فى تظاهرات تستهدف الإطاحة بحكم الإخوان التونسيين، بعد احتيالهم على الشعب التونسى لسنوات أدت إلى استنزاف ثرواتهم وانهيار الاقتصاد، خرج آلاف التونسيين، أمس الأحد، فى محيط البرلمان التونسي، للاحتجاج على تردى الأوضاع الصحية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية فى البلاد، ومطالبين بإسقاط منظومة الحكم ومحاسبة الحكومة والغنوشى. التظاهرات تسببت فى أغلاق السلطات العاصمة التونسية، وكافة الطرقات المؤدية للبرلمان، بالتزامن مع دعوات للتظاهر والاحتجاج أمام مقر مجلس الشعب، وسبقت تلك التعزيزات الأمنية مظاهرات دعت لها فعاليات تونسية، للإطاحة برئيس البرلمان؛ أمين عام حركة النهضة الإخوانية راشد الغنوشي، أطلق عليها «مظاهرات الحسم». وتجاوزت المظاهرات الغاضبة العاصمة التونسية إلى عدة مدن ومحافظات وشهدت حشدًا شعبيًا كبيرًا، بعد أن بدأت فى ميدان باردو، حيث مقر البرلمان التونسى فى العاصمة ثم امتدت الاحتجاجات إلى خارج العاصمة. وانطلقت الاحتجاجات فى كل من محافظة سوسة الساحلية وصفاقس (جنوب) والكاف (شمال غرب)، بنفس الشعارات التى تتهم إخوان تونس فى الذكرى 64 لعيد الجمهورية باحتلال البلاد. وهتف المحتجون: «يا غنوشى يا سفاح يا قاتل الأرواح»، و«الشوارع والصدام حتى يسقط النظام»، واتهم المتظاهرون، سياسة حركة النهضة بسرقة أحلام الشباب، الذى وصلت نسبة البطالة فيه 20 فى المئة، وفق آخر إحصائيات المعهد التونسى للإحصاء. ويطالب المحتجون بتشكيل حكومة جديدة، إلى جانب إسقاط الطبقة الحاكمة. وفى نهاية اليوم اقتحم مئات المتظاهرين فى مدينة سوسةالتونسية مقر حزب النهضة، وأشعلوا فيه النيران، وسط شعارات تدعو إلى اسقاط النظام وحلّ البرلمان. وتداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعى صورًا ومقاطع فيديو تظهر اقتحام المحتجين مقرًا لحركة النهضة فى مدينة توزر جنوبتونس، حيث أفرغوا المقر من محتوياته وقاموا بإحراقها. وحاول عدد من المحتجين اقتحام مقر حركة النهضة فى القيروان، مرددين شعارات ضدّ حركة النهضة ورئيسها، قبل أن يتم منعهم من قبل الوحدات الأمنية. وتأتى الاحتجاجات وسط أزمة صحية غير مسبوقة بسبب تفشى فيروس كورونا واتهام جزء كبير من التونسيين للحكومة بالفشل فى إدارة هذه الإزمة. كما أعلنت الوزارة تسجيل 5624 إصابة جديدة بفيروس كورونا، مما زاد المخاوف إزاء قدرة البلاد على مكافحة الوباء. وسجلت الدولة المغاربية، أمس الأول، زيادة يومية قياسية فى الوفيات المرتبطة بفيروس كورونا المستجد، حيث قالت وزارة الصحة: إن البلاد سجلت خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية 317 وفاة لأسباب لها علاقة ب«كوفيد 19». وتشهد البلاد حالة من الغضب الشعبى من جراء سياسيات النهضة التى أفسدت المسار الديمقراطى وعنفت المعارضين فضلا عن فضح محاولة استغلال المؤسسة القضائية لإفساد ملفات التقاضى فى عدة قضايا إرهابية أبرزها مقتل شكرى بلعيد ومحمّد البراهمى. وعلق المحلل السياسى التونسى بلحسن اليحياوى على التظاهرات قائلا: إن حركة النهضة فى الوقت الحالى «محاصرة بالأزمات، خاصة بعد قطع الطريق أمامها باستغلال المؤسسة الفضائية وتطويعها للتلاعب بالملفات القضائية وخاصة الإرهابية التى لها صلة وثيقة بقيادات النهضة، ما يشكل قطع ذراعها القضائي، والإعلامى أيضاً، فضلاً عن الكثير من الانتقادات التى توجه للحركة على المستوى الإقليمى والدولى». وشدد على ضرورة أن تجتمع كافة الطوائف المناهضة لحكم النهضة على مجموعة من الأهداف والعمل على تحقيقها من خلال التظاهرات. ويرى اليحياوى أن الإشكالية الخاصة بحركة النهضة تتمثل فى الولاء، لأنها تعمل لصالح أجندة التنظيم العالمى للإخوان وليس وفق أجندة وطنية، ويغيب عن أدبياتها تماما مفهوم الدولة وقيم الوطنية، وبالتالى عندما وصلت إلى صنع القرار الساسى فى تونس إبان الانتخابات التى جرت عقب 2011، لم تقدم أى جديد للسياسة التونسية، ولم تتمكن من تحقيق نجاح فى إدارة الدولة. وأوضح اليحياوى أن «حركة النهضة لا تمتلك الأدوات التى تمكنها من إدارة الدولة أو تشكيل الحكومة بما تطلبه هذه العملية من إدراك لمختلف المعطيات، بالإضافة إلى غياب مفهوم الدولة، التى تختلف أولوياتها مختلفة تماما عن هذا التنظيم الدولى للإخوان الذى لا يؤمن بالوطن ويعمل فقط لمصالحه الخاصة». من جهته، قال رئيس حزب مشروع تونس محسن مرزوق: إن النظام السياسى الحالى يخدم مصالح الإخوان، ولابد من تغييره اذا أراد التونسيون الخروج من هذا المأزق. وتابع السياسى التونسى قائلا: «لابد من استفتاء على نظام سياسى جديد والذهاب إلى جمهورية ثالثة». بدوره أكد النائب اليسارى منجى الرحوى أن «تونس أصبحت رهينة عند منظومة الإخوان القاتلة»، محملا راشد الغنوشى مسئولية تأزم الأوضاع. ودعا الرحوى الشعب التونسى إلى الخروج للشارع، للضغط على ما أسماه «منظومة الخراب» التى يترأس حكومتها هشام المشيشى. وفى تصريحات له، الجمعة، اتهم الرئيس التونسى قيس سعيد أطرافًا داخلية بالتلاعب بالملفات من أجل إفساد الدولة، مؤكدًا أن هناك لوبيات داخل الدولة وقال الرئيس تعقيباً على تردى الوضع الصحى بالتزامن من انتشار فيروس كورونا: إنه لا بد من قراءة نقدية لما تم فعله فى الأشهر الماضية، ولماذا تردت تونس إلى هذا الوضع». ttt_1