هذا العنوان هو أحد أسئلة المغتربين من أصدقائي الذين قابلتهم في زيارتي لولاية أطلانطا - جورجيا! وهنا لم أستطع أن أجيب بعكس ما أنا مقتنع به، فليس في البلاد حكومة! وإن كانت هناك مجموعة من الزملاء وبعضهم من الأصدقاء ، يتولون حقائب وزارية في حكومة جاءت، عقب مليونية رفض "الفريق أحمد شفيق"، المعين رئيساً لمجلس الوزراء بقرار من الرئيس السابق "محمد حسني مبارك"، والذي ترك أو تخلي عن منصبه علي لسان نائبه السابق السيد "عمر سليمان" تحت ضغط "الثورة المصرية"، وأحقية هذا الطلب الشعبي، تحقق بوضوح عقب إفشاء بعض الأسرار عن موقعة "الجمل" التي تمت تحت أعين وبصر رئيس الحكومة السابق وبعض وزرائه، ولم يكْشَفْ بعد عن أبعاد المؤامرة التي ضاع علي أثرها، مستندات ووثائق تم حرقها في مراكز مباحث أمن الدولة، وفي غيبة عن أي حكومة تَدْعي بأنها كانت تحكم مصر في هذه الآونة، أن مما لا شك فيه أن مؤامرة حيكَت ولم تستطع استكمال حبكتها، بخروج "شفيق" وحكومته من السلطة، والمجيء بالأضعف منه، وهو "الدكتور عصام شرف " الذي حمله المتظاهرون في ميدان التحرير علي أعناقهم إلي رئاسة مجلس الوزراء لحكومة سميت بالانتقالية، ولا نعلم إلي أي نظام سوف تنقلنا هذه الحكومة المتميزة بالضعف والوهن الشديدين ، وإن كان تخلصها من أحد أهم أعضائها أيضاً تحت ضغط رأي عام كان علي شكل (خلع ضرس) وهو خروج "يحيي الجمل" من هذا التشكيل، وإعادة تشكيل الحكومة بصورة زادت من فقدان الأمل في أن يكون لهذه الحكومة أية صفة جوهرية تجعلنا نستريح ولو قليلاً، أو نطمئن علي مستقبل عملية الانتقال. ولعل الإشاعات المتكررة عن استقالة "د. عصام شرف"، والتي يقال بأنها قوبلت بالرفض من المجلس الأعلي للقوات المسلحة، قد أصابت المصريين بالدهشة، حيث أقل ما كان يجب عقب أحداث التظاهرة التي انقلبت إلي همجية، وبلطجة أمام السفارة الأسرائيلية ومديرية أمن الجيزة ثم تلاها ماحدث أمام "ماسبيرو" يوم الثلاثاء قبل الماضي، هذه وحدها أو تلك كانت تكفي لأن تحرق الحكومة برئيس وزرائها، ولكن للأسف الشديد، أطل علينا رئيس الحكومة في الوقت الضائع بعد الساعة الثانية ليلاً، لكي يدلي ببيان هزيل سمعناه علي الهواء في الساعة الثانية مساء بتوقيت أطلانطا، حيث كنت ضمن مصريين مغتربين، ولم أجد إجابة عن السؤال، أين حكومة إدارة البلاد؟ إلا أن مصر بلا حكومة! بعد هذا البيان الخائب، الضعيف، المقروء من ورقة دون النظر إلي الكاميرا، إما خجلاً أو كسوفاً أو تبلداً أو عدم إحساس بالمسئولية أو كما شَبَّةَ الموقف أحد المصريين بأنه يقرأ بياناً تحت تهديد السلاح! هكذا كان المنظر خارج مصر، عن أحداث في قلب القاهرة، التي لا حكومة فيها، ولا قانون ولا سلطة، وأمام مسئولية وطنية للقوات المسلحة، أصبحت في أشد المواقف حرجا، فلا هي قادرة علي المواجهة بحسم، حتي لا تسيل دماء المصريين علي أيدي قواتها المسلحة لأول مرة في تاريخ تلك القوة الوطنية، ولا هي قادرة علي ترك الأمور تنساب من بين أيادينا إلي حرق البلد كلها. نحن في أشد الاحتياج لحكومة إنقاذ وطني، وهذه هي المسئولية الوطنية المنوط بها المجلس الأعلي للقوات المسلحة والتأخير في ذلك القرار، هو بمثابة استعداد لإشعار آخر لاقدر الله علي مصر!