سعر الذهب في مصر اليوم الأربعاء 25-6-2025 مع بداية التعاملات    جيروم باول: الفيدرالي غير مستعد بعد لتخفيض أسعار الفائدة    جيش الاحتلال الإسرائيلي يعلن مقتل 7 جنود في غزة    الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل 7 جنود في جنوب قطاع غزة    وكالة مهر: اكتشاف وضبط أكثر من 10 آلاف طائرة مسيرة في طهران خلال الأيام الأخيرة    مواجهات دور الستة عشر في كأس العالم للأندية 2025    القنوات الناقلة مباشر لمباراة صن داونز ضد فلومينينسي في كأس العالم للأندية.. والموعد    خبر في الجول - لحسم مستقبله.. الشحات يستقر على طرح العروض المقدمة إليه على الأهلي    «بريكس» تدعو إلى إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط    مصرع 4 أشخاص وإصابة 5 آخرين إثر حادث تصادم سيارتين فى 15 مايو    طقس اليوم: حار نهارا معتدل ليلا.. والعظمى بالقاهرة 35    مي عبد الحميد: الدولة تدفع منحة لا ترد تصل إلى 120 ألف جنيه في شقق الإسكان الاجتماعي    مندوب إيران بالأمم المتحدة: لن نتخلى عن برنامجنا النووي.. وإسرائيل وأمريكا خالفتا القانون الدولي    «تمركزه خاطئ.. ويتحمل 3 أهداف».. نجم الأهلي السابق يفتح النار على محمد الشناوي    بالأعلام واللافتات.. جماهير الترجي تدعم فلسطين خلال مباراة تشيلسي في مونديال الأندية (صور)    روسيا: واشنطن وتل أبيب تنتهكان معاهدة حظر الانتشار النووي وحق طهران في الطاقة النووية السلمية    إعلان النتيجة النهائية لعضوية مجلس إدارة البورصة    تصدرت تريند السوشيال ميديا، قصة صورة أعادت الفنانة عبلة كامل إلى الأضواء    «واخدلي بالك» على مسرح قصر ثقافة العريش    «عمتي حبيبتي».. ظهور نادر ل عبلة كامل يثير الجدل على السوشيال ميديا    حملات مسائية وفجرية على المخابز البلدية والمنافذ التموينية بالإسكندرية    النواب الأمريكي: الأعضاء سيتلقون إحاطة سرية بشأن الوضع في إيران الجمعة المقبلة    الدولار ب50 جنيه.. سعر العملات الأجنبية اليوم الأربعاء 25-5-2025    مندوب إسرائيل لدى الأمم المتحدة: إيران حاولت صنع قنبلة نووية ومن السابق لأوانه تأكيد تدمير مواقعها النووية    السيطرة على حريق سيارة نقل محمّلة بالتبن بالفيوم دون إصابات    "كانوا راجعين من درس القرآن".. أب يتخلص من طفليه بسلاح أبيض في المنوفية    انتشال سيارة ملاكي ابتلعها هبوط أراضي بشكل مفاجئ في التجمع    منتخب الشباب يخسر أمام ألمانيا ويتأهلان لربع نهائي كأس العالم لليد    زيادة طفيفة في مخزون سد النهضة.. «شراقي» يكشف آخر موعد للفتح الإجباري    حسام بدراوي يكشف أسرار انهيار نظام مبارك: الانتخابات كانت تُزور.. والمستفيدون يتربحون    بعد عام من الغياب.. ماذا قالت رضوى الشربيني في أول ظهور على dmc؟ (فيديو)    باسم سمرة يواصل تصوير دوره في مسلسل "زمالك بولاق"    أمين الفتوى يحذر من إهمال الزوجة عاطفياً: النبي كان نموذجًا في التعبير عن الحب تجاه زوجاته    الأزهر يتضامن مع قطر ويطالب باحترام استقلال الدول وسيادتها    خالد الجندي: النبي عبّر عن حب الوطن في لحظات الهجرة.. وكان يحب مكة    طريقة عمل الزلابية الهشة في البيت أوفر وألذ    عصام سالم: الأهلي صرف فلوس كتير وودع المونديال مبكرًا    مُعلم يصنع التاريخ.. جراى نجم أوكلاند الأفضل فى مواجهة بوكا جونيورز    عاجل.. بيراميدز يفاوض لاعب الأهلي وهذا رده    مهيب عبد الهادي ل محمد شريف: «انت خلصت كل حاجة مع الزمالك».. ورد مفاجئ من اللاعب    أجمل رسائل تهنئة رأس السنة الهجرية 1447.. ارسلها الآن للأهل والأصدقاء ولزملاء العمل    مطران نيويورك يوجّه رسالة رعائية مؤثرة بعد مجزرة كنيسة مار إلياس – الدويلعة    مهمّة للنساء والمراهقين.. 6 أطعمة يومية غنية بالحديد    أبرزها اللب الأبيض.. 4 مصادر ل «البروتين» أوفر وأكثر جودة من الفراخ    سعر البطاطس والبصل والخضار بالأسواق اليوم الأربعاء 25 يونيو 2025    لا تدع الشكوك تضعف موقفك.. برج العقرب اليوم 25 يونيو    حفل غنائي ناجح للنجم تامر عاشور فى مهرجان موازين بالمغرب    التسرع سيأتي بنتائج عكسية.. برج الجدي اليوم 25 يونيو    غدا.. إجازة رسمية بمناسبة رأس السنة الهجرية للقطاع العام والخاص والبنوك بعد قرار رئيس الوزراء    محافظ الفيوم يشهد الاحتفال بالعام الهجري الجديد بمسجد ناصر الكبير.. صور    ميل عقار من 9 طوابق في المنتزة بالإسكندرية.. وتحرك عاجل من الحي    من قلب الصين إلى صمت الأديرة.. أرملة وأم لراهبات وكاهن تعلن نذورها الرهبانية الدائمة    ندوة تثقيفية لقوات الدفاع الشعبي في الكاتدرائية بحضور البابا تواضروس (صور)    سعر الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الأربعاء 25 يونيو 2025    سعر الزيت والدقيق والسلع الأساسية في الأسواق اليوم الأربعاء 25 يونيو 2025    غفوة النهار الطويلة قد تؤدي إلى الوفاة.. إليك التوقيت والمدة المثاليين للقيلولة    وزير الصحة: ننتج 91% من أدويتنا محليًا.. ونتصدر صناعة الأدوية فى أفريقيا    رسالة أم لابنها فى الحرب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المركز القانونى للكنيسة القبطية
نشر في الوفد يوم 27 - 02 - 2020

الكنيسة جمهور القديسين الذى يضمه الإيمان القويم والسلوك الحسن
القانون اعتبر الكنيسة شخصاً اعتبارياً والبابا نائباً عنها ولا تعد مالاً عاماً
لم تمنح القوانين واللوائح الكنيسة سلطة من السلطات التى تتمتع بها جهات الإدارة
الكنيسة لا تبتغى من قراراتها إلا مصلحة المؤمنين.. فقراراتها خاضعة للرقابة الإلهية
آثار خضوع القرارات الدينية التى تصدرها الكنيسة القبطية بحرمان أى من المؤمنين من تناول جسد المسيح ودمه للرقابة موجة من الجدل داخل الأوساط القبطية، ففى الوقت الذى أعلنت فيه الكنيسة رفضها للحكم، لمخالفته تعاليم السيد المسيح، اعتبر بعض الأقباط الأمر تدخلا فى شئونهم الدينية، وماساً بالعقيدة التى يدينون ويؤمنون بها، واعتبر البعض الآخر الأمر مستحيل التنفيذ عقلا ومنطقا.
ويبدو أن مرد الخلاف الحاصل بين الكنيسة والقضاء مرده إلى نص المادة 52 من التقنين المدنى التى عرفت الأشخاص الاعتبارية، واعتبرت الهيئات والطوائف الدينية المعترف بها من الدولة من بين هذه الأشخاص.
والمعروف أن الشخص الاعتبارى يقوم على عنصرين: الأول موضوعى، وهو الكيان الذاتى لجماعة من الأشخاص تنفصل بكيانها عن كيان أعضائها، وهو ما لا يتحقق إلا بتوافر أمرين، أولهما غرض أو مصلحة مشتركة تتميز عن المصالح الفردية، ولا تندمج فيها، وثانيهما :وجود تنظيم يستوجب أعضاء الشخص الاعتبارى. والعنصر الثانى: معنوى وهو أن يمثل ذلك الكيان قيمة اجتماعية ذات وزن تبرر الإقرار له بالشخصية القانونية، وهو ما يستقل المشرع بتقديره عن طريق الاعتراف.
ولما كان الفرمان العالى الصادر فى 18 من فبراير سنة 1856 بشأن تنظيم أمور الطوائف غير الإسلامية فى الدولة العلية، تضمن النص على حق هذه الطوائف فى أن يكون لها مجالس مخصوصة، تشكل فى البطركخانات، ثم اتبع ذلك صدور الأمر العالى الصادر فى 14 من مايو سنة 1883 بالتصديق على لائحة ترتيب واختصاصات مجالس الأرثوذكس العمومى، المعدل بالقوانين 8 لسنة 1908، و3 لسنة 1917, و29 لسنة 1927 و48 لسنة 1950 و267 لسنة 1955 ونص فى المادة الأولى على أن يشكل مجلس عمومى لجميع الأقباط فى القطر المصرى للنظر فى كافة مصالحهم الداخلية، ويكون مركزه بالدار البطريركية، وفى المادة الثالثة على أن يتولى رئاسة المجلس حضرة البطريرك، فإن مؤدى ذلك أن المشرع اعترف بالشخصية الاعتبارية لطائفة الأقباط الأرثوذكس، واعتبر البطريرك نائبا عنها، وبعدا عن إرادتها.
ولما كانت المادة 53 من القانون المدنى تنص على أن الشخص الاعتبارى يتمتع بجميع الحقوق إلا ما كان منها ملازما لصفة الإنسان الطبيعية، ويكون له: ذمة مالية مستقلة، وأهلية فى الحدود التى يعينها القانون وله مواطن مستقل، ونائب يعبر عن إرادته، وله حق التقاضى، وبالتالى فإن كاتدرائية الأقباط الأرثوذكس يكون لها مالية مستقلة، ولها أهلية ولها حق التقاضى ولها موطن مستقل، ولها نائب يعبر عن إرادتها.
ثم نصت المادة 87 على أن تعتبر أموالا عامة العقارات والمنقولات التى للدولة أو للأشخاص الاعتبارية العامة، والتى تكون مخصصة لمنفعة عامة بالفعل، أو بمقتضى قانون أو مرسوم، وهذه الأموال لا يجوز التصرف فيها أو الحجز عليها، أو تملكها بالتقادم.
وقضت محكمة النقض بحكمها الصادر بجلسة 15/5/1958، فى الطعن رقم 55 لسنة 24ق بأن الكنيسة لا تعتبر من الأموال العامة المبينة فى المادة 9 من القانون المدنى القديم، حتى لو صح قياسها على الجوامع المنصوص عليها فى هذه المادة، ذلك أن عبارة الفقرة السابعة صريحة فى أن الجوامع لا تعتبر من الأموال العامة إلا إذا كانت الحكومة قائمة بإدارتها، أو بصرف ما يلزم لحفظها وبقائها، فشرط اعتبارها من الأموال العامة هو أن تكون فى رعاية الحكومة، وإذا كانت الكنيسة لا ينطبق عليها هذا الوصف فلا يصح اعتبارها من الأموال العامة.
فإذا كانت الكنيسة شخصا من أشخاص القانون العام، وأموالها ليست أموالا عامة فهل تتمتع الكنيسة بثمة قسط من اختصاصات السلطات العامة، وهل يمكن اعتبار قراراتها بعد ذلك من القرارات الإدارية؟
البداية
والبداية عندما ظهر القانون الإدارى، وازدهرت أحكامه كان ضروريا تحديد نطاق تطبيقه، وبيان الموضوعات التى تشملها أحكامه، وقد أدى تدخل الدولة وازدياد نشاطها الإدارى منذ القرن التاسع عشر إلى تطور أحكام القانون الإدارى واتساع مجال تطبيقه.
ورغم أن تدخل الدولة فى هذا الزمان كان محدودا إلا أنها كانت تباشر سلطة آمرة إزاء الأفراد، لما تملكه من امتيازات السلطة العامة، وقد ميز الفقه آنذاك فى تصرفات الإدارة بين نوعين من الأعمال، أعمال السلطة وهى التى تتصف بالصفة الإدارية وتصدر عن إرادة الدولة الآمرة وتعتبر المنازعات المتعلقة بها منازعات إدارية تخضع للقضاء الإدارى، وأعمالا عادية لا تستخدم فيها الإدارة سلطاتها العامة، وتقف على قدم المساواة بين الأفراد.
وقد هاجم الفقه معيار السلطة العامة منذ أوائل القرن العشرين، وذلك لتعذر التفرقة بين أعمال السلطة وأعمال الإدارة العادية، ولهذا اعتنق الفقه معيارا آخر لمفهوم السلطة، وهو القائم على التفرقة بين الإدارة العامة والإدارة الخاصة، ولم ينج أيضاً هذا المعيار من النقد، مما حدا بالفقه إلى البحث عن معيار آخر لتمديد
اختصاص القضاء الإدارى، وهو الرفض العام، وصار هذا الأخير معيارا لتحديد اختصاصات القضاء الإدارى ومنذ الوصول إلى هذا المعيار وصف القانون الإدارى بأنه قانون المرافق العامة!!
المرفق العام
ولا شك أن المرفق العام يعتبر مظهرا إيجابيا لنشاط الدولة، وبه تتدخل الدولة لكى تشبع حاجات الجمهور، لذلك كان لزاما باسم المصلحة العامة أن تؤدى المرافق العامة خدماتها للجمهور على نحو يمكن الكافة من الاستفادة منها وقد عرف الفقه المرفق العام بأنه نشاط تباشره السلطة العامة لإشباع حاجة ذات نفع عام، وهذا التعريف يركز على العمل الذى يقوم به المرفق تحقيقا للنفع العام، كمرفق التعليم والأمن والصحة والدفاع، ويعرفه البعض الآخر بأنه هيئة عامة تعمل بانتظام واطراد على تزويد الجمهور بالحاجات العامة، وتستعين بسلطات الإدارة لتحقيق أهدافها، مثل الجامعات والمستشفيات العامة والوزارات وما يتبعها من فروع.
وتتمثل عناصر المرفق العام فيما يلى: أنه مشروع منظم بمعنى أن المرفق العام وكل مشروع تنشئه الدولة أو تشرف على إدارته، ويعمل بانتظام واستمرار، ويستعين بسلطات الإدارة لتزويد الجمهور بالحاجات العامة التى يتطلبها.
النفع العام
ولا يعتبر المشرع مرفقا عاما إلا إذا كان النفع العام الذى يسديه ليس فى مقدور الأفراد القيام به على الوجه الأكمل، مما يتطلب تدخل الحكومة لمساعدة المرفق فى تقديم خدماته، على نحو يمكن الجمهور من الاستفادة منه، ومن ثم فإن الصفة المميزة للمرفق العام أن يكون المشروع من المشروعات ذات النفع العام، والمرفق العام إما أن تسيره الإدارة أو يديره النشاط الخاص تحت رقابتها، فالإدارة هى التى تقرر اعتبار نشاط معين مرفقا عاما، سواء كانت الهيئة التى تتولاه عامة أو خاصة، فهو فى كلتا الحالتين يخضع فى إدارته للسلطة الحاكمة، بمعنى أن تكون الكلمة الأخيرة فى إدارة المشروع، وتنظيمه للسلطة العامة!! ويختلف المركز القانونى للأفراد تبعا لاختلاف الخدمات التى يسديها المرفق العام، وما إذا كانت خدمات مباشرة أو غير مباشرة، فالمرافق ذات الخدمات المباشرة تسدى منافعها بطريقة مباشرة، بتحديد كل منتفع على حدة، كمرفق النقل والتعليم والتليفون وتوزيع الغاز والكهرباء، ويترتب على ذلك قيام روابط مباشرة بين المرفق والمنتفعين بخدماته، بحيث ينتفع هؤلاء الأفراد مما تقدمه المرافق العامة من سلع وخدمات مادية محددة يستحوذ عليها كل منهم، ويختص بها على سبيل الانفراد، بخلاف المرافق الإدارية البحتة التى تسدى خدمات ذات نفع عام، ولا تقدم حاجات مادية محددة، يمكن للأفراد أن يختصوا بها على سبيل الانفراد، كما هو الحال بالنسبة لمرافق الأمن والدفاع والصحة والتعليم، فكل فرد فى الدولة يظله وارف أمنها وحمايتها، وبذلك فإن المرافق التى تقدم خدمة مباشرة هى المرافق الاقتصادية سواء كانت صناعية أو تجارية وأموال هذه المرافق لا تعتبر أموالا عامة، وبالتالى كان يجوز الحجز عليها، ولكن لأن هذه الأموال خصصت لإدارة المرافق العامة، وأصبحت لازمة لحسن سيرها، فقد تدخل المشرع بالنص على عدم جواز اتخاذ إجراءات التنفيذ الجبرى ضدها، تطبيقا لمبدأ دوام سير المرافق العامة حتى تستطيع أن تحقق رسالتها فى خدمة الصالح العام، وقد حدد المشرع مركز المنتفعين بالخدمات المباشرة، فاعتبر نصوص عقد الالتزام بمثابة أحكام لائحية تحكم علاقة الملتزم بعملائه.
وقد تكون الخدمات التى تسديها المرافق العامة غير مباشرة، يقدمها المرفق للأفراد الذين يستفيدون من نشاطه دون تخصيص أفراد محددين، وفى هذه الحالة لا تنشأ روابط مباشرة بين المرفق وأولئك الأفراد، فلا يوجد بين هؤلاء الآخرين والمرفق العام أى عقد أو اتفاق، ولا تستلزم إدارة المرافق العامة وتنظيمها إنشاء صلات خاصة بينهما وبين المنتفعين بخدماتها، فالمرافق الإدارية البحتة تؤدى خدمات ذات نفع عام للجمهور، لا تسدى خدمات مادية محددة يستحوذ عليها الأفراد أو يختصون بها على سبيل الانفراد، وهى بالتالى لا تهدف إلى تحقيق فائدة لشخص معين، وإنما تقدم خدمات للجمهور بدون تحديد.
فكل فرد فى الدولة يستفيد مما يحققه مرفق الأمن من خدمات، ومرفق الدفاع بمجابهة العدوان ورد كيد المعتدين، كما يستفيد الأفراد من المتنزهات المفتوحة لخدمة الجمهور، دون أن تنشأ بسبب هذا الانتفاع رابطة شخصية بين المنتفع والمرفق، وبالتالى فإن مركز المنتفعين إزاء المرافق الإدارية يكون دائما مركزا قانونيا عاما تحكمه القوانين واللوائح المتعلقة بذلك المرفق، ويستمدون حقوقهم فى المطالبة بأداء الخدمة من قانون المرفق ذاته.
ولما كان المرفق العام يعتبر وسيلة الدولة فى أداء خدماتها الأساسية للجمهور وكانت هذه الخدمة تمس الأفراد، فى صميم حياتهم لذلك استقر الأمر على خضوع تلك المرافق لعدد من القواعد الجوهرية: أولها المساواة أمام المرافق العامة وثانيها هو مبدأ دوام سير المرافق العامة بطريقة منتظمة وثالثها هو قابلية هذه المرافق للتعديل، فحق الإدارة فى تغيير أو تعديل نظام المرفق العام، هو حق أصيل لها، فالمرفق إن كان وسيلة لتحقيق الغاية من وجود الدولة ومظهر من مظاهر سلطتها فى تحقيق الصالح العام لكافة الشعب، ومن ثم يجب إحاطته بكافة الضمانات التى تمكنه من أدائها بصورة مطردة ومنتظمة حتى يستطيع الاستمرار فى إسداء الحاجات العامة للجمهور، الذى يعلق أهمية كبيرة على المرافق العامة، وبالتالى فإذا ظهر للإدارة فى أى وقت أن تنظيم المرفق العام لم يعد متفقا مع المصلحة التى أنشئ من أجلها أو أن هناك طريقة أفضل لزيادة كفاءته كان لها أن تجرى ما تشاء من تعديل فى تنظيمه دون أن يكون لأحد من الناس الادعاء بقيام حق مكتسب فى استمرار نظام معين.
إدارة المرفق!
والمرافق العامة متعددة الأنواع، فإذا كان للدولة الكلمة الأخيرة فى إدارة أى مرفق عام، فإن مدى سيطرتها عليه وتدخلها فى شئونه تتوقف على وسيلة إدارته، فقد تكون إدارة المرفق عن طريق الاستغلال المباشر، وهذه الطريقة تفترض أن الدولة أو أحد أشخاص القانون العام الأخرى هى التى تدير المرفق العام مستعينة فى ذلك بأموالها وموظفيها ومستخدمة وسائل القانون العام، فالدولة فى هذه الحالة هى وحدها صاحبة الكلمة فى تسيير المرفق العام بالنسبة لجميع شئونه.
وقد تعهد الدولة أو أحد أشخاص القانون العام الأخرى إلى أحد أشخاص القانون الخاص فردا أو شركة بإدارة مرفق عام اقتصادى واستغلاله لمدة محدودة على مسئوليته وبأمواله وعماله مقابل رسوم يدفعها المنتفعون بخدمات المرفق، وهذه الطريقة تسمى التزام المرافق العامة، فالالتزام عقد إدارى ذو طبيعة خاصة، وموضوعه إدارة مرفق عام، ولا يكون إلا لمدة محدودة ويتحمل الملتزم نفقات المشروع وأخطاره المالية ويتقاضى عوضا فى شكل رسوم يتقاضاها.
وقد تكون الطريقة فى الإدارة عن طريقة الاستغلال المختلط وتنشأ هذه الوسيلة عن طريق اكتتاب السلطات العامة مع أشخاص خاصة فى تكوين شركة مساهمة تتولى إدارة المرفق العام، على أن تشترك الحكومة فى إدارتها، وتتحمل أسوة بغيرها من المساهمين مخاطرها، ويعتبر الاستغلال المختلط بمثابة شركة مساهمة عادية تخضع لأحكام القانون التجارى.
ولا شك أن الدولة أو الأشخاص الاعتبارية العامة تمتلك نوعين من الأموال: الأول: أموال عامة وهى التى تخصص لخدمة المرافق العامة أو لخدمة الجمهور مباشرة وهذه الأموال لا تستطيع أن تحقق الأغراض المرجوة منها إذا بقيت خاضعة لأحكام القانون المدنى التى يسودها مبدأ المساواة والعقد شريعة المتعاقدين لذلك تقررت لها أحكام قانونية خاصة ونظام قانونى يحكمها.
والثانى: أموال خاصة وهذه الأموال تمتلكها الدولة أو غيرها من الأشخاص الإدارية وتستغلها وتتصرف فيها طبقا للتى تخضع لها ملكية الأفراد.
وقد بين المشرع فى القانون المدنى أنه تعتبر أموالا عامة العقارات والمنقولات التى للدولة أو للأشخاص الاعتبارية العامة، والتى تكون مخصصة لمنفعة عامة بالفعل، أو بمقتضى قانون، أو قرار جمهورى أو قرار من الوزير المختص، وهذه الأموال لا يجوز التصرف فيها أو الحجز عليها أو تملكها بالتقادم، كما نص على أن تفقد الأموال العامة صفتها بانتهاء تخصيصها للمنفعة العامة.
وقد عنى المشرع بإسباغ حماية قانونية خاصة على أموال الدولة العامة، فمن ناحية حرم الاعتداء عليها وفرض عقوبات على كل من يخالف النصوص إلى تقرر حماية الأموال العامة، ومن ناحية أخرى حرم التصرف فى هذ الأموال أو الحجز عليها أو تملكها بوضع اليد.
الكنيسة
ولا جدال أن الكنيسة ليست بناء يحتوى على مذبح وهيكل ومقاعد، إنما هى جمهور القديسين الذى يضمه للإيمان القويم والسلوك الحسن، أو هى بمعنى أدق الشعب المؤمن بالمسيح، أو أنها جمهور أناس يعترفون بالإيمان بالمسيح إيمانا قويا حقيقيا واحدا متحدين بالاشتراك فى أسرار واحدة يقضون حياتهم تحت إدارة رعاة قانونيين ورأسهم المسيح ذاته، فالكنيسة لها معنيان أحدهما روحى والآخر حرفى فالروحى هو جماعة المؤمنين بالمسيح، والحرفى هو المكان المشيد للعبادة المسيحية.
والكنيسة بحسب معناها الروحى فيراد بها فى الكتاب المقدس الشعب والرعاة وهى كنيسة واحدة ومقدسة وجامعة ورسولية مبنية على أساس الرسل والأنبياء ويسوع المسيح حجر الزاوية، فهى رسولية من جهة تعليم الإيمان الذى تسلمته من الرب نفسه، ومن رسله القديسين، الذين كانوا منذ البدء معاينين وخداما للكلمة، ورسولية من حفظ هذا التعليم كما هو والتمسك به، ورسولية فى إقامة أو رسامة رعاة الكنيسة، الذين هم خلفاء الرسل رسامة شرعية فهى تأسست منذ العصر الرسولى، وتسلمت تعاليمها من القديس مرقس الرسولى، الذى أخذ التعليم من الرب رأسا ولأنها تسير بحسب تعاليم الرب، ورسله القديسين، ولأنها حافظت على هذا التعليم وإيمانها واحد، وتعليمها واحد، وكل أعضائها يعترفون بالإيمان الواحد، ويشتركون فى أسرار واحدة وتتجه إلى غاية واحدة هى خلاص النفوس.
فإذا كانت الكنيسة القبطية تعد شخصا اعتباريا فى نظر القانون المدنى ويعتبر البابا تواضروس نائبا عنها ومعبرا عن إرادتها، فإنها لا تعد مالا عاما، ولا تعتبر أموالها أموالا عامة، فلا تقوم الحكومة بإدارتها ولا تصرف من الخزانة العامة ما يلزم لحفظها وبقائها.
وبالتالى فإن الكنيسة لا تعدو أن تكون جمهور أناس يعترفون بالإيمان بالمسيح إيمانا قويا حقيقيا واحدا متحدين بالاشتراك فى أسرار واحدة يقضون حياتهم تحت إدارة رعاة قانونين رأسهم المسيح ذاته، تسلموا الإيمان من الرب نفسه، ومن رسله القديسين وحافظوا عليه فكل أعضائها يشتركون فى أسرار واحدة، وتتجه غايتهم إلى غاية واحدة هى خلاص نفوسهم.
وإذا كان القرار الإدارى هو عمل قانونى يصدر عن الإدارة بما لها من سلطة عامة بمقتضى القوانين واللوائح بقصد إحداث أثر قانونى معين ابتغاء مصلحة عامة فإن القرار الذى يصدر من الكنيسة ليس قرارا إداريا، لأن الكنيسة ليست لها أى سلطة عامة، ولم تمنحها لا القوانين ولا اللوائح ثمة سلطة من السلطات التى تتمتع بها جهات الإدارة وإنما التى تصدرها هى قرارات دينية بحتة ابتغاء مصلحة المؤمنين بشريعة السيد المسيح، وليست مصلحة عامة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.