احتلت إفريقيا وشواغل واهتمامات دول القارة السمراء أولوية كبرى فى سياسة مصر الخارجية منذ تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى المسئولية كرئيس للجمهورية فى يونيو 2014، أملًا فى استعادة قوة وتأثير الدولة المصرية فى إفريقيا، وكانت استراتيجية الدولة التى تقوم على عدة محاور، سواء دبلوماسية وأمنية أو اقتصادية وتنموية. ترجم هذه الاستراتيجية تحركات عدة، أهم ما يميزها استخدام الرئيس السيسى الدبلوماسية الرئاسية «رفيعة المستوى» للتواصل مع زعماء دول القارة الإفريقية، وحرصه على المشاركة فى مختلف الفعاليات والاجتماعات التى تتناول قضايا دول القارة، وكان لذلك نتائج مؤثرة أهمها رئاسة مصر للاتحاد الإفريقى خلال عام 2019. كيف تحدث «السيسى» بصوت إفريقيا خارجيًا ؟
ومع قرب تسليم مصر رئاسة الاتحاد الإفريقى لدولة جنوب إفريقيا، على هامش انعقاد القمة الثالثة والثلاثين بالعاصمة الإثيوبية «أديس أبابا»، حققت الدولة المصرية مجموعة من الإنجازات على مستوى القارة فى مجالات مختلفة، وسعت للتفاعل مع مختلف قضايا القارة، بل كانت خير صوت للقارة الإفريقية فى عدد من الفعاليات والمؤتمرات الدولية التى اهتمت بزيادة روابط الصلة بين الدول الكبرى والقارة الإفريقية. وعدت الدولة المصرية أشقاءها فى القارة الإفريقية وأوفت، حيث شهد عام الرئاسة المصرية عديدًا من الإنجازات التي تحققت، بداية من إنجاز اتفاقية التجارة الحرة الإفريقية ودخولها حيز التنفيذ، وتقديم فرص التدريب والتأهيل للشباب الإفريقى بالقاهرة، حيث تم تدريب شباب من 45 دولة إفريقية ضمن برنامج رئاسى لتأهيل الشباب الإفريقى يستهدف تأهيل 1000 شاب، كما أن القاهرة كانت قبلة لعدد من الفعاليات المهمة التى تناقش شواغل القارة السمراء. خلال عام رئاسة مصر للاتحاد الإفريقى، كان للرئيس عبدالفتاح السيسى عدد من الزيارات والجولات الخارجية المهمة لدول القارة الإفريقية، وأيضًا لدول العالم للمشاركة فى فعاليات ومؤتمرات خاصة بالقارة السمراء، حيث كان يتحدث بصوت القارة الإفريقية باعتباره رئيس الاتحاد الإفريقى. إثيوبيا استهل الرئيس السيسى زياراته للدول الإفريقية فى التاسع من فبراير 2019، بزيارة تاريخية إلى العاصمة الإثيوبية «أديس أبابا»، شهدت تسلمه رئاسة الاتحاد الإفريقى، وترؤسه لأعمال الدورة العادية الثانية والثلاثين لقمة رؤساء الدول والحكومات الأفارقة بالاتحاد. غينيا فى السابع من أبريل الماضى، بدأ الرئيس السيسى جولة خارجية لعدد من دول غرب إفريقيا بدأها بزيارة غينيا، وما ميّز هذه الزيارة التاريخية أنها أول زيارة لرئيس مصرى إلى غينيا منذ أكثر من خمسة عقود، وعقد السيسى جلسة مباحثات ثنائية مع الرئيس الغيني «ألفا كوندي»، تناولت ملفات التعاون الثنائى بين البلدين، والتنسيق المشترك فى القضايا الإفريقية فى ضوء رئاسة مصر للاتحاد الإفريقى هذا العام، وفى ختام زيارته قام الرئيس الغينى، بتقليد الرئيس السيسى وسام الاستحقاق الوطنى، وهو أرفع وسام فى جمهورية غينيا. كوت ديفوار وضمن هذه الجولات الخارجية، زار الرئيس كوت ديفوار فى زيارة تاريخية كونها الأولى لرئيس مصرى إلى أبيدجان، وعقد السيسى جلسة مباحثات ثنائية مع الرئيس الإيفوارى «الحسن واتارا»، حيث شدد الرئيس الإيفوارى على الثقل الذى تتمتع به مصر فى عمقها الإفريقى رسميًا وشعبيًا، وتبوء مصر لمكانتها ودورها الحيوى على الساحة القارية. السنغال وكانت آخر محطة من جولة الرئيس الخارجية، إلى السنغال، حيث استقبل الرئيس السيسى، نظيره السنغالى الذى أشاد بالدور المصرى الأصيل فى الدفاع عن القضايا الإفريقية على الساحة الدولية ومعالجة المشاكل التى تشغل البال الجمعى لشعوب القارة، خاصةً تلك المتصلة بملفى السلم والأمن والتنمية، وهو الأمر الذى أكسبها المكانة والثقل لاختيارها رئيسًا للاتحاد الإفريقى، معربًا كذلك عن تطلعه لقيام مصر ببذل مساعيها للدفع نحو رفع تصنيف إفريقيا فى مؤشرات مخاطر الاستثمار، فى إطار المنظمات التنموية الدولية. الجمعية العامة للأمم المتحدة وعلى هامش مشاركة الرئيس فى فعاليات الجمعية العامة للأمم المتحدة خلال شهر سبتمبر الماضى، شارك السيسى فى قمة ثلاثية ضمت محمد عبدالله فارماجو، رئيس جمهورية الصومال، وأوهورو كينياتا، رئيس جمهورية كينيا، وذلك لبحث بعض الملفات الثنائية الخلافية بين الطرفين، والعمل على ألا تؤثر تلك الملفات على علاقات الأخوة وحسن الجوار. الوفود الإفريقية وانطلاقًا من رئاسة مصر للاتحاد الإفريقى، قام العديد من قادة ورؤساء الدول الإفريقية بزيارة القاهرة، منهم موسى فقيه، رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقى، الذى التقى الرئيس على هامش انعقاد ملتقى الشباب العربى والإفريقى بأسوان. وتأكيدا لأهمية وكالة الاتحاد الإفريقى للتنمية «النيباد »، ومن منطلق كون مصر إحدى الدول المؤسسة للمبادرة، استقبل السيسى فى 8 مايو المدير التنفيذى للوكالة، وشهد اللقاء التوافق حول تكثيف التعاون بين الجانبين لدعم مبادرات «النيباد» التى تهدف إلى تطوير وتعزيز التكامل الاقتصادى والاندماج الإقليمى فى إفريقيا. وحرصًا على ترسيخ التعاون الاستراتيجى مع إريتريا، استقبل الرئيس السيسى فى 9 يونيو الرئيس أسياسى أفورقى، رئيس دولة إريتريا. بالإضافة إلى لقاءات مع عدد من رؤساء وزعماء القارة الإفريقية منهم «فيليبى جاسينتو نيوسى، رئيس جمهورية موزمبيق، وآبى أحمد، رئيس وزراء إثيوبيا، وسيريل رامافوزا، رئيس جنوب إفريقيا، ورئيس تشاد، ورئيس جمهورية جزر القمر»، لبحث سبل تعزيز التعاون، والتشاور والتنسيق تجاه سبل القضايا الإفريقية ذات الاهتمام المشترك وجهود مكافحة الإرهاب، وسبل تعزيز العلاقات الثنائية على مختلف الأصعدة.