يأتى منكسراً يطلب الدعم، يحكى لكل من يلتقيه عن مأساته، فالشاب الذى كان يحمل حيوية وأمل ألوف، شاخت حياته حتى ولو لم يتسرب إلى شعره المشيب، فبعد أن تزوج اضطر إلى الانفصال لظروف تتعلق بالتفاهم والانسجام مع شريكة حياته، وفى الخلفية بالطبع تدخلات الأسرتين، الحياة انتهت إلى مشهد فيه رجل وامرأة يكرهان بعضهما، وبينهما طفل قدره أن يدفع ثمن خلاف أبويه، ومن المحاكم إلى القوانين قصة يحفظ اللذان كانا شريكين تفاصيلها، لأنها باتت مركز حياتيهما، فالصراع هو سيد الموقف، والأطراف متسلحون بجميع الوسائل التى تضمن لهما الفوز فى المباراة أيا كانت الأساليب والإجراءات دون النظر إلى الأخلاقيات. الشاب الذى تجاوز الثلاثين بعام واحد يبكى منفرداً كلما تذكر أنه لم ير طفله على مدار عامين سوى لحظات بسبب تعنت الأم الحاضنة، ورغم هذه اللحظات زادت غربة الأب عن فلذة كبده، فطفله بالكاد يعرفه، يستنطقه ليسمع كلمة «بابا حبيبى» فينظر الطفل إلى من جاء به، فيصمت، ليتحول اللقاء إلى سياط يلهب ظهر الأب الذى انسحق أمام مشاعره، فابنه ليس ابنه كما تقول الأوراق. هذه قصة لشاب تماثل قصص ألوف الآباء والأمهات غير الحاضنين لأطفالهم، تتكرر فى الواقع مع اختلاف بعض التفاصيل، وجاءتنى رسالة على الإيميل الخاص بى، تتضمن اقتراحاً من مجموعة من الآباء والأمهات غير الحاضنين لتعديل المادة 20 من القانون رقم 25 لسنة 1929 المنظمة لحق الحضانة.. وفيما يلى نص المذكرة: ثبت باليقين أن قانون رؤية أطفال الطلاق الحالى والمُنظم بالمادة عشرين من القانون رقم 25 لسنة 1929 المعدل بالقرار الوزارى رقم 1087 لعام 2000 يبتعد عن تحقيق أهدافه ومقاصد الأديان من باب صلة الأرحام. وقد ضاعف من الخلل ما تبع القانون من تعديلات جزئية بصدور القانون رقم (4) لسنة 2005 والخاص بمد فترة حضانة الصغير إلى خمسة عشر عاماً، وكذا المادة رقم (54) من قانون الطفل المصرى لسنة 2008، الخاصة بسلب الولاية التعليمية من الولى الطبيعى ومنحه للحاضنة. ونلخص اقتراحنا بالتعديلات على المادة عشرين من القانون رقم 25 لسنة 1929 فيما يلى: أولا: استبدال المسمى القضائى المستخدم لأحكام الرؤية إلى أحكام رعاية أسرية مؤقتة، وذلك لتجنب التأثير النفسى الضار لمسمى «رؤية» على كل من المحضون والطرف غير الحاضن. ثانيا: وضع آلية لتنفيذ تلك الأحكام بنظام الاستضافة لمدة أربع وعشرين ساعة بصفة دورية أسبوعياً، وأسبوع بإجازة نصف العام الدراسى، وشهر متصل أو منقطع خلال الموسم الصيفى، مع ضرورة وضع عقوبات رادعة على كل من الطرف غير الحاضن والطرف الحاضن فى حالة إخلال أى منهما بمواعيد أو مدة الاستضافة المقضى بها. ثالثا: يتم تطبيق نظام الاستضافة اعتبارا من بلوغ المحضون 6 سنوات، وذلك تعويداً للصغير على فضائل صلة الرحم التى تعد من مقاصد الشريعة الإسلامية المطهرة. رابعا: ضرورة أن تصبح أحكام الاستضافة ملزمة للطرف الحاضن بالأداء وفقا للمواعيد والمدد المقضى بها فى تلك الأحكام. خامسا: التأكيد على ضرورة تغليظ عقوبة الحاضنة التى بيدها الصغير فى حالة تعسفها بالامتناع عن تنفيذ حكم الاستضافة كليا أو جزئياً. انتهت الرسالة ونفتح من خلالها حواراً حول حق الرؤية لنضع الأمور فى نصابها، خاصة أن القوانين ليست قرآناً بل هى قوانين وضعية مهمتها تنظيم الحياة وليس تعقيدها. [email protected]