ظاهرة جديدة ومقارنة مهمة فرضت نفسها مع انطلاق دور الستة عشر ببطولة الأمم الأفريقية المقامة حاليا بمصر، خلال الفترة ما بين 21 يونيو وحتى 19 يوليو الجاري، خاصة بالمدرب الأجنبى ونظيره الوطني، حيث فجر منتخب بنين مفاجأة من العيار الثقيل، بإقصائه أحد أهم المنتخبات المرشحة بقوة للقب فى النسخة الحالية رقم «32»، وهو المغرب، بعد ضربات الترجيح (1/4) للتعادل بهدف فى وقت المباراة الأصلي، ليرحل «أسود الأطلسي» للمرة الثانية على التوالى دون لقب، مع المدير الفنى الفرنسى الكبير هيرفى رينارد، الذى كرر فشله، مثلما حدث فى النسخة الأخيرة ببطولة الجابون، وهو المدرب الوحيد صاحب لقبين مع منتخبين مختلفين هما زامبيا 2012 وكوت ديفوار 2015، لكنه لم يعد مفيدًا للمغاربة لحصد الألقاب، بعد تجربتين مريرتين، فى الوقت الذى يتصدر فيه المشهد داخل القارة السمراء، كونه أحد أهم أفضل المدربين، الأمر الذى يجعله مطروحًا دومًا لتدريب مختلف الأندية والمنتخبات، فبعد كأس الأمم الأفريقية بالجابون التى كان أربعة فقط من مدربى المنتخبات المشاركة فيها محليون، يحضر المدربون الأفارقة بقوة فى نسخة 2019، بعد معاناتهم من التهميش لصالح «السحرة البيض» لفترة طويلة، بدأ المدربون الأفارقة يحظون بثقة اتحادات الكرة فى بلدانهم لتدريب منتخباتها الوطنية. أحد عشر مدربًا إفريقيا فى كأس إفريقيا يسعى كل منهم لوراثة لقب النيجيرى ستيفن كيشى الذى كان آخر مدرب إفريقى يفوز بالبطولة العام 2013 مع منتخب نيجيريا، بعد سلسلة من الانتصارات للمعلم حسن شحاتة مع منتخب مصر بإنجاز البطولة ثلاث مرات متتالية فى حدث فريد من نوعه عندما اقتنص اللقب 2006 و2008 و2010، وهناك فلوران إيبينجى مع الكونغو الديمقراطية حيث تولى تدريب منتخب بلاده الملقب باسم الفهود فى أغسطس 2014، وهو المدرب الأكثر استمرارًا مع منتخبه بين المدربين الأفارقة المشاركين فى البطولة، وخلال السنوات الخمس التى قضاها على رأس منتخب الكونغو الديمقراطية، تمكن المدرب الفرنسى الكونغولى من إعادة الاعتبار للفهود، إذ وصل بهم إلى المراكز الخمسين الأولى لتصنيف الفيفا للمنتخبات، فهو يحتل حاليا المركز 49، وعلى الرغم من فشله فى قيادة منتخبه للتأهل لكأس العالم 2018 فى روسيا، إلا أنه متفائلا حيال حظوظ فريقه فى كأس الأمم الأفريقية، كما يحظى بثقة كبيرة من اتحاد بلاده، خصوصا أنه حقق من قبل عددا من الإنجازات منذ توليه تدريب الفهود، أبرزها تحقيق المركز الثالث فى كأس الأمم الأفريقية 2015، وبلوغ ربع نهائى كأس الأمم الأفريقية 2017، والفوز ببطولة المنتخبات الإفريقية للمحليين 2016. فى الوقت الذى أخفق فيه رينارد مع المغرب، حقق فى نفس اليوم ومع ثانى مباريات دور الستة عشر آليو سيسيه إنجاز مع منتخب بلاده السنغال بإقصاء أوغندا عبر هدف لنجم الفريق المحترف بصفوف ليفربول الإنجليزى ساديو ماني، فبعد أن كان قائد منتخب الجيل الذهبى السنغالى الذى وصل للمباراة النهائية لبطولة العام 2002 وربع نهائى كأس العالم فى نفس العام، تمكن آليو سيسيه من التحول إلى مدرب ناجح، فمنذ توليه تدريب منتخب «أسود التيرانجا» تمكن سيسيه من إعادة أمجاد الماضى لمنتخب السنغال، أما أبرز إنجازاته كمدرب فهى قيادته ل«أسود التيرانغا» لربع نهائى كأس الأمم الأفريقية 2017، والوصول لكأس العالم 2018، متسلحًا بساديو مانى المرعب، حيث يعتبر من المرشحين البارزين لقيادة منتخب بلاده للبطولة، فهل يمنح المدرب ذو الحضور الطاغى والشعر المجدول السنغال اللقب الأول فى تاريخها، لكنه جاوب من قبل فى مؤتمرات صحفية وقال «السنغال ليست مرشحا بارزا». المثير أنه ليس الوحيد الذى همش من لاعبيه ودورهم فى المنافسة على اللقب، رغم جدية الاستعداد وقوة الأداء فى البطولة، فهناك منافسة فى المجموعة الثالثة وصاحب النقاط التسع كاملة، المدرب الوطنى لمنتخب الجزائر جمال بلماضى الذى قلل من شأن اعتبار «ثعالب الصحراء» بين المرشحين للتتويج باللقب، وذلك قبل مباراته الأولى ضد كينيا ضمن المجموعة الثالثة، واعتبر بلماضى أن المنتخب السنغالي، الذى يضم فى صفوفه لاعبين من طينة ساديو مانى ومدافع نابولى الإيطالى كاليدو كوليبالي، الأبرز فى المجموعة التى تضم أيضا تنزانيا، لكنه انتصر على السنغال بهدف مع أداء فى حضور مانى وكوليبالي، ليبرهن أن تلك التصريحات للعامل النفسى وتخفيف ضغط جماهيره على لاعبيه فقط ليس إلا، رغم متابعته بالقول «فى النسخة الأخيرة من كأس أفريقيا بالجابون 2017 خرجنا من الدور الأول، وغبنا عن نهائيات كأس العالم الأخيرة بروسيا 2018، ونحن هنا ولا نختبئ، لدينا لاعبون جيدون لكننا منتخب يشهد إعادة بناء ويأمل فى تقديم نتيجة جيدة، فنحن هنا لنقدم أفضل كرة قدم، كما تطرق بلماضي، ويأمل بلماضى لقيادة بلاده إلى لقب ثان فى تاريخها، بعد أول العام 1990 على أرضها. بلماضى هو اللاعب السابق لباريس سان جرمان وأوليمبك مرسيليا بدأ مشواره التدريبى فى قطر حيث قاد فريقى لخويا والدحيل، محرزا أربعة ألقاب فى الدورى القطرى 2011، 2012، 2017، 2018 وثلاثة فى كأس الأمير، كما تولى فى هذه الفترة تدريب المنتخب القطرى فى أغسطس 2018 تم استدعاؤه لقيادة «ثعالب الصحراء» فى محاولة لتخطى التجربة المريرة لعام 2017، عندما فشلوا فى تخطى الدور الأول، ليترقب الجميع مواجهته الأولى فى الأدوار الإقصائية أمام غينيا، وسط مخاوف عربية من تكرار مشهد المغرب.