ترتبط الأعياد دائمًا بالكحك الذي تحرس الأسر على صناعته أو شرائه، وكانت البداية الحقيقة لظهوره منذ ما يقرب من خمسة آلاف سنة، تحديدا أيام الفراعنة القدماء. واعتادت زوجات الملوك على تقديم الكعك للكهنة القائمة لحراسة الهرم خوفو في يوم تعامد الشمس علي حجرة الملك، وكان الخبَّازون في البلاط الفرعوني يتقنون صنعه بأشكال مختلفة مثل اللولبي والمخروطي والمستطيل والمستدير، ووصلت أشكاله إلى 100 نُقشت بأشكال متعددة على مقبرة الوزير "خميرع" من الأسرة الثامنة عشر، وكان يُسمى بالقُرص، حيث كانوا يشكلون الكعك على هيئة أقراص على شكل تميمة الإلهة "ست". كما وردت في أسطورة إيزيس وإيزوريس، وهي من التمائم السحرية التي تفتح للميت أبواب الجنة، وكانوا يتقنون تصنيعه على مختلف الأشكال الهندسية والزخرفية، وبعضه على شكل حيوانات أو أوراق الشجر والزهور، وكانوا يرسمون على الكعك صورة الشمس الإله رع، ما يؤكد أن صناعة الكعك امتداد للتقاليد الموروثة. ويذكر التاريخ الإسلامي أن كعك العيد برز في عصر الطولونيين الذين كانوا يصنعونه في قوالب خاصة مكتوب عليها "كل واشكر"، واحتل مكانة مهمة في عصرهم، وأصبح من أهم مظاهر الاحتفال بعيد الفطر. أما في عهد الدولة الإخشيدية،كان أبو بكر محمد بن علي المادراني، وزير الدولة الإخشيدية، صنع كعكا في أحد أعياد الفطر، وحشاه بالدنانير الذهبية، وأطلقوا عليه وقتئذ اسم أفطن إليه أي انتبه للمفاجأة التي فيه، لكن تم تحريف الاسم إلى "انطونلة"، وتعتبر كعكة "أنطونلة" أشهر كعكة ظهرت في هذا الوقت، وكانت تقدم في دار الفقراء على مائدة 200 متر وعرضها 7 أمتار. وفي عهد الدولة الفاطمية، كان الخليفة يخصص مبلغ 20 ألف دينار لعمل كعك عيد الفطر، فكانت المصانع تتفرغ لصنعه بداية من منتصف شهر رجب، وملأ مخازن السلطان به، وكان الخليفة يتولى توزيعه بنفسه. ويذكر أن مائدة الخليفة العزيز الفاطمي يبلغ طولها 1350 مترًا وتحمل60 صنفًا من الكعك والغريبة، وكان حجم الكعكة الواحدة في حجم رغيف الخبز، وأطلق على عيد الفطر "عيد الحُلل" لأنه كان يُخصص 16 ألف دينار لإعداد ملابس لأفراد الشعب بالمجان، وخصصوا من أجل صناعته إدارة حكومية تسمى دار الفطرة، كانت تقوم بتجهيزه وتوزيعه، وكان الشعب يقف أمام أبواب القصر الكبير عندما يحل العيد ليحصل كل فرد علي نصيبه، واستمر هذا التقليد حتى أصبح حقا من حقوق الفقراء. ونقدم في "حكاية صورة" كحك العيد وهو ضيف على مائدة فناني الزمن الجميل.