تعج يوميًا محاكم الأسرة بمشاكل الانفصال الأسرى التى يدفع الصغار ثمنها، لتبدأ رحلة العناء التى يعايشها الطفل بين والديه المنفصلين بعد أن تتوالى الدعاوى القضائية بينهما فيما يخص النفقات وغيرها من الحقوق لتخلق حالة من التحدى بينهما، ويقع حينها الطفل بين سندين ومطرقة الطرفين المنفصلين ليتحول إلى وسيلة ضغط لأحدهما على الآخر بغض النظر عن حالته النفسية وحقوقه كطفل فى العيش وسط أجواء أسرية مستقرة. محكمة القضاء الإدارى قضت مؤخرًا بالغاء قرار وزير العدل رقم 1087 لسنة 2000 المتعلق بتنفيذ أحكام «رؤية الصغير» فى انتظار صدور قرار جديد ينظم تلك المسألة أو صدور تشريع من مجلس النواب، فى وقت الذى زادت فيه مطالبات المنظمات الحقوقية بتعديل قانون الأحوال الشخصية رقم 25 لسنة 1929 وأبرز تلك التعديلات استبدال «رؤية الصغير» ب»الاستضافة» والتى لا ينص عليها القانون المصرى رغم أنها تجد سندها فى الشريعة الإسلامية والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان، خاصة أن «رؤية الصغير» فى القانون الحالى تقتصر على رؤية الطرف غير الحاضن للطفل فى مراكز الشباب لمدة لا تتجاوز الثلاث ساعات، ودون عقاب رادع فى حال امتناع الطرف الحاضن عن التنفيذ. سحر أبوالعباس، رئيس مركز المحاماة العلاجية، قالت إن قرار وزير العدل رقم 1087 لسنة 2000 بشأن تنفيذ أحكام رؤية الصغير يحتاج وجود آلية لتنفيذ القرار فلا توجد أحكام رادعة فى حال امتناع الحاضن للصغير عن تنفيذ الرؤية، فالأمر ينتهى فى أغلب الأحيان برفع دعوى تعويض لا تغنى الطرف غير الحاضن عن رؤية الصغير، وبالتالى فإن الأمر تعد على حق الطرف الآخر «الرجل فى أغلب الأحوال» فى رؤية الصغير. وتابعت، أن قانون الأحوال الشخصية وضع الأب فى المرتبة ال16 فى حالة سقوط الحضانة عن الأم حيث تؤول حضانة الصغير للنساء من طرفها أو من طرف والد الصغير؛ ليأتى ترتيب الأب فى المرتبة رقم 16 ممن لهم حق حضانة الطفل . وأضافت، أن أفضل تعديل لحل أزمة تنفيذ أحكام «رؤية الصغير» هو أن يتم الربط بين مدى التزام الأب بواجبات النفقة وحقوق الأم والصغير وحق الأب فى رؤية صغيره، بمعنى أنه حال إخلال الأب بالتزاماته المادية يكون للمحكمة الحق فى حرمانه من حق الرؤية، مشيرًا إلى أن النص على عقوبة سالبة للحرية فى حال امتناع الحاضن عن تنفيذ حكم الرؤية بالإضافة للعقوبة المالية، حفاظًا على حق الطفل ونفسيته التى قد تتأثر بحرمانه من رؤية والده. من جانبه أكد أحمد مصيلحي، رئيس شبكة حماية الطفل، أن حكم محكمة القضاء الإدارى بإلغاء قرار وزير العدل يتعلق بتعديل اختصاصات القاضى فى تحديد أماكن ومواعيد الرؤية، حيث كان القرار يحدد أماكن معينة للرؤية ومدد معينة مما يُقلص سلطة القاضى التقديرية. وتابع، أن البرلمان بصدد مناقشة مشروعات قوانين بشأن تعديل قانون الأحوال الشخصية لمواجهة الأزمات التى تواجه الأسرة المصرية وأبرزها قانون «رؤية الصغير»، والتى طالب كثيرون باستبدالها ب«الاستضافة» أو «الإصطحاب» وفقًا لمشروعات القوانين المقدمة حرصًا على حق الطفل فى أن يعيش فى جو أسرى مستقر حتى فى حالة انفصال الزوجين. وأضاف «مصيلحي»، أن إلغاء قرار وزير العدل رقم 1087 لسنة 2000 حتى ولو لم يحل أزمات «رؤية الصغير» إلا أنه خطوة على طريق توسيع مفهوم الرؤية فيما سيتم نظره من مشروعات قوانين أمام البرلمان تتعلق بذلك الشأن أو حتى فى حال صدور قرار آخر لوزير العدل مُنظم لحالات تنفيذ أحكام «رؤية الصغير». منال العبسي، رئيس اللجنة النوعية للمرأة بحزب الوفد ورئيس الجمعية العمومية لنساء مصر، قالت أن يجب تناولها فى تعديلات قانون الأحوال الشخصية فيما يخص رؤية الصغار هو استبدالها بقانون الإصطحاب «الاستضافة» والتى تحقق التناسب والتوازن فى علاقة الأبوين بالطفل المحضون، لما فى ذلك الأمر من ضرورة لأزمة لسلامة الطفل المحضون نفسيا واجتماعيا. وأكدت «العبسي» على ضرورة وضع عقاب رادع فى حال امتناع الطرف الحاضن عن تنفيذ الرؤية، لما فى ذلك من إجحاف وقطع صلة أرحام بأسر الآباء بعد الانفصال. وطالبت مجلس النواب بضرورة الإسراع ووضع قانون لتنظيم الرؤية، أو أن يصدر وزير العدل قرار أخر ينظم فيه حق الرؤية والمفترض أن يتم عرض القرار على وزارة التضامن لدراسته، وهى التى ستتولى المساهمة فى إصدار قرار تنظيم الرؤية لطفل، لتصحيح كافة العيوب التى ظهرت عند تنفيذ أحكام الرؤية والتى يتعرض لها الطرفين بإصدار قرار أو قانون جديد ينظر نظرة إنسانية واجتماعية جديدة حول قضية الرؤية فى مصر حرصًا على مستقبل أطفالنا.