاون بشكل بناء لمواجهة أزمات اليوم من منظور الواقع الذى نعيشه، وليس اتباعاً لتطلعات غير مشروعة تصطدم بقواعد القانون الدولى ولا تحترم إرادة الشعوب وخياراتها السياسية وحقها فى تقرير مصيرها. أصحاب الجلالة والفخامة والسمو والمعالى، لا يسعنى فى ختام كلمتى إلا أن أجدد الشكر لدولة رئيس الوزراء «مصطفى الكاظمى» على عقد هذا المؤتمر، كما أود أن أوجه رسالة للشعب العراقى الشقيق، فأقول: إن الشعب الذى يملك هذه الحضارة وهذا التاريخ المشرف يملك بلا شك مستقبلاً واعدًا بفضل أبنائه وسواعدهم وما يحدوهم من أمل وحافز نحو تحقيق غد أفضل، وأؤكد أن لكم فى مصر إخوة حريصين على نهضتكم، مرحبين بنقل تجربتهم وخبراتهم فى مجالات مختلفة إيماناً بوحدة المصير والهدف لنسير معاً على طريق المستقبل الذى تضيئه إرادتنا وثقتنا فى قدرتنا الصلبة على اجتياز الصعاب أياً كانت. وشكراً. 3042