منذ اندلاع حركة الاحتجاجات فى سوريا ضد الرئيس بشار الاسد ونظام حكم البعث فى مارس من العام الماضى 2011 سقط أكثر من خمسة الاف قتيل برصاص الجيش السورى وأصيب أضعاف هذا الرقم وفتحت السجون والمعتقلات لعشرات الالاف غيرهم الذين تعرضوا لابشع أنواع التعذيب والانتهاكات لكرامة الانسان وآدميته .. وكان انحياز الجيش السورى لسلطة الحكم هو السبب الرئيسى وراء المجازر اليومية التى ارتكبت ضد الشعب السورى كما كان هذا الموقف السبب الرئيسى وراء الانشقاقات التى حدثت من بعض عناصره تحت ما يسمى «الجيش السورى الحر» .. وعندما نقول تلك الحقائق عما يجرى فى سوريا فإننا فى نفس الوقت لا نتجاهل عامل التآمر الخارجى على سوريا ولكن هذا العامل لا يخفى حقيقة فشل نظام الحكم السورى البعثى فى التصالح مع شعبه وإعادة حقوقه الطبيعية المشروعة فى الحرية والديمقراطية والكرامة .. وعلى عكس ما جرى فى سوريا كان موقف الجيش هنا فى مصر مختلفًا تمامًا عن موقف الجيش السورى حيث أعلن المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية منذ اللحظة الاولى لثورة 25 يناير 2011 انحيازه للمطالب المشروعة للشعب المصرى .. واستتبع هذا الموقف الحاسم من المجلس الاعلى للقوات المسلحة إجراءات على الارض استهدفت ضمان السيطرة على قيادة ووحدات الحرس الجمهورى التى جرت العادة منذ العهد الملكى وطوال العقود الستة الماضية على أنها تتلقى الاوامر مباشرة من رأس الدولة سواء كان الملك أو رئيس الجمهورية.. وكان ما قام به المجلس الاعلى للقوات المسلحة هو نقطة الفصل الحاسمة بين عهد فاسد كان من المحتم أن يذهب وبين عهد جديد كانت شمسه تشرق على مصر حيث جنب هذا الموقف إهدار أرواح ودماء أبناء مصر من المتظاهرين والعسكريين فى الحرس الجمهورى بعد أن قرر المتظاهرون مساء يوم 10 فبراير التوجه نحو القصر الجمهورى فى مصر الجديدة وحصاره ثم تدخل المجلس الاعلى صباح اليوم التالى ليجبر مبارك على التنحى والتخلى عن سلطاته وقالوا له صراحة: «إن الوقت قد انتهى».. وخلال مسيرة عام من الثورة ومن التعامل بين الشعب ووحدات الجيش كانت هناك أحداث وكانت هناك أخطاء من جانب بعض عناصر الجيش وكانت هناك أيضًا أخطاء مقصودة ومستفزة من جانب بعض المتظاهرين مثلما حدث فى حصار مجلس الوزراء على مدى عشرين يومًا.. وإذا كان البعض يحاول التركيز على أخطاء الجيش وتجاهل خطايا بعض المتظاهرين فإن علينا بضمائر تخشى الله وتراعى مصلحة مصر أن ننظر إلى تلك الأخطاء فى إطار أنها لم تكن سياسة موضوعة وممنهجة من قبل الجيش فى تعامله مع المدنيين ولم يكن فيها أبدا سبق اصرار وترصد.. كما ينبغى فى نظرتنا لتلك الأحداث أن نتخيل الأسوأ فيما لو فشل الجيش فى أحداث ماسبيرو فى حماية مبنى الاذاعة والتليفزيون وتكرر مشهد حريق مقر الحزب الوطنى.. وماذا كان سيحدث فى أحداث محمد محمود لو انهارت قوات الشرطة والجيش ونجح المتظاهرون والغوغاء فى دخول مقر وزارة الداخلية واحرقوه مثلما أحرقوا الكثير من اقسام الشرطة ومبنى المجمع العلمى .. ولهذا نقول ونحن نترحم على شهدائنا ونتمنى الصحة والعافية للمصابين منهم أننا سوف نظل دائمًا نقدر قواتنا المسلحة و نعتز بها لأنها حمت الثورة.. ولأنها منا ونحن منها.