افتتح الأسبوع الماضى مهرجان «أبو ظبى» السينمائى الدولى دورته الخامسة ومع كل مهرجان خليجى يُطرح نفس السؤال وعلى طريقة السؤال التقليدى: «البيضة أم الفرخة»؟ هل الأجدى أن تتوجه رؤوس الأموال إلى صناعة أفلام سينمائية أم تتبدد فى إقامة مهرجان سينمائى تنتهى فعالياته بعد بضعة أيام وينتهى أيضاً تأثيره؟.. أليس من الأجدى أن تُصنع أفلام أولا وبعد ذلك تقام مهرجانات تشارك فيها سينما البلد المضيف صاحب الأرض.. تحول هذا السؤال إلى «راكور» ثابت لا يتغير فى كل مهرجان خليجى إلا أننا فى السنوات الأخيرة وجدنا أمامنا زاوية رؤية أخرى مختلفة ربما تحمل رداً عملياً على السؤال، إنها تلك الأفلام التى ترى فيها مثلاً مهرجانات مثل «أبو ظبى» و«دبى» و«الدوحة» مشاركة فى إنتاجها.. بالطبع فإن تقديم الأفلام هو الهدف الأسمى الذى ينبغى أن تسعى إليه كل الدول إلا أننا لسنا فى مجال اختيار بين فيلم ومهرجان، ولكن ما الذى يضمن أن ميزانية المهرجان سوف تتوجه بالضرورة إلى إنتاج فيلم سينمائى؟ الحقيقة هى أن المهرجانات أنجبت مهرجانات قبل أن تنجب أفلاماً، ولكن هذه المهرجانات أيضاً بدأت تتسابق فى دعم الأفلام العالمية التى يشارك فيها ممثلون عرب، وسبق مثلاً فى مهرجان أبو ظبى العام الماضى أن شاهدنا فيلم «لعبة عادلة» بطولة «شون بن» الذى شارك فى إنتاجه مهرجان أبوظبى وقبلها فيلم للمخرج العالمى «ريدلى سكوت» وهو «مملكة الجنة» حيث لعب دور «صلاح الدين الأيوبى» الفنان السورى «غسان مسعود». منصة انطلاق مهرجانات الخليج، المؤكد أنها انتعشت مع بداية مهرجان «دبى» السينمائى الدولى 2004 الذى يتوجه أساساً للسينما العربية من خلال جائزة «المهر العربى»، حيث حقق حالة من النجاح بتواصله وتفتتح الدورة الثامنة يوم 7 ديسمبر القادم ورسوخه على الساحة دفع «أبوظبى» لإقامة مهرجان بتوجه آخر بعد ثلاث دورات من «دبى» ثم مهرجان «الدوحة» الذى انطلق بعد عامين من «أبوظبى» وسوف يفتتح يوم 25 أكتوبر دورته الثالثة، أى أن الفارق الزمنى بينهما لا يتعدى ثلاثة أيام، حيث يختتم «أبو ظبى» فعالياته اليوم السبت، وبالتأكيد فإن إقامة مهرجان الدوحة بعد مهرجانى «دبى» و«أبوظبى» يحمل فى جانب منه رغبة سياسية لأن تتواجد «قطر» على خريطة المهرجانات الخليجية، وكانت مثلاً مملكة البحرين قبل 12 عاماً هى التى بدأت الخطوة الأولى من خلال جمعية سينمائية يرأسها المخرج البحرينى «بسام الزوادى»، ولكنها تعثرت.. بينما يتواصل رغم كل الصعوبات التى تواجهه مهرجان «مسقط» السينمائى الذى يعقد بميزانية محدودة وفعاليات أيضاً محدودة مرة كل عامين إلا أنه - وهذا يحسب للجمعية السينمائية التى يرأسها خالد الدرجانى - يعقد ويحاول أن يتواجد على الساحة الخليجية. ويبقى أن المهرجانات السينمائية تخلق دائماً حالة من الشغف السينمائى لدى الجمهور ويستطيع المهرجان أن يخلق مناخاً يساعد على إنتاج الأفلام.. الفيلم بحاجة إلى توجه يحمل فى أعماقه بعدين: فكرى وتجارى.. السينما الناطقة باللهجة الخليجية وتتناول قضايا محلية لا يتم تسويقها إلا فى إطار السوق الخليجية، وشركات الإنتاج لا تتحمس لإنتاج الفيلم الذى يشكل بالنسبة لها خسارة مادية.. إلا أن إقامة مهرجان سينمائى باتت تحمل قوة ضغط لضرورة إنتاج سينمائى فى مجال الفيلم الطويل وهناك بعض الأفلام تم إنتاجها مؤخراً ويتم الدفع بها للاشتراك رسمياً فى التسابق فى مجال الفيلم الروائى مثلا عرض مهرجان أبوظبى فى هذه الدورة الفيلم الإماراتى «ظل البحر» للمخرج نواف الجناحى.. أيضا نجد فى الأفلام التسجيلية والقصيرة الخليجية إبداعات خاصة.. يظل المهرجان السينمائى يملك بداخله قوة لكى يطرح سؤالاً «أين الفيلم الخليجى الطويل»؟! وهذا السؤال أصبح بمثابة نقطة انطلاق لتقديم إجابة عملية وهى بالفعل أن نرى فيلماً خليجياً روائياً طويلاً وكل عناصره الإبداعية خليجية فى مهرجانات مثل دبى وأبو ظبى ومسقط، وهو ما سوف نشاهده فى مهرجان الدوحة الذى يفتتح الثلاثاء المقبل. وسوف نعاود قريبا الحديث عن الكثير من تفاصيل أفلام وكواليس مهرجان أبو ظبى فى تلك الدورة المليئة بالمفاجآت السينمائية!