لعل ما نشاهده اليوم في الساحة السياسية المصرية هو تأكيد (لسمة مصرية) أصيلة، هي سمة خلط الأوراق! فحينما نتحدث عن التعليم مثلاً مع مسئول يحادثك عن سوء الأخلاق وعدم انتظام أعضاء هيئات التدريس! وحينما نتحدث عن أزمة المرور والكثافات المرورية غير المسبوقة، نتيجة عيوب في تصميم هندسة المرور (طرق، ومعابر، وإشارات) وفي استخدامات غير رشيدة للشارع المصري، واستعمار الأرصفة من الباعة الجائلين، نجد المسئول يتحدث معك عن توجيهات السيد مدير المرور والسيد الوزير، وأن هناك من يحاول الإساءة للمسئولين في الداخلية، رغم جهدهم الرائع وغيره من دفوع ليست هي محور الحديث، أو طرح المشكلة وإيجاد حلول لها! نفس الشيء اليوم حينما نتحدث عن مستقبل هذا البلد وفي ظل مناخ ثوري، نجد من يعود بنا أو يحاول الرجوع إلي الخلف بهذا الوطن، نحن قمنا بل الأكيد أن شباب مصر قاد الشعب جميعه لكي يتقدم متخطياً عشرات الخطوات قفزاً لكي يلحق بمن سبقونا في حلبة الحياة المعاصرة، وتقدموا علينا نتيجة تباطؤ ونتيجة تقاعس إدارة هذا الوطن في أن يبلغونا مصاف الأمم الراقية والمحترمة. في هذه الأجواء نجد أن البرلمان الثوري الذي جاء بدماء الشهداء، يغلب علي بعض أعضائه من يريد أن يعيدنا إلي شكليات ليس لها مكان في مضمون الإرادة السياسية المصرية التي نسعي إليها، وقامت من أجلها الثورة، فنحن نريد التحدث عن مستقبل هذا الوطن، كفانا حديث عن الماضي وعن تخلفنا، فليشكل مجلس الشعب لجان شفافة منتخبة من المجلس النيابي لكي تضع أمامه فيما بعد نتيجة تحقيقاتها كل التوصيات الواجب اتخاذ قرارات فيها، ولنترك الماضي جانباً ونتطلع إلي المستقبل، وأول ما يواجهنا هو رؤيتنا للدستور القادم، والتوافق عليه دون خلاف علي صغائر الأمور، فكبائرها هي مستقبل البلاد وتطويره، وتقدمه، وإيجاد فرص لتشغيل أبنائنا وإصلاح منظومة تعليمنا، وإعلامنا وزراعتنا، وصحتنا، ومرورنا، ومبانينا وإسكاننا وغيرها. كل ذلك هو بيت القصيد والهدف الذي يجب أن يسعي إليها كل مسئولي هذا الوطن، وكل هذا الشعب وعلي رأسهم من تم انتخابهم لتوليهم إدارة تشريعات وقوانين ورقابة إدارة هذا الوطن، فحينما نتحدث عن مؤشر نمو اقتصاد الوطن الذي انهار، لا تحدثني عن أن الثورة هي التي أخافت العالم من الحضور في سياحة عالمية قاصدة بلادنا. أبداً هذا خلط للأوراق، فالسياحة العالمية وضعت ميدان التحرير ضمن أجندة الزيارات المطلوبة للراغبين في زيارة مصر، أصبح ميدان التحرير مقصداً سياحياً مهماً للأجانب، بل للمصريين العائدين والقائمين في أقاصي البلاد. هذا خلط للأوراق، لقد كان للثورة المصرية أثر بالغ في أن تزدهر السياحة إلي مصر، بعد أن قال عنها كل زعماء العالم إنها متميزة ومتفردة، وتغيرت شعوب العالم بل وقلدوا فيها الشباب المصري حينما أرادوا التغيير في شئون بلادهم. ألا يجب نخلط الأوراق، يجب أن نتغاضي عن هذه السمة المصرية، فحينما نتحدث عن مستقبل هذا الوطن، يجب أن نتذكر أيام وحدة شعب مصر التي ظهرت جلياً حتي يوم 25 يناير 2012، يوم عيد الثورة الأول، إن كان من المفترض أن نسميها «ثورة» فهي حتي اليوم لم تحقق أهداف تحقق إسمها «كثورة»!