صباح أمس الاثنين بدأ أول برلمان منتخب لثورة 25 يناير عمله.. ولو أن هذا البرلمان كان هو الانجاز الوحيد لثورة 25 يناير لاعتبرنا هذه الثورة أعظم حدث فى تاريخ مصر الحديث والقديم لان هذا البرلمان جاء بعد انتخابات شاركنا فيها كناخبين بنسبة تعدت 62% وشهد العالم كله بنزاهتها.. ولكن بعض أهل اليسار والقوميين لم يرضوا بتلك النتائج التى منح فيها الشعب المصرى 47% من مقاعد مجلس الشعب لحزب الإخوان «الحرية والعدالة» و23 % لحزب السلفيين «النور».. وقد توقعت منذ إعلان نتائج الجولة الاولى فى انتخابات مجلس الشعب التى جرت جولتها الاولى يوم 28 نوفمبر الماضى أن يحافظ التيار الدينى على تصدره النتائج والمشهد الانتخابى خلال الجولتين الثانية والثالثة. وهو ما تحقق بالفعل .. وأشرت فى نفس الوقت إلى غضب قوى اليسار والقوميين من النتائج التى منحت التيار الدينى المركزين الاول والثانى فى مقاعد البرلمان.. والحقيقة أن من يمر بميدان التحرير وشارع طلعت حرب ويرى الكتابات والشعارات العدائية للاحزاب الدينية وللقوات المسلحة التى تشوه واجهات المحلات وجدران المبانى والعمارات يدرك حجم الكره والرفض الذى يستعر فى نفوس بعض فرق اليسار والقوميين لتلك النتائج حيث تتضمن تلك الكتابات من قبل من يسمون أنفسهم بالاشتراكيين الثوريين اتهامات للقوات المسلحة بأنها سلمت مصر للإخوان.. بينما تقول أخرى «الجيش والاخوان إيد واحدة».. وتعلن ثالثة رفضها الاحزاب الدينية.. وتتساءل رابعة «أين أنتم يا عمال مصر؟».. وكما هو واضح من الشعارات - خاصة الاخير منها - أنها تعكس الهوية الماركسية لتلك المجموعة التى أصر المنتمون إليها منذ نجاح ثورة 25 يناير فى إسقاط مبارك على استمرار اعتصامهم فى ميدان التحرير إلى أن يتحقق باقى أهداف الثورة متناسين أن تحقيق تلك الأهداف خاصة ما يتعلق منها بالعدالة الاجتماعية يحتاج وقتا وعملا سياسياً يستند إلى تفويض وإرادة شعبية، وهو ما يحتم الانتقال بالشرعية من الشوارع والميادين إلى ما تأتى به صناديق الانتخابات.. ثم يتبع ذلك عمل مخطط بأهداف محددة وفى إطار برنامج زمنى واعتمادات مالية.. ورغم أن هذه المجموعة الماركسية تسلم بأن الثورة هى إنجاز لشعب بأكمله لكنها لا تزال تحلم بفرض وصايتها عليها وعلى الشعب كله.. ولهذا تعمل مع قوى اخرى على إثارة الرأى العام ضد القوات المسلحة ومحاولة تحويل مستصغر الشرر إلى حرائق ونيران مستعرة حتى لو أتت على الاخضر واليابس فى بر مصر كله من خلال المظاهرات قبل يوم 25 يناير وبعده، ومحاولة افتعال أى احتكاك مع عناصر الامن لاستغلاله للتصعيد.. فهؤلاء الماركسيون يرفضون بعد نتائج انتخابات مجلس الشعب استكمال تنفيذ ما تبقى من خارطة الطريق السياسية باجراء انتخابات الشورى والانتخابات الرئاسية والانتقال السلمى للسلطة قبل الأول من يوليو القادم.. وهم يزعمون استعجال تسليم السلطة للمدنيين وفى الحقيقة يصرون على الفوضى.. فمن يقبل أن ينساق وراء هؤلاء الماركسيين الملاحدة؟