صرح صناعى عملاق بكل ما تحمله الكلمة من معان كان يملأ الدنيا إنتاجا من الحديد والصلب، لعب دورا بارزا فى توفير احتياجات المشروعات القومية من الحديد طيلة السنوات الماضية وفى مقدمتها خطوط السكك الحديدية والكبارى وأنابيب ومستودعات البترول إنها شركة الحديد والصلب أكبر وأقدم مجمع صناعى للحديد فى منطقة الشرق الأوسط. بدأت تتهاوى فى عام 1991 حينما أعلنت كشركة مساهمة مصرية تابعة للقابضة للصناعات المعدنية حيث بدأت حالة الشركة فى التدهور فى التسعينات وتوقفت يد الإحلال والتجديد عن الامتداد إلى الشركة وظلت عمليات التطوير لا تزيد على كونها صيانة فقط تسمح باستمرار العمل وليس بالطبع الدخول فى منافسة أو مواكبة للجديد فى العالم. حتى تحولت القلعة الصناعية إلى «خرابة» محاولات كثيرة بذلت لإنقاذ الشركة لكن دون جدوى. فهل ينجح هشام توفيق فى إعادة الحياة للشركة فى وقت أخفق فيه سلفه من وزراء قطاع الأعمال.. اليوم نفتح ملف شركة الحديد والصلب ومصيرها المنتظر. الخردة مقابل التطوير 5 مليارات جنيه وفرتها الشركة لسداد الديون وإعادة التشغيل تعثرات مستمرة تعوق تطوير شركة «الحديد والصلب» إحدى الشركات التابعة للقابضة المعدنية فبعد انتهاء دراسة المكتب الاستشارى الإنجليزى « تاتا ستيل « لتطوير إعادة هيكلة الشركة عام 2014 وطرح مناقصة لتطوير وتلقى عروض عالمية فى عهد وزير قطاع الأعمال دكتور أشرف الشرقاوى من خلال المناقصة العالمية التى طرحتها الشركة القابضة للصناعات المعدنية فى 21إبريل 2017 لتطوير وتأهيل خطوط شركة الحديد والصلب، فى ضوء دراسة الجدوى المالية وفنية التى أعدت بواسطة المكتب الاستشارى «تاتا ستيل» وشملت العطاءات المتقدمة للمناقصة 9 شركات إيطالية وصينية وأوكرانية وروسية وألمانية من إجمالى 22 شركة سحبت كراسات الشروط، حيث تم فتح المظاريف يوم 12 سبتمبر2017 آخر يوم لتلقى العروض. وشكلت لجنة لهذا الغرض لتقوم بفحص العروض وتقييم كل منها من الناحية الفنية، ويلى ذلك التقييم المالى للعروض، وكانت الشركة على وشك الاستقرار على أحد العروض لتبدأ التطوير، لكن مع تولى خالد بدوى خلفا للشرقاوى أوقف مناقصة التطوير دون مبررات مقنعة سوى الدراسة ثم الإعلان قبل تركه الوزارة بشهر عن إعادة تعديل دراسة التطوير والغاء انشاء مصنع جديد لحديد التسليح، ومع تولى هشام توفيق فلا يزال ايضا الموقف من تطوير الشركة رهن الدراسة وارتكزت رؤية توفيق على ضرورة تحديث دراسة المكتب الاستشارى الانجليزى قبل التطوير نظرا لرجوع الدراسة لعام 2014 وحدوث تغيرات بالشركة. كما اتجه توفيق أيضا فى خطته لسداد ديون شركة الحديد والصلب لبيع الخردة المتراكمة بالشركة والمقدرة قيمتها ب5 مليارات جنيه، وبالفعل بدأت عملية البيع للخردة الحديد والصلب لرجل الأعمال أحمد أبوهشيمة لصالح مجموعة «حديد المصريين» وبحسب العقد المبرم بين الطرفين، تقوم شركة الحديد والصلب ببيع خردة حديدية لديها تقدر بحوالى 230 ألف طن لشركة حديد المصريين وفقًا لمتوسط أسعار البورصة العالمية. ويشمل الاتفاق التعاون المستقبلى بين الطرفين، على أن تقوم شركة حديد المصريين بشراء الخردة الحديدية الموجودة بجبل التراب والمقدرة بنحو 700 ألف طن إلى جانب خردة الزهر وبعض الخامات الأخرى من شركة الحديد والصلب بغرض توفير سيولة مالية لشركة الحديد والصلب لتحسين الوضع المالى وموقف السيولة بالشركة. أنشأها عبدالناصر برأسمال مليونى جنيه للمساهمة فى المشروعات القومية أصدر الرئيس جمال عبد الناصر مرسوما بتأسيس شركة الحديد والصلب فى منطقة التبين بحلوان كأول مجمع متكامل لإنتاج الصلب فى العالم العربى برأسمال 2,1 مليون جنيه، أطلق المشروع كشركة مساهمة مصرية، وكانت قيمة السهم 2 جنيه وفى 23 يوليو 1955 قام عبد الناصر بوضع حجر الأساس الأول للمشروع فى ظل أوضاع اقتصادية قاصيه وحصار عالمى لمصر وقت العدوان الثلاثى، على مساحة تزيد على 2500فدان شاملة المصانع والمدينة السكنية التابعة لها والمسجد الملحق بها، بعد توقيع العقد مع شركة المانية لإنشاء المصانع وتقديم الخبرات الفنية اللازمة. وفى نفس التوقيت تم تشغيل ميناء الدخيلة لتوريد الفحم اللازم لتشغيل الأفران، وكذلك خط سكك حديدية من الميناء تصل إلى حلوان وخط سكك حديدية آخر لتوصيل خام الحديد من الواحات إلى حلوان. ولم يأت شهر نوفمبر من عام 1957حتى كانت الأفران الكهربائية الخاصة بصهر الحديد قد بدأت أعمالها بالفعل، وفى 27 يوليو 1958افتتح عبد الناصر الشركة الوليدة لتبدأ الإنتاج فى نفس العام باستخدام فرنين عاليين صنع بألمانيا. (وقد تمت زيادة السعة الإنتاجية للمجمع باستخدام فرن عالٍ ثالث صناعة روسية 1973، لحقه الفرن الرابع بغرض زيادة إنتاج الشركة من الصلب عام1979)، ليضم المجمع بذلك أربعة أفران عالية. واعتمد المشروع فى إنتاجه على خامات الحديد المتوافرة بكثرة فى مناجم أسوان «والتى قدرت مساحتها ب1250 كيلو مترًا مربعًا، فبالإضافة إلى جودة الخام المستخرج منها تعتبر أقرب مصادر الخامات المصرية إلى طرق المواصلات، كما اعتمد على خام الحديد المتوفر أيضا فى الواحات البحرية والبحر الأحمر. وقد بلغ إنتاج المصنع وقتها ما يقرب من 210 آلاف طن ليصل إلى 1,5 مليون طن فى فترة السبعينيات من الصلب المشكل على هيئة ألواح مختلفة الأحجام والسمك وقضبان وفلنكات حديدية وبلنجات السكك الحديدية، بالإضافة إلى الزوايا والكمرات والستائر الحديدية وأنابيب ومستودعات البترول وغيرها من احتياجات الصناعة المختلفة والتى كنا نستوردها سنوياً، كذلك أنتج المصنع منتجات أخرى ذات قيمة اقتصادية كبيرة منها السماد الفسفوري، خبث الأفران العالية الذى يستخدم فى صناعة الأسمنت وكذلك كميات هائلة من غاز الأفران الذى استخدم لتشغيل بعض الآلات فى المصنع ذاته، كما استخدم فى توليد الكهرباء. وففى عام 1961تم التعاقد مع الاتحاد السوفيتى على إنشاء وحدات جديدة بالمجمع لزيادة إنتاج الصلب من 300ألف إلى 1,5 مليون طن سنوياً، واعتمد الاتفاق على وقف استخدام خام منجم أسوان واستخدام خام الواحات البحرية للمجمع بأكمله، وهو ما تسبب منذ بدء استخدامه إلى الآن فى مشاكل عديدة بسبب ما يحويه من شوائب ضارة، كما تم التعاقد فى عام 1986مع شركة كروپ الألمانية لإعادة تأهيل بعض الوحدات لإضافة نوعية جديدة من المنتجات. استمر الوضع لفترة تفاقمت فيها مشكلات الشركة ولجأت للسحب على المكشوف وبلغت ديونها نحو 1,5 مليار جنيه، حتى 2005 ودخول الشركة ضمن برنامج تسويات ديون قطاع الأعمال العام ليتم إنهاء أزمة الديون، غير أن ما استمر فى الواقع هو تهالك الأفران وتوقف بعضها عن العمل، وفى نفس الوقت لم يتم تطوير شركة النصر لصناعة الكوك والكيماويات الأساسية التى تقوم بتوفير فحم الكوك أحد المكونات الأساسية فى صناعة الحديد، وبالتالى انخفضت كمية الفحم التى تتوافر للشركة، مما أدى إلى تراجع الإنتاج بصورة لم يسبق لها مثيل، ومن ثم ارتفعت ديون الشركة لتصل مديونياتها الى 4 مليارات جنيه.