في الوقت الذي منع فيه البابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية الأقباط من الذهاب للقدس إلا أن روزاليوسف كشفت عن وجود رابطة القدس للأقباط الارثوذكس في القاهرة وكانت تجري فيها قرعة سنوية للفوز بالحج للقدس الأقباط والقدس.. بين الحق الضائع والحلم الممنوع الحلقة الثانية : في الوقت نفسه فوجئت بإعلان واعتراف الانبا بيشوي سكرتير المجمع المقدس ومطران دمياط وكفر الشيخ بذهابه الي القدس مرتين وذلك أمام أقباط المحلة الكبري في احدي عظاته هناك معتبرا هذه الزيارة " مأمورية من البطريرك ". علي أي حال .. نستعرض في هذه الحلقة نشأة الوجود القبطي في القدس والمعلومات التاريخية التي تحتوي علي اسرار لم يعرفها الاقباط أنفسهم في مصر وذلك من خلال دراسات وأبحاث عالمية وعربية وندوات تطرقت الي الوجود القبطي في القدس عبر ا33 لعديد من القرون. ترجع معظم الدراسات نشأة الوجود القبطي في القدس إلي الزيارة للأماكن المقدسة في المدينة، منذ اكتشاف الامبراطورة هيلانة للصليب المجيد في عام 325م وتأسيسها لكنيسة القيامة. والدليل علي ذلك اشتراك البطريرك القبطي أثناسيوس في تدشين هذه الكنيسة مع بطريركي انطاكية القسطنطينية. وكذلك قصة القديسة مريم المصرية التي حضرت إلي القدس في عام 382م، حيث استقرت هناك، وشاع صيتها، حتي إنه بعد وفاتها تم تشييد كنيسة علي اسمها مجاورة لكنيسة القيامة. ويعتبر أول حصر دقيق للكنائس القبطية في القدس، هو الحصر الذي سجله أبوالمكارم في تاريخه عن الكنائس في عام 1281م ، إذ يذكر أبو المكارم وجود هيكل قبطي داخل كنيسة القيامة، وكنيسة باسم المجدلانية، وكنيسة ثالثة هي التي دخلت في دير السلطان حيث يكمن الوجود القبطي في دير السلطان وبه كنيستا الملاك والأربعة حيوانات. دير مارانطونيوس شمال شرقي القيامة. ودير مارجرجس حارة الموارنة. وكنيسة السيدة العذراء بجبل الزيتون. وهيكل علي جبل الزيتون. وكنيسة باسم ماريوحنا - خارج كنيسة القيامة وكنيسة صغيرة باسم الملاك ميخائيل ملاصقة للقبر المقدس من الغرب. ولعل أهم مشكلة حالية ساخنة بالنسبة للوجود القبطي في القدس هي مشكلة دير السلطان والنزاع القبطي الحبشي حول هذا الدير، وهذا الدير هو الوحيد من بين الأديرة القبطية الذي يحمل اسماً غير قبطي وهناك مشكلة تاريخية في نسبة هذا الدير إلي أي من السلاطين المسلمين، إذ يرجعه البعض إلي عصر صلاح الدين الأيوبي، الذي أعطاي مكافأة لبعض موظفيه، من الأقباط، ويري البعض الآخر أن سر هذه التسمية تعود إلي استضافة الدير لموظفي السلاطين الذين يعودون إلي القدس، بل ويرجع البعض تسميته دير السلطان إلي أحد السلاطين العثمانيين، وسوف نكشف في الحلقات القادمة القصة الحقيقية وراء أزمة دير السلطان وتفاصيلها. وإذا تحدثنا عن الأصل والهوية والانتماء نكتشف ان هناك مجلة متخصصة في الدارسات القبطية (مجلة أجنبية) أجرت حواراً مع بعض أقباط القدس بشأن الانتماء، هل هناك مشكلة حول ذلك الأمر، وكانت إجابة معظم هؤلاء نحن فلسطينيون من حيث الجنسية والهوية ولكننا فقط ننتمي إلي الكنيسة القبطية من الناحية الدينية. وفي عام 1944 تم في القاهرة إنشاء رابطة القدس للأقباط الأرثوذكس، وحرصت الرابطة منذ ذلك التاريخ علي أن تعمل من أجل حفظ تراث الأقباط في القدس، مساعدة اللاجئين الأقباط بعد ذلك، إلي جانب تيسير إجراءات الزيارة المقدسة إلي القدس، هذا فضلاً عن المساهمة المادية في تدعيم الكنائس والأديرة والمدارس القبطية في القدس. كما حرصت الرابطة منذ نشأتها حتي توقف الحج القبطي إلي القدس، علي إجراء قرعة سنوية بين الأعضاء ومن يفز بالقرعة يذهب مجاناً إلي القدس ومن الطريف كما أكدت لي مصادر من الكنيسة أن هذه القرعة السنوية لا تزال تجري حتي في سنوات منع الكنيسة القبطية للأقباط عن الذهاب إلي القدس. إذ تعلن الرابطة نتيجة القرعة أن يذهب هؤلاء إلي القدس بعد رفع الحظر المفروض علي ذهاب الأقباط للقدس. ولعل أهم تحول في تاريخ الوجود القبطي في القدس البابا كيرلس الثالث أنشأ لأول مرة مطرانية قبطية للقدس والشام، ورسم لها أحد الأساقفة الأقباط. وربما دفعه إلي ذلك التنافس بين كرسي أنطاكية والإسكندرية، فضلاً عن هجرة بعض الأقباط من مصر، واستقرارهم في القدس وبعض المدن الشامية، وحاجة هؤلاء إلي راع قبطي لهم. ومنذ ذلك الوقت وحتي الآن أصبح لمطرانية القدس مركز مهم في الأكليروس القبطي. وخلال قراءتي لإحدي الدراسات التي اهتمت بالوجود التاريخي القبطي في القدس وجدت ان مسألة الحجم العددي لهذا الوجود، أو بمعني آخر تعداد الأقباط في القدس، حتي نستطيع تقييم هذا الشأن وتطويره عبر العصور، أو إذا لا يتوافر لدينا سوي بعض التقديرات من جانب بعض الرحالة أو بعض رجال الدين. وهي في مجملها لا تعدو أن تكون سوي تقديرات لا تعطي لنا صورة حقيقية عن حجم الوجود القبطي في القدس وتطوره عبر القرون. ففي عام 1817 يقدر أحد الرحالة الغربيين عدد الأقباط في القدس حوالي 50 قبطياً، وفي عام 1837 يحدثنا مصدر آخر عن وباء الكوليرا الذي عصف بالقدس آنذاك، ويذكر أعداد من مات من الطوائف المسيحية بالقدس، مقدراً عدد من راح من الأقباط في هذا الوباء بسبعة أفراد، وفي عام 1853 يقدر أحد الرحالة عدد الأقباط في القدس من الناحية العددية أنه لم يكن كبيراً إذا قارنّاه بأعداد بعض الطوائف المسيحية الأخري إذ يقدر هذا المصدر عدد المسيحيين الروم بحوالي ألفين، وعدد الكاثوليك بحوالي تسعمائة والأرمن 350 فرداً، مع ذلك تتفوق الجالية القبطية في القدس من حيث العدد علي بعض الجاليات المسيحية الأخري، إذ يقدر عدد السريان في القدس آنذاك بحوالي عشرين، ونفس الرقم بالنسبة للأحباش. وقدر الأنبا باسيليوس المطران السابق القبطي للكرسي الأورشليمي والشرق الأدني عدد الأقباط في كل فلسطين في عام 1948 حوالي عشرة آلاف نسمة ، فيما أشار مصدر آخر الي ان عدد الأقباط في القدس في خمسينيات القرن العشرين بحوالي خمسمائة نسمة، وبعدها أشار نفس المصدر إلي أن هذا الرقم قد ارتفع ليصل إلي حوالي ألف نسمة عند عام 1970 . وحتي الآن ما تزال تعيش عشرات الأسر الفلسطينية في القدس التي تنحدر من أصول قبطية ولعل أهم هذه الأسر عائلات خوري، حبش، رزوق، جدعون، قبطة، مناريوس، حلبي، مينا، مرقص، ترجمان. في الحلقة القادمة سوف نكتشف سوياً أهم المعالم التاريخية والأثرية للوجود القبطي في القدس حيث ممتلكات الكنيسة القبطية المصرية والاقباط في الاراضي المقدسة ومحتوياتها وكيفية بنائها ... تابعونا.