عندما نعتزم الحصول على خدمة ما بالجهاز الإدارى للدولة فالبعض منا يتساءل عن مدى إمكانية تحقيق هذه الخدمة من الوجهة القانونية، فإذا بدا له أنها تخالف القانون التفت عنها ولا يقرع بابها أبدًا، والبعض الآخر يحاول أن يُقيل العثرات القانونية دون أن يحيد عن الأخذ بأسباب الوسائل المشروعة، فى حين أن البعض الآخر يسعى إلى تذليل الموانع القانونية بالتحايل عليها، وعلى خلاف ما سبق هناك من لا يشغل باله أساسًا بمسألة مدى مشروعية الخدمة التى يسعى إليها، وغالباً ما يكون هذا النوع جاهلاً أو متجاهلاً لأحكام القانون على الرغم من أن المواطن ينبغى أن يعلم أو من المفترض أن يعلم مدى قانونية الخدمة التى تؤدى إليه فالقانون لا يعتد بالجهل به.. ولما كانت الخدمة بالجهاز الإدارى لا تنهض إلا من خلال طرفين هما المواطن والقائم على هذه الخدمة، فإن القائم على تقديم الخدمة يدرك من أول وهلة نوعية المواطن الذى تؤدى الخدمة إليه، كما أنه يعلم فى ذات الوقت أنه مسئول عن أى خطأ يتسبب فيه أثناء قيامه بوظيفته أو بسببها خاصة عند إيهام المواطنين بقانونية أعماله غير المشروعة أو عدم مشروعية أعمال مشروعة سواء أكان ذلك بقصد أو بدون قصد وسواء أكان ذلك بدافع الحصول على منفعة خاصة أو عدم حصوله على أى منفعة ولو وقع ذلك بمجرد الصمت منه، ما لم تكن وظيفته ذات صبغة قانونية أو فنية إذ لا مسئولية على عاتقه إذا أسهم، أو شارك، أو عرض وجهة نظره طبقاً لأحدث أحكام القضاء الإدارى.. ولكن هناك بعض الموظفين يؤدون عملهم وكأن هناك ميزانا خفيا فى أذهانهم، فيقومون بكل عمل بغض النظر عن قانونيته طالما آمنوا جانب المسئولية والعقاب، فالبعض عندما يقوم بواجباته يتفرس فى الأفق المسألة؛ وبقدر مدى تعرضه للمخاطرة وبقدر ما تراوده نفسه عن الإقدام أو التراجع يقدم ثمرة جهده، وإن كان لا يخلو الأمر من بعض المضطربين الذين يضربون بعرض الحائط أية خشية أو مخافة، فإن وقع تحت طائلة القانون كان حسيرًا لما أفضى به الحظ العاثر ومن ثم تذويه الهموم.. والحقيقة أن هؤلاء يتسببون فى مشكلات عميقة ذات آثار جمة، إذ إنهم يستلون قواعد القانون ويستبدلونها بقواعد يستعصى عليها الإصلاح، والمشكلة الأكبر أن ذلك يمكن أن يشكل ظاهرة يتجرع الموطنون مرارتها وتؤثر سلباً على أداء باقى زملائهم، وتنعكس آثارها على أداء المؤسسات الخدمية.. إذاً هناك قواعد يمليها البعض ويتململ من عواقبها الوخيمة المجتمع.. لذا، فلا شك ونحن فى بداية السنة الجديدة وفى ظل القيادة الرشيدة للسيد الرئيس عبدالفتاح السيسى والذى لا يألوا جهدًاً فى التصدى لكل العقبات والقواعد البالية التى أكل الدهر عليها وشرب بمؤسسات الدولة وهدم أصنامها البالية التى عكف الكثير على تقديسها لعشرات السنين - أن نتصدى لفكرة هذا الميزان المستتر الخفى الذى يدور فى خُلد بعض الموظفين وينتقل بهم من جادة القانون ومواءماته المشروعة إلى غياهب ظلمات المواءمات البحتة، خاصة أن الدولة ماضية فى الرقمنة والميكنة والانخراط فى تطبيق المعايير الدولية الخاصة بالحوكمة والشفافية فى إطار سعيها لتحقيق أهداف التنمية المستدامة من خلال رؤية مصر 2030م.