أنا رجل فى العقد الرابع من العمر، حاصل على مؤهل فوق متوسط، تزوجت من جارتنا التى أحببتها منذ الصغر واجتهدت فى تجارتى مع أبى لإقناعه بأننى جدير بالزواج منها فى سن العشرين، وهو كان متحفظًا على شخصيتى ويعتبرنى ضعيف الخبرات وغير مؤهل للارتباط، بينما كانت بنت الجيران تسيطر تمامًا على تفكيرى وتدفعنى لعمل أى شىء من أجل الظفر بها. بالفعل سيدى الفاضل بعد إلحاح منى ومن والدتى وافق أبى وتم عقد قراننا برغم تحذيره المتواصل من ضعف شخصية والد زوجتى وسيطرة حماتى عليه، لكننى لم أقتنع بهذا الكلام وتزوجت وأنجبت من حبيبتى ولدين وبنتين بمراحل التعليم المختلفة، لا أنكر أنها ست بيت رائعة وجديرة بى حقًا لكنها فى الوقت نفسه تعشق النكد والهم واختلاق المشكلات بسبب ارتباطها الشديد بوالدتها واستشارتها فى كل شيء، وأنا كنت دائمًا أتلاشى الصدام معها بسبب حبى الشديد لها وعدم تضررى كثيرًا من بعض طلباتها التى كانت حلولها مادية، وهذا أمر يسير مقارنة بظروف تجارتى الرائجة بفضل الله - لكنها وصلت لمرحلة الشعور بأن استجابتى لطلباتها أو أوامرها هو حق مكتسب وبأن زوجها كالخاتم فى إصبعها كما يقولون. بداية الصدام كان مع انتهاء ابننا من المرحلة الثانوية بمجموع لا يؤهله لدخول إحدى الكليات العملية التى كانت تطمح فى إلحاقه بها، رغم يقينها بتواضع قدراته التحصيلية وربما هو نفسه يعرف ذلك إلا أنه لا يريد إغضابها أو كسر خاطرها برفضه، وعندما واجهتها بهذا الأمر اتهمتنى بالبخل وانعدام الطموح ثم تركت المنزل والأولاد باكية وذهبت لبيت أبيها منذ شهر تقريبًا، وأنا لا أريد الذهاب إليها وإعادتها إلى بيتى بل لا أخفيك سرًا أستاذ أحمد بأننى أفكر فى الزواج من أخرى كرد فعل طبيعى على غطرستها وضغطها المتواصل واستغلالها لحبى ومحاربتى أهلى منذ البداية كى تكون معى، ومن جهة أخرى لا أضمن رد فعلها إذا تزوجت بأخرى وكسرتها وكسرت قلب بناتى وأولادى معها، وابنى الكبير يعرض علىَّ حلًا آخر بعدم دخوله تلك الكلية على أن يقنعها هو بالعودة، فماذا أفعل سيدى الفاضل!؟ إمضاء خ.ى عزيزتى و. ث تحية طيبة وبعد... مشكلتك هى مشكلة الكثيرين من الأزواج المعاصرين، وتتلخص فى الافتقاد لحاسة تذوق فنون واجتماعيات الحياة الزوجية بجمالها وأناقتها وروحها الفضفاضة. وإذا رجعنا بذاكرتنا للوراء عندما كنا صغارًا وآباؤنا وأمهاتنا فى بداية حياتهم من المؤكد أننا سنتذكر على الفور بعض من المواقف التى قدموا خلالها بعض التنازلات والتضحيات لتستمر حياتهم بلا تعقيد كما اعتادوها بزمانهم الجميل، أما الآن فإن التسرع فى رد الفعل وتصيد الأخطاء والنرجسية وتصلب الرأى أصبحت هى نوايا مبيتة ومسيطرة على طرفى تلك العلاقة المقدسة، ما دفع بأجيال وأجيال إلى حافة الهاوية، ويفسر ذلك الإتجاه المتعنت ما وصلنا إليه من تعدد حالات الطلاق بشكل مفجع، ليدفع الثمن فى النهاية الأزواج والزوجات والأطفال أيضًا الذين يختلط لديهم المفهوم الحقيقى لهذا الإرتباط ويتحول من رمز للعطاء والتجرد إلى الغلظة والأنانية والتبلد، فيكون خيار وأد تلك العلاقة المقدسة فى مهدها هو الأسهل والأسرع دون تفكير فى تبعاته المدمرة، لذا عزيزى الزوج لاتنسى السبب الأساسى لإرتباطك بزوجتك وأم ابنائك وهو الحب الذى جمع بينكم ودفعك لبذل مجهود مضاعف من أجل أن تشاركك أم العيال حياتك، من المؤكد أنها تبادلك نفس مشاعر الإحترام والقناعة بكيانك كحبيب قبل أن تكون أبًا لأبنائها الأربعة، لكنها رتوش أو خلافات بسيطة فى وجهات النظر تتطلب التصميم على تخطيها بإرادة، وأنا أرى أن زيارتك لزوجتك ببيت أهلها سيكون هو المفتاح السحرى لحل هذا الخلاف الدائر بينكم ووضع الأمور فى نصابها الصحيح، فأنت والحمدلله من الله عليك بتجارة تستطيع من خلالها الوفاء بمصروفات دراسة ابنك بإحدى الكليات العملية الخاصة كما تتمنى والدته - مع العلم بأن رغبته وقدراته لا تتفق مع العلوم المقدمة بتلك الكلية كما ذكرت، وهذة النقطة تحديدا هى ما يجب أن تؤسس عليها مبرراتك لرفض هذة الفكرة بدلاً من الرفض دون تبرير، مما أظهرك متعنت مع زوجتك. ومن المستحب أن يكون لإبنك نفسه دوراً بتوجهه إلى والدته وشرح موقفه وخوفه من خوض تلك التجربة لأنها قد تزلزل ثقته بنفسه إذا فشل فيها، وهى سوف تتفهم وجهة نظره بكل تأكيد، بل ربما يستطيع القيام بدور مزدوج ومحورى لرأب صدع علاقتكم المتوترة بتأكيده لوالدته بأنه هو من لا يرغب فى تكملة دراسته الخاصة لأنها لا تناسبه وليس أنت - لأنك لم توضح لها هذا الأمر ببساطة منذ البداية،،، أخيرا أنصحك بعدم التفكير فى الزواج للرد على ما تراه غطرسة من زوجتك، لأن هذا التفسير خاطئ تماما ولا يمت للحقيقة بصلة - بل هو قلة خبرة منها وطموح ليس فى محلة وغير متوافق مع إمكانيات ابنكم. وكن على يقين بحقيقة هامة - هى أن الزواج الثانى بغير سبب وجيه هو تدمير للشركة الأولى وخسارة لأرواح لها الحق فى الحياة السوية والسعيدة فى كنف رب أسرة مسئول ومعطاء.