جاء الكاتب السوري فرحان المطر الي مصر تاركاً بلده الذي يعيش وهج الثورة، ليتمكن من كشف الأكاذيب التي يروج لها النظام بالعالم، وفضح ما يجري علي الأراضي السورية، من محاولات قتل وقمع المطالبين بالحرية، وقد بدأ موقفه الرافض للأكاذيب والتضليل بإعلان انسحابه من اتحاد الكتاب العرب السوري، واستقالته من التليفزيون الرسمي السوري... في حوارنا معه الذي جمع بين الثقافة والسياسة كانت السطور التالية. انطلق حديثه منذ البداية عن وطنه سوريا والأوضاع الراهنة التي لم ينفصل عنها منذ أن وصل القاهرة، وأبدي فخره بما فعله أهالي مدينة حمص من إصدار بيان يضم ممثلين عن كافة أحياء المدينة من سنيين وعلويين ليكشف مخطط النظام في إشعال الفتنة الطائفية والإيقاع بينهم من خلال "الشبيحة" أو "فرق الموت"، وهي الخطة التي لجأ إليها النظام للتفرقة بين طوائف الشعب السوري، حيث حمّل البيان الرئيس السوري المسئولية كاملة عن ما يجري، ووجهوا تحذيرا للرأي العام من مغبة الاستماع إلي الأحاديث الكاذبة التي من شا أثارت النعرات الطائفية. مؤخراً تم اعتقال عدد من المثقفين والفنانيين السوريين .. ما تعليقك علي ما حدث؟ - أولاً أحمد الله أنه تم إطلاق سراح كافة المعتقلين في المظاهرة التي شارك بها فنانون ومثقفون وصحفيون بدمشق، بعد أن أطلقت حملة تدعو للإفراج عنهم علي كافة الأرجاء في العالم عبر شبكة الإنترنت، وتعد هذه المظاهرة حدثًا نوعيا لأن النظام اعتاد علي اتهام الاحتجاجات السابقة بأنها ذات طابع ديني أو سلفية لخروجها من المساجد بينما انطلقت تلك التظاهرة بشكل علني، وتمت الدعوة إليها مسبقاً لتمثل كافة طوائف المجتمع وقد خرجت سلمية ليأكدوا أنهم ليسوا إرهابيين، لذلك هي نقطة تحد في مسار الثورة تكشف ادعاءات النظام. ماذا عن رؤيتك حول مستقبل سوريا في المرحلة القادمة بعد اندلاع الثورة؟ - نطمح أولاً إلي الحرية التي لم تتكتمل إلا بالخلاص من هذا النظام وإسقاطه الذي احتل عقول السوريين علي مدار 40 عاماً، ونزل علي كاهلهم كهم ثقيل وكابوس أسود وكل السوريين يطمحون إلي بناء دولة عصرية مدنية حرة يسودها القانون بعد سنوات تغيب فيها القانون لتكون سوريا بلد لأهلها فعدد المُهاجرين القصريين والباحثين عن لقمة العيش، يكاد يوازي حجم سكان سوريا وأؤكد أنه لا خوف علي سوريا بعد سقوط النظام وخيارات الشعب لن يمسها التغيير، فهو من سيعيد الحياة السياسية الديمقراطية إلي ما كانت عليه قبل حزب البعث. هل تري أن هناك أوجه شبه بين الثورة السورية والمصرية؟ - الثورة هي عربية لا تخص كل بلد علي انفراد لذلك أطُلق عليها "ثورة الربيع العربي" التي كانت شرارة البدء فيها بوعزيزي بتونس فكل الدول العربية تعاني من ذات القمع والفساد منذ عقود طويلة من قبل السلطات والثورات يختلف إيقاعها وشكلها وفقاً لظروف كل بلد، فالثورة المصرية أدهشت العالم خلال 18 يوماً أسقط الشعب احد اكبر انظمة الفساد في العالم .. أما الفرق بين الثورة المصرية و السورية ان الجيش وقف الي جانب الشعب في مصر بينما اجبر الجيش السوري تحت التهديد الي الوقوف مع النظام. لماذا خضت عالم كتابة القصة في مرحلة متأخرة من عمرك؟ - بالفعل بدأت الكتابة في سن الأربعين أي منذ 15 عاماً فقط، ودخلت إلي هذا العالم بالمصادفة، والبداية عندما أرسلت مقالاً إلي إحدي الجرائد الأدبية فتم نشره في صفحة خصصت لمقالات الكتاب والأدباء ولم أصدق نفسي حينها، وجاءت ردة الفعل في الوسط الثقافي مدهشة، حيث انقسم إلي رأيين: الأول احتفل بولادة كاتب جديد، بينما الثاني حاول إقناعي بالعدول عن فكرة الكتابة، ومن هنا بدأت التحدي. إنجازك الأدبي يوصف بالضئيل .. ما السبب وراء ذلك؟ - بدايتي وصفت بالإنتاج الغزير، وكان ذلك يثير تعجب الكثيرين، ولكن خوضي لمجال الإعلام سرق وقتي، ولم يسمح لي بالتفرغ إلي الكتابة التي هي عشقي الأول، وأعد القراء بأن أعود إلي الكتابة من جديد، بعد أن تعود الأوضاع إلي طبيعتها في سوريا، حينها سأقوم بتطليق السياسة، وأعود إلي محبوبتي الكتابة. مدينة الرقة السورية التي ولدت بها تمثل جزءًا من كيانك الانساني.. متي ستتحول الي جزء من كتاباتك؟ - لم أعش في مدينة "الرقة" طويلاً، فقد تركتها وأنا في الثامنة عشرة من عمري، لأستكمل مشواري في دمشق، فانقسم عمري بالتوازي بين تلك المدينتين، إحداهما شهدت طفولتي، والثانية شهدت ربيع شبابي، وقد عبرت عن ذلك في قصة بعنوان "قشقر" وهي كلمة منشق من أسمهما. هل تسعي إلي تقديم عمل يبوح بما تعج به سوريا من أحداث في ظل الثورة؟ - ليس لدي معلومات أمنية أو أسرار يمكن البوح بها كما أن أمن سوريا لا يمكن أن يكون مجال للكتابة، ولكني أستعد لتأريخ يوميات الثورة السورية، وفي أقرب فرصة سأقوم بتدوين كل مشاهدتي الخاصة لإصدارها في كتاب. أعلنت انسحابك من اتحاد الكتاب العرب السوري.. ما نظرتك للكتاب الذين مازالوا يعيشون حالة من الصمت؟ - منذ اندلاع الثورة هناك مثقفون أعلنوا انضمامهم إلي الثوار عبر أقلامهم وكتاباتهم ومع الأسف هناك آخرون باعوا أنفسهم للشيطان بثمن بخس، فأخذوا يدافعون عن النظام ويبررون كل ما يقوم به منهم حسين جمعة رئيس اتحاد الكتاب، الذي يردد أن الأمن لم يقتل المواطنين، بل الشهداء سقطوا علي أيدي العصابات المسلحة، وأنا أتحدي أن يأتي بدليل يثبت صحة ما يقول. وماذاعن الإعلاميين؟ الكثيرون منهم يعانون من قمع وضغوط منها لقمة العيش وأمنهم الشخصي تمنعهم من إبداء آرائهم أو البوح بما في صدورهم، وأنا ألتمس لهم العذر ولا أستطيع أن أفرض عليهم أن يأخذو نفس موقفي الذي أعلنت عنه، ولكن أتمني أن يتخلصوا من هذا القمع وينضموا إلي صفوف الشعب السوري. ما المسئولية التي تقع علي عاتق مثقفي سوريا بالخارج؟ - المهمة الأساسية للمثقفين المقيمين خارج سوريا تتركز علي القيام بالحشد الإعلامي لصالح القضة والثورة وفضح الأكاذيب والتواصل مع منظمات المجتمع الدولي وحقوق الإنسان. هل تعتقد ان دعم المثقفين المصريين للثورة السورية أمر كاف؟ - أود أن أقدم الشكر والتحية لكل المثقفين المصريين الشرفاء الذين يبذلون ما في وسعهم لدعم الثورة السورية بعضهم يتابع بدقة أخبار ما يدور علي أرض سوريا، ولكني أطالبهم بمنح السوريين المتواجدين بمصر اهتمام أكبر وإتاحة الفرصة لنا للحديث عن الأوضاع هناك لنكون صوت من هم بالداخل.