ورثت حب التفصيل عن جدتها، فكانت تأخذ القصاصات المتبقية من حياكة جدتها وتفصل بها ملابس لعرائسها، وعندما كبرت لم تسلك الطريق التقليدى الذى تسلكه معظم الفتيات المصريات فى الالتحاق بالثانوية العامة لكن كان لها طريق آخر وفكر آخر وحلم آخر، حيث التحقت بالثانوى الصناعى لمدة خمس سنوات أسوة بوالدها غير أبهة بكلام الناس لاقتناعها بأن التعليم الفنى له مستقبل كبير فى مصر، أنها إسراء أحمد غويبة «16 عاما» التى فازت فازت فى مسابقة نواة للتعليم الفنى من خلال مشروع مبتكر وهو تصميم أزياء للأشخاص ذوى الإعاقة. إسراء فتاة فى السادسة عشرة من العمر، تدرس بالثانوى الصناعى قسم ملابس جاهزة، عندما كنت صغيرة كانت ترى جدتها دائما تفصل الملابس بشغف وحب دون كلل أو ملل، فكانت تهوى مراقبتها من بعيد وبمجرد أن تنتهى كانت تلملم الفتاة الصغيرة القصاصات المتبقية منها وتقوم بحياكتها بطريقتها الخاصة كملابس لعرائسها التى تملكها، وساعدها ذلك على تعلم فن التفصيل والحياكة ولم تقف إسراء عند حد الموهبة لكنها قامت بصقل هذه الموهبة بالدراسة، فبعد أن أنهت الدراسة بالمرحلة الإعدادية قررت أن تلتحق بالثانوى الفنى الصناعى، حيث قالت: معظم الفتيات بعد الإعدادية يلتحقن بشكل تلقائى بالثانوية العامة ومن بعدها الكلية وهو الطريق المثالى من وجهة نظر كثيرات، لكننى فضلت أن أسلك طريقا مختلفاً وأن أنمى موهبتى بالدراسة، فقررت الالتحاق بالتعليم الفني، إضافة إلى أن والدى كان هو الآخر خريج التعليم الفنى الصناعى وكان كثيراً ما يقول لى خلال مرحلة الإعدادى بنوع من الهزار أننى سأدخل تعليم صناعى ومع مرور الوقت أعجبت بالفكرة بشدة ورغم اعتراض كثير من حولى على هذه الخطوة لكننى أقبلت عليها لاقتناعى التام بها. تعلمت إسراء فن التفصيل والحياكة باحترافية من جدتها وهو الجانب العملى فى دراستها، أما الجانب النظرى فى كالباترون والتصميم فتعلمته من مدرستها حتى أصبحت ماهرة باحترافية، وأوضحت: ذات مرة عندما ذهبت إلى احتفالية خاصة بيوم اليتيم شاهدت مجموعة من الأشخاص ذوى الإعاقة يرتدون ملابس غير متناسقة وليست مهندمة أو مضبوطة عليهم، فشعرت بأننى مسؤولة عن ذلك وجاءت لى فكرة تفصيل ملابس لهذه الفئة تجعل شكلهم أفضل حتى يبدون بمظهر أنيق وجميل مثل جمال روحهم، وبدأت خطواتى العملية بتصميم الموديل ثم رسم الباترون ثم قص القماش وأخيرا الخياطة، لينتج فى النهاية قطع عبارة عن سراويل وبلوزات وفساتين وسلوبيت وتستهدف هذه الأزياء التى صممتها الأطفال ذوى الإعاقة الحركية من سن 4 سنوات وحتى 15 سنة، وهم الذين أتعامل معهم فى الجمعيات الخيرية. نسبة الأشخاص الذين يعانون من إعاقة حركية فى مصر تصل إلى 3.7%، هكذا قالت إسراء وأضافت: تستهدف تصميماتى الأشخاص الذين يعانون من ضمور فى العضلات وتقوس فى الأقدام والذين يملكون كتف أعلى من الثانى أو لديهم وسط مرتفع وكذلك القاعدين، وهؤلاء يجدون ملابسهم بصعوبة لأن كل الملابس الموجودة فى الأسواق مصممة للأسوياء، وعندما علمت بمسابقة نواة فكرت أن أشارك فيها بهذا المشروع ولم أتخيل أننى سأفوز بها، حيث تلقيت خلال فترة المسابقة محاضرات عن التسويق أفادتنى كثيراً، ورغم مشاركة العديد من الشركات الرائدة فى المسابقة لكننى تفوقت على كثير منها بفكرتى. تابعت: تضمنت المسابقة 200 مشروع مختلفين ومتنوعين، وقد مرت المشاريع بتصفيات كثيرة من خلال لجنة التحكيم وفوجئت بأن مشروعى حصل على المركز الثالث على مستوى الجمهورية من ضمن الخمس مشاريع الفائزة التى وصلت للتصفيات النهائية، وقتها شعرت بأنى أسير فى طريق تحقيق أحلامي، لافتة إلى أن مسابقة نواة تقام للعام السادس على التوالى وقد أقيمت هذا العام فى مدينة أسوانجنوب مصر، وهى مسابقة سنوية تدعم رواد الأعمال فى مصر من خلال توفير فرصة للتحدى لرواد المنافسة على مستوى جمهورية مصر العربية وعرض أفكارهم وشركاتهم الناشئة التى تتم اختبارها بناء على عدة عوامل أهمها الاستدامة والأثر المجتمعى والابتكار تحت رعاية وزير التربية والتعليم والتعليم الفنى بالتعاون مع مشروع دعم وإصلاح التعليم الفنى TVETEGYPT. تصميمات إسراء تذهب لجمعيتين خيريتين، إحداهما فى منطقة المطرية والأخرى فى المرج بالقاهرة، وتحلم الفتاة الصغيرة بأن تغطى تصميماتها جميع أنحاء جمهورية مصر العربية، كما تحلم بأن يكون لديها براند عالمية معروفة داخل وخارج مصر لا تشمل ذوى الإعاقة فقط، بل تشمل الأسوياء وأن تصمم لهم سواريه وكاجوال.