\برغم مرور 46 على اندلاع أقوى حرب فى تاريخهم، إلا أن حرب أكتوبر 1973 أو كما يسمونها «حرب يوم الغفران» لا تزال تؤرق مضاجع سياسيى وعسكريى إسرائيل، ولا يزال العقل العسكرى الإسرائيلى غير قادر على استيعاب تلك الصدمة التى ضربت كالبرق أساس وركائز منظومة ذاع صيتها بأنها «جيش لا يُقهر»، حيث انتهت تلك الأسطورة إلى الأبد تاركة فى جبينهم ندب بارز وجرح غائر فى ذاكرتهم لا يمكن أن يندمل. وفى ذكرى تلك الحرب المجيدة تستعيد صحافة الاحتلال أوجاع الألم كعادتها، فالبعض يحاول الزعم أن الجيش الإسرائيلى حقق نجاحا والآخر يستعرض أسباب الهزيمة الفادحة، ومن بين تلك الصحف صحيفة «يسرائيل هايوم» والتى استعرض تقريراً يؤكد عبقرية التخطيط وبراعة الأداء للقوات المصرية فى الحرب، والذى مازال يُدرس حتى اللحظة، إذ نشرت الصحيفة تقريراً يؤكد أنه بإجراء محاكاة معلوماتية واستخباراتية للحرب، إذ تم اعطاء قادة وجنود تقديرات استخباراتية تعود لعام 1973 ودراسة للأوضاع الميدانية والسياسية لتحليلها، وكان الاستنتاج الذى توصلوا إليه لا يختلف عما توصل إليه قادتهم السابقون وهو: الحرب لن تندلع. وأوضح التقرير أن تلك النكبة التى طالتهم فى أكتوبر 1973 جعلتهم حتى الآن فى حالة صدمة وعدم ثبات من المعلومات التى يمتلكونها، إذ ينتابهم القلق حيال الحدود مع حزب الله فى لبنان ومع سوريا، وأكدت «يسرائيل هايوم» أن ما حدث فى الحرب جعل شعبة الاستخبارات العسكرية «أمان» تمر بأوقات سيئة، وصرح قائد فى تلك الشعبة للصحيفة أنه قبل عدة أعوام أجريت محاكاة من قبل ال»أمان» معتمدة على المعلومات التى وردت إليهم فى شهرى سبتمبر وأكتوبر 73، والتى أظهرت تكرار الأمر، قائلا: «أجروا لنا تدريباً وأعطونا معلومات عن القوات المصرية وتحركاتها فى 1973، وكان الشعور بالدهشة بأن النتائج التى توصلت إليها عمليات التحليل كانت ذاتها بأن الحرب لن تندلع، وأن تقع مرة أخرى فى نفس الأمر». وتابعت الصحيفة أنه بناء على تلك المعلومات التى جعلت قادة شعبة الاستخبارات يفشلون فى رصد التحرك المصرى، فشل أيضا ضباط الشعبة الحاليون فى الوصول لنتيجة مغايرة، مما يشيد بالتخطيط المصرى للمعركة، إذ توصل الجميع لذات الاستنتاج بأن الحرب لن تنشب، إذ تم إدخال بعض التغييرات البسيطة فى لتلك التدريبات كى لا يشعر المتدرب أنها سرد تلك الحرب وتم عرض التدريب عليهم بذات التفاصيل العسكرية لاختبار مهاراتهم فى تحليل المعلومات والتوصل إليها. وأضاف الضابط البارز أنه يرى فى الضباط الحاليين بالشعبة كفاءات كبيرة، إلا أنه كان ينظر أيضا لقادة الشعبة إبان حرب 1973 بأنهم كانوا الأفضل، إذ كانت لديهم المعرفة والاحترافية والخبرة، وبرغم هذا فقد سقطوا. ورأى أن خطة الخداع المصرية لم تكن فقط بمثابة مفاجأة فى التوقيت، ولكن الهدف منها أيضا كان هو كسر مفهوم ونظرية الأمن الإسرائيلي، مبدياً إعجابه الشديد بالرئيس الراحل محمد أنور السادات، واصفاً إياه بالعبقرى ، قائلا: «من أين جاءت تلك العبقرية، من ذلك الشخص». وتابع التقرير أن إسرائيل كانت لديهم معلومات فى عام 1973 أن هناك خطة مصرية لتحرير 30 كيلومترا من عمق سيناء بعد قناة السويس، وأن التخطيط المصرى كان للاستيلاء على منطقة ضيقة بجوار القناة، وهو ما رأوا فيه أنه ليس بعملية موسعة لتحرير سيناء، ولن يستطيعوا تدمير إسرائيل، وهو الأمر الذى يتفهمه قادة الجيش، إلا أن تبعاته كانت مؤثرة للغاية، ويؤكد الجميع أن السادات خدع الإسرائيليين، وفهمهم بطريقة مثيرة للدهشة.