الفلاح المصرى القديم.. رشاقة وخفة حركة ورقى اجتماعى

للحضارات جنود مجهولة، لعبت دورًا كبيرًا فى بنائها واستمرارها على مر الزمان، فوراء القصور الفارهة والمعابد الضخمة والتماثيل العملاقة وقف الفلاحون المصريون يجنون ثمار الأرض بعد انحسار مياه فيضان النيل.
الدكتور حازم الكريتى الباحث الأثرى ومفتش منطقة آثار سقارة، أشاد بوصف هيرودوت للفلاحين المصريين فى 450 ق.م إذ قال: «إنهم يجنون ثمار الأرض بجهد أقل مما يبذله غيرهم من الشعوب، لأنهم لا يضطرون إلى تحطيم أخاديد الأرض بالمحراث أوعزقها أوالقيام بعمل كالذى يضطر غيرهم من الناس إلى القيام به لكى يجنوا من ورائه محصولًا من الحَبّ؛ ذلك بأن النهر إذا فاض من نفسه وأروى حقولهم، ثم انحسر مأواه عنها بعد إروائها، زرع كل رجل أرضه وأطلق عليها خنازيره؛ فإذا ما دفنت هذه الخنازير الحَبّ فى الأرض بأرجلها انتظر حتى يحين موعد الحصاد، ثم جمع المحصول».
الكريتى، أكد أن للمصريين تاريخًا طويلًا مع فنون الزراعة والحرث، إذ كان الفلاح فى العصر الفرعونى يتمتع برشاقة وخفة حركة، وفياً لأرضه رغم مشقته‏، يغنى فى الحقل ويشارك فى مناسبة شم النسيم‏ وفى وفاء النيل‏.
زراعة الأرض كما يخبرنا الباحث الأثري، كانت تمر بعمليات متعددة بعد انحسار مياه الفيضان، حيث يعزق الفلاح المصرى القديم الأرض بالفأس ويحرثها بمحاريث تجرها الثيران، بعد ذلك يبذر البذور ويطلق الأغنام فى الحقل لتغرس الحبوب بأرجلها فى ثنايا التربة، ثم يحصد المحصول بعد نضجه ويجمعه لنقله إلى الأجران لتدرسه الدواب.
الدكتور حازم أوضح أن الفلاح المصرى القديم اهتم بتربية الأبقار والأغنام والحمير، التى كانت ذات فائدة له فى الزراعة وفى النقل، كما استفاد أيضًا من جلودها ولحومها وشعرها، كما اهتم بتربية الطيور مثل البط والحمام والأوز، وعنى كذلك بتربية النحل.
وأضاف الكريتى: إن الفلاح المصرى القديم استخدم أدوات عدة فى عملية الزراعة والفلاحة، منها الفأس والمحراث والمنجل والمذراة، كما ابتكر أيضًا آلة الشادوف لرفع المياه من الأسفل إلى الأرض المرتفعة.
وأشار إلى أن السمسم والشعير والقمح والعدس والحمص والترمس والكتان، و أشجار الفواكه من العنب والرمان والنبق والبلح والدوم والتين والجميز، كانت من المحاصيل التى حرص الفلاح المصرى القديم على زراعتها.
وتابع: الفلاح البسيط فكان يزرع الأرض مقابل حق انتفاع يسدده بعد انتهاء موسم الحصاد، ورغم ذلك كان الفلاح المصرى على درجة عالية من الرقى والأدب الاجتماعى.