قال على سرحان باحث أثرى بكلية الآثار جامعة جنوب الوادى إنه اهتم المصرى القديم بالاحتفالات والأعياد وعشقوها وكانوا من أول شعوب العالم احتفالا بها وكانت الأعياد كثيرة جدا وكانت تصنف إلى «أعياد السماء» وهى التى تضم التقويم الفلكى والتقويم القمرى «أعياد دنيوية أو حياتية» وتضم الأعياد القومية والمحلية والموسمية والسياسية والدينية والجنائزية وغيرها، وإلى جانب تلك الأعياد كانت هناك الأعياد الملكية وكانت من أهم الأعياد فى حياة المصرى القديم واحتفلوا بيوم مولد الملك ويوم جلوسه على العرش ويوم تمام الملك العيد الثلاثين فى الحكم. اما عن مظاهر الاحتفال بالأعياد لم تختلف كثيرا عن الوقت الحالي، حيث كان الطعام هو القاسم المشترك فى كل أعيادهم فكانوا يتناولون أشهى الأطعمة وأغلاها ثمنا خلال أعيادهم والتى كانت تُنحر فيها الذبائح من الثيران والبقر ويتم توزيعها من قِبل الكتبة وفق جداول معلومة، كذلك ارتبط العيد فى أذهاننا منذ الصغر بصينية الكعك المحلى بالسكر اللذيذ وحولها البسكويت والغُريبة وحلويات العيد الأخري، التى توارثناها جيلاً وراء الأخر، لكن هل تعرفون ما هى حكاية كحك العيد؟ وكيف أصبح عادة منذ قديم العصور حتى وقتنا الحالى. يعتبر الكعك من أهم مظاهر الاحتفالات الخاصة بعيد الفطر وعيد الأضحى المبارك، فلا يمكن أن نتصور العيد بدون كعك، ومن عهد المصريين القدماء إلى الآن أخذ كعك العيد أشكالا كثيرة ومثل أيقونة الفرحة عند المصريين، لكل شىء فى مصر تاريخ حتى كعك العيد فهو يعتبر موروثا عتيقا يعود تاريخه ل 5000سنة، فكانت البداية الحقيقة تحديدا أيام المصريين القدماء، فقد اعتادت زوجات الملوك على تقديم الكعك للكهنة القائمين على حراسة هرم خوفو فى يوم تعامد الشمس على حجرة خوفو. واكتشفت صور لصناعة كعك العيد تفصيليا فى مقابر طيبة ومنف، من بينها صور تشرح أن عسل النحل كان يخلط بالسمن، ويقلب على النار ثم يضاف على الدقيق ويقلب حتى يتحول إلى عجينة يسهل تشكيلها وأحيانا كانوا يقومون بحشو الكعك بالتمر المجفف “العجوة» حيث كان الخبازون فى البلاط الفرعونى يحسنون صنعه بأشكال مختلفة مثل: اللولبى والمخروطى والمستطيل والمستدير،واستخدم المصرى القديم كلمة «حب» وتعنى عيد وكلمة «حب نفر» وتعنى «عيدا سعيدا» وكانت الأعياد تسجل عادتا داخل المعابد فى صالات الاحتفالات، وكانت تكتب أحيانا على ورق البردي، وكانت توضع على مكتبة المعبد «بر عنخ» مثل قوائم الاعياد. ثم ارتبط الكعك بالعيد فى ظل العصور الإسلامية، وأهمها «الطولونيين» الذين كانوا يصنعونه فى قوالب خاصة مكتوب عليها «كل وأشكر» ووصل اهتمام الفاطميين بالكعك إلى الحد الذى جعلهم يخصصون ديوانا حكوميا خاصا عرف ب»دار الفطرة « كان يختص بتجهيز الكميات اللازمة من الكعك والحلوى وكعب الغزال، وكان العمل فى هذه الكميات يبدأ من شهر رجب وحتى منتصف رمضان استعدادا للاحتفال الكبير الذى يحضره الخليفة. وكانت تُرصد لهذه الكمية ميزانية ضخمة تصل إلى 16 ألف دينار ذهبي، وكانت مائدة الخليفة العزيز الفاطمى يبلغ طولها 1350 مترا وتحمل 60 صنفا من الكحك والغريبة، وكان الخبازون يتفننون فى صناعة الكحك مستخدمين أطنانا من الدقيق والسكر واللوز والجوز والفستق والسمسم والعسل وماء الورد والمسك والكافور، وعلى الرغم من كل محاولات صلاح الدين الأيوبى للقضاء على كل ما يمت بصلة للخلافة الفاطمية، إلا أنه فشل فى القضاء على ظاهرة كحك العيد التى لا تزال أحد مظاهر العيد الأساسية ولما جاء المماليك اهتموا بالكحك، واهتموا بتوزيعه على الفقراء واعتبروه من الصدقات، وفى متحف الفن الإسلامى بالقاهرة فى مصر توجد قوالب الكعك عليها عبارات «كل هنيئا واشكر» و«كل واشكر مولاك» وعبارات أخرى تحمل نفس المعنى.. وتمر العصور ويظل للكحك فرحه لا تنتهى للكبير ولا الصغير.