بدأ الاهتمام بالثقافة العربية لدى الدوائر الصهيونية فى فلسطين عقب إنشاء مدرسة الدراسات الشرقية مع المعاهد الأولى فى الجامعة العبرية بالقدس عام 1926. وتم التركيز على تدريس اللغة العربية القديمة والحضارة الإسلامية والدين والفلسفة والفن وعلم الآثار والتاريخ القديم للإسلام والبلدان الإسلامية،وفى النصف الثانى من القرن العشرين تم إدخال اللغة العربية والأدب العربى ضمن حلقة الدراسة، بالإضافة إلى اللغتين التركية والفارسية. وفى العام 1962 تم تدشين معهد الدراسات الأفريقية والآسيوية بالجامعة العبرية فى القدس ويمنح المعهد الدكتوراه فى اللغة العربية وآدابها، وتحتل الدراسات العربية مركز الصدارة فى المعهد .كما يوجد قسم للغة العربية وآدابها وقسم للتاريخ العربى والإسلامى فى جامعة حيفا. كما يوجد أقسام متخصصة للتاريخ العربى وللأدب العربى بجميع مراحله فى جامعة تل أبيب. وكانت الفرصة متاحة للإسرائليين للقيام بدراساتهم عن الثقافة العربية والإسلامية فى العالم العربى بسبب ظروف الصراع العربى الإسرائيلى والنزاعات المستمرة، واستفادت إسرائيل من هجرة يهود البلاد العربية والإسلامية إلى إسرائيل بعد قيام الدولة عام 1948 مما أتاح لهم مخزونا هائلا من الخبرات البشرية التى عاشت لقرون عديدة فى هذه البلاد وتجيد لغة وثقافة هذه البلاد .كما أن خضوع عدد كبير من عرب فلسطين «عرب إسرائيل» للسلطة الإسرائيلية بعد حرب 1948 وخضوع عدد كبير آخر من الضفة الغربية وقطاع غزة بعد حرب 1967 للاحتلال الإسرائيلى ،مما أتاح للباحثين والأكاديميين الإسرائيليين فرصة الاهتمام بعمل أبحاث ودراسات فى مجال علم الاجتماع والتاريخ الاجتماعى ودراسة اللهجات العربية والتقاليد والعادات والفلكلور.كما تضم المكتبات الإسرائيلية مجموعة مميزة من الكتب والمخطوطات العربية القديمة والجديدة وكل ما يصدر فى العالم العربى من إصدارات، كما قام عدد من المستشرقين الأوروبيين من أصول يهودية بإهداء مكتباتهم الغنية للمكتبة القومية فى جامعة القدس، من أبرزهم المستشرق اليهودى المجرى جولد تسيهر. وتعد اللغة العربية أحد مشاغل السياسة الخارجية الإسرائيلية سواء فى وقت الحرب أو وقت السلام ،كما أن الإعلام الإسرائيلى كان فى حاجة إلى أجيال من المترجمين والمعلقين والمحللين لأن أخبار العالم العربى تحتل مكانة مهمة فى وسائل الإعلام الإسرائيلية. كما أن معرفة اللغة العربية تشكل عنصراً أساسياً فى الدراسة المعممة للعبرية ؛نظرا للتقارب بين العبرية والعربية ولأصلهما اللغوى المشترك كلغات سامية.ولا يمكن دراسة العبرية والتوراة والأدب العبرى القديم دون الإلمام بالعربية، كما أن التاريخ اليهودى وثيق الارتباط بالتاريخ العربي؛لأن قسماً كبيراً من اليهود عاش فى بلدان تتحدث بالعربية لحقبة طويلة من الزمن مثل الأندلس فى العصور الوسطى حيث كان للحضارة العربية عميق الأثر فى الشعر والفلسفة وغيرها من فروع الثقافة العبرية. وقد ترجمت معانى القرآن الكريم إلى العبرية لأول مرة عام 1857وأنجزها تسفى حييم راكونورف أستاذ اللغات السامية بجامعة هايدلبرج الألمانية،ثم أعقبتها ترجمة يوسف ريفلين1890- 1971 أستاذ العربية والعبرية فى الجامعة العبرية فى القدس وقد صدرت هذه الترجمة عام 1936 وأعيدت طباعتها عام 1963، كما قام ريفلين بترجمة سيرة ابن هشام للعبرية وترجم مختارات من شعر عنترة بن شداد، وترجم كتاب ألف ليلة وليلة بالكامل فى ثلاثين جزءاً خلال السنوات ( 1947- 1971). وفى العام 1972 صدرت ترجمة أخرى لمعانى القرآن الكريم لأهارون بن شيمش متبعاً طريقة فريدة فى الترجمة، أعاد بها تقسيم الآيات، بأن ترجم كل خمس آيات معاً دفعة واحدة، دون مراعاة للتقسيم المعتمد للآيات فى القرآن، وأنجز إبراهيم المالح (1885- 1967) ترجمة كتاب «كليلة ودمنة» لابن المقفع.كما تمت ترجمة كتاب «المنقذ من الضلال» للإمام الغزالى عام 1965، ومقدمة ابن خلدون عام 1966 على يد إيمانويل كوفبلفيتش، وكتاب «أنساب الأشراف» للبلاذرى، وتحقيق كتاب «أدب المريدين» لأبى نجيب عبدالقاهر السهروردى، و«حوار مع أدب الصوفية، عيوب النفس ومداواتها»، و«ذم الدنيا» لأبى الدنيا، و«الأحاديث الحسان فى فضل الطيلسان» لجلال الدين السيوطى، وكتاب «جوامع آداب الصوفية» للسلمى، وكتاب «فضائل بيت المقدس» لأبى محمد بن محمد الواسطى. كما قام أشيرجورين بترجمة مختارات من المعلقات وقصائد من الشعر الجاهلى والأموى والعباسى والأندلسى عام 1970 تحت عنوان «أشعار العرب». وهذه القائمة تكشف إلى حد كبير مدى اهتمام دوائر دراسة الأدب والثقافة العربية القديمة فى إسرائيل، من خلال ترجمة العديد من أمهات الكتب فى التراث والفكر العربى القديم إلى العبرية ، مع كتابة مقدمات وافية عن العمل المترجم تكشف إلى حد كبير عن مدى تعمق هؤلاء المتخصصين فى دراسة وفهم هذه الأعمال التى اختاروها للترجمة، وعن جهد استشراقى إسرائيلى مبكر. وإذا انتقلنا بعد ذلك إلى الترجمات العبرية للأدب العربى الحديث والمعاصر،فسوف نجد أن الاهتمام بالأدب العربى الحديث ،وهوأدب حديث النشأة إلى حد ما، حيث تعود نشأته إلى القرن التاسع عشر فى مجال الشعر، وتعود نشأة الأدب النثرى فيه إلى الربع الأول من القرن العشرين، هذا الاهتمام وجد صدى ملموسا لدى الدارسين العبريين اعتبارا من عشرينيات القرن العشرين. وقد ذكر الدكتور طه حسين فى مقابلة له مع التليفزيون المصرى، قبل وفاته، أن أول ترجمة لكتاب «الأيام» كانت الترجمة العبرية وأنجزها كابيلوك عام 1931 بعد صدور الجزء الأول من هذا العمل بالعربية بفترة وجيزةوقد استقبلها جمهور القراء العبريين بحفاوة شديدة، وألحق جزء من هذه الترجمة فى بعض الكتب الدراسية التى تدرس فى المدارس العبرية. وفى عام 1953 ترجم شموئيل رجولانت مختارات من قصص محمود تيمور تحت عنوان «إلى جنة عدن» وتضم ثلاثة عشر قصة تصف حياة الشعب فى الأحياء الفقيرة بالقاهرة بالإضافة إلى خمس قصص قصيرة لأدباء لبنانيين أمثال توفيق عواد وميخائيل نعيمة. وفى العام 1954 صدرت فى تل أبيب ترجمة عبرية لمجموعة قصص قصيرة مصرية قام بها كل من إسحق شموش، وباروخ موران تحت عنوان «سلة مصرية» ضمت عدداً من القصص القصيرة لمحمود تيمور ومحمود طاهر لاشين وإبراهيم عبدالقادر المازنى، وقصص لسيد قطب، وعبدالرحمن الشرقاوى وأمينة السعيد وبنت الشاطىء وصوفى عبدالله ومخلص إبراهيم. وقد اهتم الصهاينة بترجمة الأعمال الروائية للكتاب المصريين المشهورين؛ لأن الرواية تقدم صورة شاملة للمجتمع أكثر من جميع أجناس الأدب الأخرى وكان توفيق الحكيم على رأس هؤلاء الأدباء الذين حظوا بهذا الاهتمام ولما كانت له من شهرة باعتبار أنه كان أشهر كتاب الدراما والرواية فى مصر فى حقبة الأربعينيات والخمسينيات من القرن العشرين وقد ترجمت له فى البداية إلى العبرية بعض مسرحياته القصيرة. وقد أجريت مفاوضات معه عام 1947 لعرض بعض هذه المسرحيات على خشبة المسرح القومى الإسرائيلى «هبيما»، ولكن المفاوضات توقفت بسبب نشوب حرب 1948. وقد ترجم مناحم كابيلوك أولى روايات الحكيم «يوميات نائب فى الأرياف» وصدرت بالعبرية عام 1945، وبعض قصص لمحمود تيمور ومقال للدكتورة بنت الشاطىء عن الفلاح المصرى. والرواية الثانية للحكيم «عودة الروح» التى صدرت فى طبعتها العربية لأول مرة عام 1933، قام بترجمتها رجولانت إلى العبرية وصدرت عام 1975 تحت عنوان «وشاعت روح أخرى». وترجمت للحكيم أيضا مسرحيته «يا طالع الشجرة» عام 1978 ونقلتها للعبرية دكتورة حنا عاميت كوخابى، أستاذة الأدب العربى الحديث فى جامعة تل أبيب. كما حظى أديب نوبل نجيب محفوظ بنصيب الأسد من الترجمات العربية إلى العبرية حيث ترجمت روايته «زقاق المدق» إلى العبرية عام 1969 تحت عنوان «زقاق فى القاهرة» وقام بالترجمة إسحق شرايبر. وفى عام 1970 صدرت ترجمة رواية «اللص والكلاب» وأنجز الترجمة كابيلوك، وصدرت مع الرواية ترجمة لخمس قصص قصيرة لمحفوظ من بينها قصة «الزعبلاوى»، وترجم يواف جبعاتى رواية «الحب والمطر» عام 1977. وقام سامى ميخائيل الأديب اليهودى العراقى الأصل بترجمة الجزء الأول من ثلاثية نجيب محفوظ عام 1981 تحت عنوان «بيت فى القاهرة»، و«الشحاذ» ترجمة حنيتا بران،عام 1978، و«ثرثرة فوق النيل» ترجمة ميخائيل سلاع عام 1982، و«ميرامار» ترجمة إسحق شينبويم عام 1983 وترجم سامى ميحائيل الجزء الثانى من الثلاثية «قصر الشوق» تحت نفس العنوان السابق «بيت فى القاهرة- الجزء الثانى- كمال» عام 1984، ثم أنجز ترجمة الجزء الثالث تحت عنوان «بيت فى القاهرة- الجزء الثالث». وأخيراً رواية «أولاد حارتنا» ترجمة دافيد سيجف عام 1990. كما ترجمت بعض أعمال يوسف إدريس للعبرية مثل رواية «العيب» التى صدرت عام 1970، بالإضافة إلى اثنتى عشرة قصة قصيرة بترجمة طوبيا شموش، منها: أرخص ليالى، ونظرة، طبيلة من السما، كما ترجمت قصة «جمهورية فرحات» وترجمها ساسون سوميخ. كما صدرت ترجمة رواية «النداهة» لاسحق شينبويم عام 1989. وروايت يوسف إدريس تتناول واقع الريف المصرى وقاع المدينة .كما ترجمت رواية «الجبل» لفتحى غانم عام 1988، بواسطة عامى إلعاد. كما ترجمت رواية «سقوط الإمام» لنوال السعداوى عام 1991 بواسطة راحيل حلبة. كما ترجمت رواية «الحرب فى بر مصر» ليوسف القعيد 1988. كما ترجمت راحيل حلبة أعمال جبران خليل جبران ,ترجم يهوشع حلميش رواية «أنا أحياء» للكاتبة ليلى بعلبكى 1961، ورواية «طواحين بيروت» 1972 للأديب اللبنانى توفيق يوسف عواد والذى لقى مصرعه فى الحرب الأهلية اللبنانية عام 1989، وصدرت بالعبرية تحت عنوان «الموت فى بيروت». كما ترجم قصائد لعدد من الشعراء العرب أمثال: أدونيس ويوسف الحاج،وأنسى الحاج، ونزار قبانى ومحمد الماغوط،وعبد الوهاب البياتى، وبدر شاكر السياب،ونازك الملائكة. ومن الأدب الفلسطينى ترجم أنطوان شماس ثلاث روايات لإميل حبيبى هى: «اختفاء أبو النحس المتشائل» (1988)، و«أخطية» (1919) و«سرايا بنت الشيطان» (1993)، وترجمت رواية «رجال تحت الشمس» لغسان كنفانى. كما ترجمت روايتى: «الصبر»، و«دوران الشمس» لسحر خليفة.كما ترجمت قصائد للشعراء الفلسطينيين أمثال: معين بسيسو، وسهام داود، وفدوى طوقان، التى ترجمت سيرتها الذاتية «الطريق الجبلى» إلى العبرية بواسطة راحيل حلبى. وترجم لمحمود درويش ثلاثة دواوين ومختارات من شعره:ديوان «ذكرى النسيان» (1989) والرسائل المتبادلة بينه وبين سميح القاسم بعنوان «بين شطرى برتقالة» (1991). ومن الأدب السودانى ترجمت رواية «موسم الهجرة إلى الشمال» للطيب صالح،ومن الأدب السعودى» الأشجار واغتيال مرزوق «لعبدالرحمن منيف. ومن الأدب السورى «حكماء الظلام» لسالم بركات. وترجمت مسرحية «عندما يلعب الرجال» لسعد الله ونوس عام 1994. وترجمت رواية عزازيل ليوسف زيدان للعبرية عام 2009، وبنات الرياض للروائية اسعودية رجاء الصانع. وبالرغم من أن حركة الترجمة فى بدايتها لم تكن خاضعة لسياسة محددة موجهة فى عملية الاختيار وكانت تخضع لاختيار المترجم بعيداً عن أية اعتبارات ايديولوجية أو سياسية أو فكرية.