رغم سنواته الخمس، إلا أن مهرجان أبوظبي السينمائي استطاع ان يجد لنفسه مكاناً وسط عدد من مهرجانات السينما في المنطقة العربية.. ليس لكونه واحداً من مهرجانات منطقة الخليج الثلاثة - الخليج والدوحة ترابيكا ودبي- بل لأنه خلق منافسة أخري متمثلة في اختيار أفلام مهمة وجيدة للعرض في المهرجان. فالمهرجان في دورته الخامسة، والتي أقيمت فاعلياته علي مدار عشرة أيام في الفترة من 13 إلي 22 أكتوبر الجاري، عرض كما هائلا من الأفلام والتي صنفت ضمن قائمة عرض أول في الشرق الأوسط. جوائز المهرجان والتي وزعت مساء الجمعة الماضي بالقاعة الكبري من فندق فيرمونت باب البحر وبحضور مدير المهرجان بيتر سكارليت، جاءت علي النحو التالي، فقد حصل الفيلم الفرنسي"دجاج بالبرقوق" إخراج مرجان ساترابي، فنسان بارانو، والذي حصد جائزة اللؤلؤة السوداء وقدرها 100 ألف دولار وذلك في جوائز مسابقة الأفلام الروائية الطويلة ( والتي عرض فيها 16 فيلما من 11 دولة)، وفيلم دجاج بالبرقوق، كان قد عرض للمرة الأولي في مهرجان فينسيا السينمائي الدولي في سبتمبر الماضي، وقد توقع الناقد السينمائي سمير فريد عقب عرضه في فينسيا ان هناك احتمالية من عدم فوزه، لكنه وصفه في مقال سابق بأنه تجربة فنية شائقة تعرض في مسابقة فينسيا عن جدارة. وجاءت جائزة لجنة التحكيم (50 ألف دولار) الخاصة التي حصل عليها الفيلم الروائي "انفصال" للمخرج الإيراني أصغر فرهادي، محبطة للكثيرين، والسبب الاهم والرئيسي وهو أن هذا الفيلم كان قد حصل علي جائزة الدب الذهبي في الدورة الماضية من مهرجان برلين السينمائي الدولي في فبراير الماضي، وهي جائزة كبيرة لفيلم كبير أيضاً، فقد كان من عدم الإنصاف أن يتنافس هذا الفيلم علي جوائز المهرجان، وهذا لا يعني تقليلا من حجم وأهمية الأفلام الأخري المشاركة في مسابقة الأفلام الطويلة، بل لكون المنافسة قد تكون ظالمة لباقي الأفلام.. وقد كان من الأفضل أن يعرض كفيلم افتتاح، أو يقام له عرض احتفاء به. فالفيلم الذي تصل مدته إلي ساعتين تقريباً 123 دقيقة، تجعلنا نظل مراقبين للعبة الاجتماعية والنفسية والإنسانية التي يقودها بطلا الفيلم الرئيسيان بيمان موادي وليلي هاتمي، واللذان يقومان بدور زوجين من الطبقة الوسطي في إيران، يقرران في الفيلم الانفصال (الطلاق)، فالزوجة "سيمين" ترغب السفر ومعها ابنتها، لأنها تري أن ايران لم تعد بلدا آمناً، بينما الزوج "نادر" يرغب في العيش في بلده، فهو يعيل والده والذي يعاني من أمراض الشيخوخة. وفيلم "انفصال" يمثل واحداً من الأفلام القليلة التي تنفذ في ايران، وسط نظام صارم يتمتع بكبت الحريات، فمخرجه أصغر فرهادي يعتبر واحداً من صناع السينما المعارضيين للسياسة والحكومة الإيرانية. وقد حصل المخرج المغربي "إسماعيل فروخي" علي جائزة أفضل مخرج في العالم العربي عن فيلمه "الرجال أحرار" (إنتاج مغربي فرنسي) والذي وصفه أعضاء لجنة التحكيم بأن لديه قدرة ممتازة علي سرد حكاية مجهولة ومهمة من التاريخ الحديث.. أما فيلم "ديما براندو" للمخرج التونسي "رضا الباهي" فقد حصل علي جائزة أفضل منتج في العالم العربي بمشاركة المنتج زياد حمزة، وذلك عن المجهود المبذول لخروج مشروع فيلم براندو، بعد عزوف المنتجين عنه بسبب وفاة الممثل الامريكي الشهير مارلون براندو. وحصل الممثل الشهير وودي هارلسون علي جائزة أفضل ممثل عن دوره في فيلم "المتراس- RAMPART" إخراج أورين موفرمان/ الولاياتالمتحدةالأمريكية، بينما حصلت "جايشري بسّافراج" علي جائزة أفضل ممثلة عن دورها في فيلم "لاكي- LUCKY" إخراج آفي لوثرا/ جنوب إفريقيا. وفي مسابقة آفاق جديدة والتي عرض فيها 11 فيلماً من 11 دولة، حصل فيلم "القصص موجودة حين نتذكرها" إخراج جوليا مورات/ البرازيل، الأرجنتين، فرنسا، علي جائزة أفضل فيلم عربي وقدرها مائة ألف دولار، وجائزة لجنة التحكيم الخاصة للفيلم الهندي "صدقة الحصان الأعمي" إخراج جورفندر سينج. وقد كان لمصر حظ وافر من الجوائز، فقد حصل المخرج الشاب عمرو سلامة علي جائزة أفضل مخرج في العالم العربي عن فيلمه الروائي الطويل "أسماء" والذي يعتبر ثاني أفلامه الروائية الطويلة بعد فيلم "زي النهارده".. والمحبط هو ان تتجاهل لجنة التحكيم الممثلة الموهوبة هند صبري عن فيلم "أسماء" فقد كانت صبري تستحق وبجدارة أفضل ممثلة، فقد تخطت بثقتها واتقانها عتبة التمثيل ووصلت به إلي الحقيقة، من خلال تجسيدها دور سيدة في الاربعينات تعاني من مرض الإيدز... بينما حصل ماجد الكدواني علي جائزة افضل ممثل عن دوره في فيلم أسماء. في حين حصلت ميمونة محمد علي جائزة أفضل ممثلة عن دورها في فيلم "ولاية (دموع من رمال) إخراج بيدرو بيريز روسادو/ إسبانيا، وحصل سوني قدوح علي افضل منتج من العالم العربي عن فيلم "هذا المكان الضيق إخراج سوني قدّوح/ لبنان، الولاياتالمتحدة، مصر. وفي مسابقة الأفلام الوثائقية، حصل محمد حفظي علي جائزة أفضل منتج في العالم العربي عن الفيلم الوثائقي "التحرير 2011 : الطيب - الشرس - المشاكس" وهو الفيلم الذي سبق إن حصل علي جائزة اليونسكو في الدورة الماضية من مهرجان فينسيا السينمائي الدولي، وقام بإخراجه ثلاثة مخرجين وهما: تامر عزت، وآيتن أمين، وعمرو سلامة. في حين حصل فيلم "مكان بين النجوم" إخراج ليونارد ريتيل هلمريتش/ هولندا، علي جائزة أفضل وثائقي لمقاربته لحياة عائلة بأسلوب يجعلنا ندخل إلي عوالم أفرادها، لنعيش معهم تعقيدات المجتمع الذي يحيون فيه، مع حس دعابة يحوّل مآسيها في النهاية إلي لحظات فرح بالحياة... أما جائزة لجنة التحكيم فقد منحت للفيلم المكسيكي "المكان الأصغر" إخراج تاتيانا هويزو، بينما جائزة أفضل مخرج جديد للمخرج غيما أتوال عن فيلم "صبي المارثون".. بينما جائزة أفضل مخرج في العالم العربي فقد حصلت عليها المخرجة الجزائرية صافيناز بوصبايا عن فيلم "إل غوستو (المزاج).