- الخبر: بدأت أمريكا تحركات مكثفة بهدف الافراج عن الجاسوس الأمريكي« إيلان جرابيل» وكان «إيلان» قد قبض عليه منذ ثلاثة أشهر تقريبًا متهما بالتجسس علي ثورة 25 يناير وإرسال المعلومات عنها وعن القوات المسلحة إلي الموساد بعد أن جاء إلي مصر تحت مسمي مراسل صحفي أجنبي وتكملة الخبر تقول - وهذا ما يهمنا - ان واشنطن تطلب الإفراج عن الجاسوس مقابل زيادة المعونة لمصر كما طالب بذلك عضو الكونجرس الأمريكي السيناتور «جاري آركرمان» يعني بالعربي كده.. واشنطن تزايد علي مصر عن طريق هذا الجاسوس.. وبمعني آخر وبالبلدي أيضا.. أمريكا تمسك مصر من إيدها اللي بتوجعها! هكذا بوضوح وصراحة المسألة إذن مسألة مقايضة من دولة تملك القوة والحركة والمال ودولة أخري تعيش الآن في ظروف صعبة تطلبتها ثورتها الوليدة فأمريكا تعرف أن عجلة الإنتاج في مصر ليست بقوتها المعهودة.. بل علي العكس تكاد تكون شبه متوقفة.. وأن ظروف مصر الاقتصادية تحتاجها إلي معونات من دول غنية.. وأن مصر حين طلبت تلك المساعدات من الدول العربية - التي لا تحبذ ثورتها - عملت هذه الدول «بروباجندا» حول تلك المساعدات وأعلنت عن المليارات التي قررت ضخها إلي الاقتصاد المصري «باسم الأخوة والعروبة والإسلام» ثم لم يحدث شيء.. لم تقدم دولة عربية واحدة شيئًا لمصر.. وبالتالي عرفت أمريكا ذلك - وربما ساعدت في تحريض تلك الدول علي التراجع - وعندئذ انتهزت الفرصة ولوحت هي بالمعونة التي تعطيها لمصر والتي تصل إلي مليارين من الدولارات ورغم أن معظم هذه المعونة يذهب في رواتب للخبراء الأمريكان أنفسهم وفي مصبات أخري عديدة إلا أن مصر - في ظروفنا الحالية خاصة - تحتاجها .. في نفس الوقت الذي تحتاج فيه مصر إثبات ذاتها وكرامتها التي استردتها مع الثورة والثوار. هذه هي القضية.. يد تمتد ولا تمانع في أخذ المعونة ويد أخري ترفض تحت مسمي الكرامة.. وتحت مسمي أمن الدولة الذي قبض علي الجاسوس ولم يحوله بعد لمحكمة الجنايات. - إن الشكل الذي قدمت به المقايضة مهين لمصر.. بشكل يحسه حتي المواطن العادي الذي يرفض تلك المقايضة فقد كنت جالسا في سيارة أجرة حين أذاع راديو مصر ذلك الخبر بشكل واضح: المعونة مقابل الإفراج عن الجاسوس.. وترك السائق عجلة القيادة للحظات والتفت إلي تعلو وجهه أمارات الغضب: «هل سمعت ذلك الخبر يا أستاذ؟ كنت في نفس الوقت غاضبا مثله تماما ومنفعلاً فقلت له: وماذا تنتظر من دولة متغطرسة مثل أمريكا؟ وشرحت له أن أمريكا ليست دولة في الحقيقة ولكن امبراطورية تحكم العالم تماما مثل الإمبراطورية الرومانية قديماً. - أعتقد أن مصر - ممثلة في مجلسها الحاكم الشريف - سترفض هذا العرض وهذا سيزيد من احترامها لنفسها من جهة ومن احترام الأمريكان أنفسهم لها ولثورتها تلك الثورة التي فاجأتهم وأبهرتهم في نفس الوقت ولا تزال تبهر الغرب كله.