لولا صُروف الدهر لما سقطت الأقنعة، وتهدمت القيم والثوابت، ففى الوقت الذى يحتفل فيه العالم ب«اليوم العالمى لحقوق الإنسان»، نجد الكثير من الدول التى تتغنى بنضالها ودفاعها عن حقوق الإنسان فى الدول الفقيرة، هى أول من ينتهك تلك الحقوق، ليس هذا فحسب، بل تركت الفقراء بالدول النامية فريسة لفيروس «كورونا»، بعدما استأثرت لنفسها بالنسبة الأكبر من اللقاحات الخاصة بالفيروس. ففى أوروبا وأمريكا، عواصم حقوق الإنسان فى العالم، وأغلب دول شرق آسيا، بدأ استخدام لقاح فيروس كورونا، حيث تم توفيره بأعداد كبيرة، لكن 67 دولة نامية وفقيرة لم تجد سوى جرعة واحدة لكل 10 أشخاص، وذلك بعد عام من الآن. فيما طالبت منظمة «أوكسفام» للأعمال الخيرية ومنظمة العفو الدولية، بالحصول على اللقاحات بتكلفة منخفضة، بعيدًا عن مبدأ الدول الغنية والفقيرة، ونجحوا فى تجميع 700 مليون جرعة لقاح من مطورى اللقاحات، لكن تلك الكمية لا تكفى 3.6 مليار مواطن فى 92 دولة منخفضة ومتوسطة الدخل. الجائحة، أسقطت قناع القيم عن كثير من الدول، فرغم أنه أزمة عالمية تتطلب حلًا عالميًا، حتى يتوقف الانهيار الاقتصادي، لكن البلدان الغنية حصلت على النسبة الأكبر للقاح، وبعضها وفر جرعات تكفى لتطعيم شخص ثلاث مرات، فى حين أن الدول الفقيرة لم تحصل حتى على لقاحات تكفى الأطقم الطبية والصحية، ففى كندا تم توفير جرعات كافية لتطعيم كل مواطن خمس مرات، وفى المقابل هناك 70 دولة منخفضة الدخل سيحصل فيها شخص واحد من بين 10 أشخاص على جرعة واحدة فقط وذلك خلال العام المقبل، حيث اشترت الدول الغنية التى يمثل تعدادها 14٪ فقط من إجمالى سكان العالم، 53٪ من جميع اللقاحات الواعدة حتى الآن.