لابد من إيجاد وسيلة لإعادة (هيبة الدولة)، مع الاعتذار لكل دعاوي (الثوار) وأعوانهم، ومؤيديهم، وأيضاً كتابهم وأدبائهم، وإعلامييهم، ومنظمات حقوق الإنسان، وكذلك الحيوان!! مع احترامي الشديد لكل تلك الأصوات، والأقلام، والألوان، إلا أن لا مفر أمامنا إلا إعادة (هيبة الدولة) !! (هيبة الدولة) الغائبة منذ زمن طويل، حتي قبل ثورة (25يناير)، إن صح أن نسميها (ثورة) !! فالثورة أية ثورة لها مواصفات، ولها شروط وأعراض، ولها خيال أيضاً وإدارة، وأهداف وسبل لتحقيق تلك الأهداف، وهذه جميعها للأسف لم تتوافر لثورة (25 يناير)، ولعل (هيبة الدولة) اهتزت وفقدناها، من خلال غياب العدالة، وانشغال الإدارة في (مصر)، بأمور تخص أعضاءها وتهتم بشئون تأبيد الحكم واستمراره ولم تهتم الإدارة في مصر، بتدني الأجور، وتدني الخدمات، وتدني شئون التعليم، وارتفاع نسب البطالة، وغياب الأمن الاجتماعي، والاهتمام بالأمن السياسي، ومعاقبة الأصوات المعارضة، وبيع أصول الدولة، والتعمية علي الفساد ومنهجته، أصبح كل من له مظلمة، عضواً في تظاهرة بشارع مجلس الشعب، حتي قيل حينها أن شارع مجلس الشعب، محجوز لفئويات المجتمع، وكنت قد كتبت مقالاً طالبت فيه بأن تنشأ أدوار متكررة لشارع مجلس الشعب أسوة بالجراجات الميدانية حتي نسمح باستيعاب أكثر للمعتصمين والمتظاهرين وفقدت (الدولة هيبتها) قبل اندلاع شرارة ثورة (25يناير) وربما هذا ما أنبأ عن اقتراب لحظة الانفجار، وقد كان، فور قيام ثورة (الياسمين في 18 يناير ) في (تونس)، مجرد أيام. واستشعر المصريون بأنهم غير خلوقين بالحياة إن لم يثوروا علي الاستبداد والاحتكار أيضاً، وقد كان، ولكن سرعان ما توالت الأحداث، وأهم مظاهرها هو ظهور البلطجة كملمح رئيسي في المجتمع، وأصبحت كل الأعراف غريبة، وانبطح الأمن بعد أن تفكك جهازه، وبعد أن رفعت القوات المسلحة شعار (لا ضرب للمصريين ولا رفض لمطالبهم ولا مواجهة مع المتظاهرين)، فانخرط الحابل بالنابل، البلطجة الرسمية مع البلطجة المسجلة (خطر) مع البلطجة المستجدة، حيث أتيح لكل من يستطيع أن يحمل عصي أو سلاحاً بحجة الدفاع عن النفس والممتلكات، وكدنا نصل إلي صورة من صور المجتمعات المنفكة، والتي نقرأ ونسمع ونشاهد أحداثها علي وسائل الإعلام وفقدت الدولة هيبتها كاملة. وحينما حاولت القوات المنوط بها الأمن أن تسترد عافيتها، سواء في الجيزة أثناء أحداث السفارة الإسرائيلية، أو في حادث ماسبيرو، إذ بالجميع يخرج علينا منادياً بحقوق المتظاهرين وحقوق الإنسان، وللأسف الشديد، نقلت الأجهزة الرسمية للإعلام، صوراً عن ضرب القوات المسلحة والأمن للمتظاهرين، بل ودهسهم بالمدرعات!!. وكانت العاقبة بالقطع اعتذارات مقدمة من المسئولين في البلاد إلي الشعب، والعالم أيضاً، وكانت العواقب الأكثر جسامة هو أننا دولة بلا قانون (بلا هيبة) دولة تعتدي (كإدارة) علي أقباط المصريين، علي عنصر من عناصر الأمة وعكس الحقيقة، انقسمت وجهات النظر بين مؤيد ومتفرج ورافض، والنتيجة الحتمية لهذه المظاهر والمشاهد، والحقيقة المؤكدة، هو أننا نفتقد لهيبة الدولة - ولعل "الهيبة الغائبة" ربما بدأت تسترد عافيتها في (مدينة 6 أكتوبر) يوم الخميس الماضي، حينما واجهت القوات (الأمن والجيش) - البلطجة بكل أصنافها والتي اغتصبت مساكن المدن الجديدة بالقوة المسلحة ودون وجه حق !!ولكن هل كل من استولي علي (شقة) لإيواء أسرة مشردة ينخرط تحت لقب (بلطجي ؟) أم مستحقون، مطحونون/ ولم يجدوا من يستمع إليهم ؟ مجرد أسئلة للمسئولين عن هيبة الدولة الغائبة ..