لم تستقر احوال وزارة الاعلام وتابعها «اتحاد الاذاعة والتليفزيون» منذ اندلاع احداث ثورة يناير حتي الآن.. فقد كان المسيطر علي وزارة الاعلام في مصر منذ يوم25 من يناير وحتي يوم التنحي الوزير السابق انس الفقي الذي ضلل المشاهدين طوال ايام الثورة من خلال شاشة التليفزيون المصري.. بنقل صورة سلبية عن المتظاهرين وذلك عن طريق بث آراء المواطنين التي تشكو اختفاء الامن بسبب المظاهرات وعرض صورة ثابتة لكورنيش النيل وهو خالٍ تماما من الناس بالإضافة إلي تصوير المظاهرات القليلة التي نزلت في شوارع القاهرة والمؤيدة للرئيس المخلوع حسني مبارك علي أنها مظاهرات حاشدة. وكل ما سبق دفع المجلس العسكري بعد توليه ادارة البلاد فور تنحي مبارك في 11 فبراير الماضي الغاء مهام وزير الاعلام تماما وتعيين اللواء طارق المهدي كمشرف عام من المجلس العسكري علي اتحاد الاذاعة والتليفزيون بدلا من المهندس اسامة الشيخ بعد صدور قرار بحبسه علي ذمه التحقيقات بتهمة اهدار المال العام. وكان أول قرار اتخذه المهدي هو محاولة اصلاح ما افسده نظام مبارك ووزراء الاعلام التابعون له مع الاحتفاظ بحيادية التليفزيون بشكل كبير ولكنه لم ينجح في ذلك بداية بنشر التصريحات والاخبار التي تمجد الثورة وتعكس دور الثوار في بناء مصر الجديدة.. مرورًا بأحداث ماسبيرو وما جري فيها من عنف بين الجيش والمتظاهرين.. حيث تم القاء اللوم بالكامل علي المتظاهرين بشكل مباشر ودائم، ثم قام المهدي باختيار د.سامي الشريف وكيل كلية الاعلام بجامعة القاهرة ليرأس اتحاد الإذاعة والتليفزيون وكان للشريف العديد من القرارات النارية والتي احدثت جدلاً في ماسبيرو أولها فتح الباب امام ظهور المذيعات المحجبات.. وإن لم يفعل بشكل ملحوظ إلا أن المذيعات قد سعدن جدا بفرصة اعادة ظهورهن علي الشاشة مجددا. بالاضافة إلي عدد من القرارات الخاصة بالمادة التي تعرض علي شاشة التليفزيون المصري مثل حذف جميع مشاهد القبلات من الافلام العربية والاجنبية والغاء برامج: «مصر النهارده» و «من قلب مصر» وغيرهما وهي القرارات التي اثارت الخلافات والاعتصامات والاعتراضات مما دفعه في النهاية إلي تقديم استقالته في أواخر مايو الماضي. وبعد فترة من تولي عصام شرف رئيس الوزراء منصبه قام باعادة منصب وزير الاعلام من جديد ليتولي أسامة هيكل منصب اول وزير للاعلام بعد الثورة وتتوالي تصريحاته وقراراته المثيرة لعاملي التليفزيون المصري. ومنها الغاء العقد المبرم بينه وبين شركة صوت القاهرة الوكيل الاعلاني الوحيد للتليفزيون المصري منذ عشرات السنوات الماضية.. وبسبب ذلك لم يستطع التليفزيون الحصول علي نسبة اعلانات جيدة علي الاعمال الدرامية الرمضانية.. وكانت من ابرز القرارات التي اتخذها في عرض الاخبار هو عرض احداث ماسبيرو وما شهدته من التحريض ضد معتصمي ماسبيرو، مما جعل الكثير من الجماهير تطالب بمحاكمته بتهمة التحريض علي قتل المتظاهرين، ولكنه كان يحاول طوال الفترة التي تولي فيها ان يمتص الغضب الجماهيري ببعض التصريحات الوهمية التي تعفيه من المسئولية حتي انه قام بمطالبة تقييم اداء التليفزيون وقت احداث ماسبيرو بناء علي طلب من قيادات المجلس العسكري لتبرئة جنوده من تهمة قتل المتظاهرين يومها.. بالإضافة إلي انه كان المتحدث الاعلامي باسم وزارة شرف مما جعله في وضع حرج حيث اعتبره البعض الصوت للحكومة حتي ان تصريحاته استفزت العديد حتي وصل الامر إلي مطالبة الصحفيين بشطب اسم هيكل من النقابة. كما اثار هيكل فتنة كبيرة وغضبًا في قطاعات ماسبيرو مما دفع كل قطاع للاعتصام علي حدة لفترة محددة بسبب قلة الاجور وتسريح بعض العاملين، كما قام بتحويل بعض البرامج مثل برنامج «الحلم المصري» للبث المسجل بدلا من البث المباشر لاختيار الضيوف ومنع المداخلات التليفونية التي قد تسيء له أو لحكومة شرف التابع لها. وقد كان نهاية فترة توليه رئاسة وزارة الاعلام في اول ديسمبر الماضي مع رحيل حكومة شرف. وكان آخر الوزراء للاعلام هو اللواء احمد انيس الذي عاد المجلس العسكري ليوليه هذا المنصب في حكومة د.كمال الجنزوري.. حيث صرح ببعض التصريحات القليلة حول اهتمامه بحرية الاعلام ورفع الرقابة الحكومية. ورغم تصريحه بانه سيعيد هيكلة وبناء الاعلام المصري من جديد إلا أن فور توليه المنصب سجل ائتلاف ثوار الاعلام اعتراضهم عليه لكونه من ابناء المجلس العسكري. ولم تحدث حتي الآن أي تغييرات او تعديلات في سياسة التليفزيون المصري، سوي قناة «النيل للاخبار» التي حصلت علي الاستقلال عن قطاع الأخبار ويحاول العاملون بها ولو بقدر تناول الاحداث بحيادية.