17 عامًا مرت على أحداث كارثة 11 سبتمبر2001، هذه الحادثة التى غيرت معالم المنطقة العربية ككل، كما تأثرت بها العديد من الدول الأوروبية والأمريكية أيضًا، ولايزال العالم يعانى من آثار هذه الحادثة سواء بصورة مباشرة من خلال تفشى ظاهرة الارهاب وظهور الجماعات المتطرفة فضلًا عن الأحداث الدامية التى شهدتها العراق بسبب الاحتلال الأمريكي. ووفق محللون، فإن حادث 11 سبتمبر، والمعروف ب «11/9» يعتبر الحادث الأهم فى القرن العشرين، وقد أدرج أحد التقارير الصادرة عن المجلس الاقتصادى والاجتماعى بالأمم المتحدة أحداث سبتمبر ضمن تلك الأحداث القليلة التى أثرت فى تاريخ المجتمع البشرى بعد فترة ما بعد الحرب الباردة والتى كانت لها تلك الآثار المهمة وبعيدة المدى مثل تلك التى خلفتها الهجمات على مركز التجارة العالمى فى نيويورك وعلى البنتاجون فى واشنطن العاصمة، والتى راح ضحيتها 2973 ضحية و24 مفقودا، إضافة لآلاف الجرحى والمصابين. وترك هذا الحادث الإرهابى أثرا نفسيًا صعبًا على العالم بأثره، جعله يقسم التاريخ إلى حقبتين ما قبل أحداث سبتمبر وما بعدها، وخلف الحادث إنتاجًا أدبيًا غزيرا، وكان هناك العديد من الكتب والمؤلفات الروائية التى وصلت لقرابة 300 كتاب، وجعلت العديد من الكتاب والروائيين على المستوى العربى أو العالمى يتأثرون بها فى كتابة وجهة نظرهم وتحليلاتهم للأحداث سواء من خلال دراسات تحليلية أو روايات تأخذ منحى دراميًا للهجمات. وكان أبرز هذه الكتب على المستوى العربي، ثلاثية الروائى الدكتور يوسف زيدان، «محال» و«جوانتنامو» و«نور»، والتى يعرض خلالها زيدان مأساة شاب مصرى من محافظة الأقصر يقع أسيرًا فى معتقل جوانتانامو بكوبا، وتتغير حياة البطل الشاب بعد هذه الرحلة ليعود إلى وطنه أخيرًا فى رواية «نور» بعد أن أنضم إلى إحدى الجماعات الإرهابية. اما على مستوى العالم العربى فقد تناول هذا الحادث المأسوى عددًا غير قليل من الكتاب، فى إصدارتهم الروائية منها: رواية للكاتب الجزائرى سليمان بانسيا والذى تناول خلالها قصة شاب مسلم عاش حياة بعيدة عن الإسلام فى أمريكا وكان يخاف من الموت، ثم تعرف على صديق جعله ينضم إلى المجاهدين وأقنعه بأن عليه التخلص من هذا الخوف عن طريق استقلال طائرة ومهاجمة بناية مرتفعة. «المعبر».. للكاتب الفلسطينى زياد عبد الفتاح الذى تناول خلالها المعاناة التى يواجهها الفلسطينيين على المعابر الحدودية، ويتزامن دخول البطل إلى أمريكا مع تفجير برج التجارة العالمى ما يتسبب له فى عناء كبير كونه عربيا مسلما وفلسطينيا فى مجتمع صار يكره تلك الثلاثية. «ريح الجنة».. للروائى السعودى تركى الحمد، الذى تناول الأحداث بمنظور مختلف، وتبدو الشخصيات مرتبطة بفكرة الموت والهروب من الحياة ومشكلاتها لحياة أخرى بعد الموت، وهذا ما يدفع محمد المصرى وعبدالعزيز السعودى وزياد اللبناني، وشخصيات أخرى، إلى القتل مستخدمين أكثر الطرق وحشية، قتل من يعترض طريقهم، أو من لا يروق لهم سلوكه. وهناك العديد من الكتب والروايات العالمية التى نددت بالأحداث الإرهابية وتناولتها من خلال أحداث درامية عكست معاناة أبطالها سواء الذين عايشوا الحدث أو المعاناة والأزمات النفسية التى أصابتهم بعد الحادث منها: «تجارة الموت».. للكاتب الأمريكى فيسبيرمان، والتى ترصد حياة الجماعات المتطرفة التى تعمل على تجنيد الشباب فى العديد من دول العالم وتدريبهم على ممارسة الإرهاب، وظهر من خلال بطل الرواية، ذلك المواطن الأمريكى الذى ذهب إلى أفغانستان كمقاتل ليقابل هناك صحفيًا أمريكيًا ومترجمًا باكستانيًا، وتسرد أحداثًا كثيرة عن تجارة الموت التى أنتجتها الإدارة الأمريكية وصدرتها للجماعات الإرهابية فى أفغانستان، وتصدير هذه الجماعات للعديد من دول العالم.
كتب هذه الرواية ضابط الاستخبارات الأمريكية روبرت بير، التى تتناول العديد من القصص لمجموعة من الأشخاص الذين عاشوا لحظة الحادثة بطريقة درامية، كما يحكى المؤلف عن ذكرياته أثناء أحداث 11 سبتمبر التى وصفها فى الرواية بالأصعب فى تاريخ «السى. آى. إيه». «نيثرلاند».. للكاتب جوزيف أونيل، وصدرت عام 2008، وتعتبر هذه الرواية من أكثر الأعمال الأدبية التى شهد النقاد بواقعيتها، حتى أن البعض أشادوا بأسلوب النثر الغنائى الذى اختار الكاتب ان يقص أحداث الرواية من خلاله، كما أشاد الرئيس الأمريكى السابق باراك أوباما بهذا العمل الأدبى ووصفه ب«الرائع». وتتناول الرواية قصة هانزل فون دن بروك، المصرفى الهولندى الذى تضطرب حياته بسبب هجمات 11/9، فتهجره زوجته، مصطحبة ابنهما الوحيد وتنتقل إلى لندن، بينما يبحث هانزل الذى يعيش قرب فندق تشيلسى عن ملاذ له فى لعب الكريكيت فى مجتمع المهاجرين بإحدى الجزر. «الرجل الساقط».. للكاتب دون ديليلو وصدرت عام 2007 عن «دار بيكادور» ببريطانيا، وتروى القصة صورة الرجل الذى قفز من أحد برجى مركز التجارة العالمى فى أحداث 11 سبتمبر باعتبار أنها الصورة الأكثر إيلاماً والمعبرة عن هذا الحادث المأساوى، ما جعل الكاتب الأمريكى دون ديليلو يختار هذا الرجل كرمز عن هشاشة الضحايا ورعب الناظرين. «أطفال الإمبراطور».. للروائية كلير ميسود، وهى روائية وأكاديمية أمريكية معروفة، ويعتبر هذا العمل من أفضل الأعمال الروائية عن هجمات سبتمبر، والتى تجسد فيها نضالات الطبقة المثقفة فى مانهاتن، من خلال تقديم صورة شخصية لثلاثة أصدقاء، تقارب فيها مجريات الأشهر القليلة التى سبقت هجمات سبتمبر. «الصفر».. للروائى والكاتب جيس والتر، وهى كوميديا سوداء أخرى حول 11/9، يحاكى فيها المؤلف فرضيات مفاجأة الحادث المأساوى متبعًا أسلوب كافكا «الروائى الألمانى رائد الكتابة الكابوسية»، فهو يجعل أحد عناصر شرطة نيويورك الذى كان قد أطلق النار على نفسه ويعانى من فجوات رهيبة فى ذاكرته، يقود مجموعة من الزوار المشاهير فى جولة على مكان برجى مركز التجارة العالمى بعد انهيارهما والمسمى «جراند زيرو». أما فيما يتعلق بالكتب التحليلية التى تناولت أحداث سبتمبر، ليس من خلال سرد روائى ولكن من خلال تحليل واقعى للأحداث والأسباب التى أدت لوقوع الحادث، فقد أصدر عددًا كبيرًا من الصحفيين والمحللين رؤيتهم وأدلتهم والتى أثبت، فى أغلب الإصدارات، حقائق مخالفة لقصة الإدارة الأمريكية عن الحادث ومنها: «الخديعة الرهيبة».. تأليف الصحفى الفرنسى تييرى ميسان، وقد أحدث هذا الكتاب ضجة ضخمة فور صدوره، حيث يشكك الصحفى خلاله عبر مجموعة من الدلائل الرواية الرسمية للبيت الأبيض لأحداث سبتمبر، ويطرح عددًا كبيرًا من التساؤلات حول أنصار وأهداف هذه الانفجارات التى زعزعت النظام الجغرافى العالمى حسب العديد من المراقبين. ويشير المؤلف فى هذا الكتاب إلى أن الانفجارات التى أدت إلى انهيار مبنى برجى نيويورك وتدمير جزء من مبنى البنتاجون لم يكن وراءها انتحاريون أجانب، بل من المرجح أن تكون من صنيع عناصر من الحكومة الأمريكية ذاتها، أى أنها دسيسة محلية يرجى بها تغيير وجهات النظر والتأثير فى مجرى الأحداث. «وطن يواجه تحديًا».. وهو كتاب من تأليف فريق عمل بصحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية، يتضمن مجموعة صور فوتوغرافية عن حادث مركز التجارى، وتم نشر 250 صورة بالإضافة إلى مواد كتابية تسرد التسلسل الزمنى للحادث، وقسمت مواضيعه إلى «نقطة الصفر، عمال الإغاثة، ردود فعل العالم، طالبان واللاجئين». «سى. آى. إيه و11 أيلول 2001 والإرهاب العالمى ودور أجهزة الاستخبارات».. لأندرياس فون بولوف عضو حكومة المستشار الألمانى الأسبق هيلموت شميت واستعرض خلاله أرقام الرحلات ونوع الطائرات ومدن الانطلاق التى استهدفت البرج الشمالى والجنوبى بمركز التجارة العالمى وضربت المحيط الخارجى للبنتاجون، وكذلك الرحلة ونوع الطائرة التى سقطت أو أسقطت قرب منطقة شانك فل، بمنجم فحم قديم بولاية بنسلفانيا.
وهو مجموعة من المقالات كتبها أساتذة من معهد «هارفورد»؛ وهو عبارة عن إجابات على بعض الأسئلة الشائكة التى أثارتها الهجمات، بمجموعة آراء تعكس عددًا واسعًا من حقول البحث ووجهات النظر لأكثر القضايا الإنسانية والعقائدية الشائكة، مثل أين كان الرب فى ذلك اليوم؟ كيف أمكن حدوث ذلك؟ لماذا يكرهوننا؟ ما هو الرد الأخلاقى المطلوب؟
للكاتب لورانس رايت، وقد صدرت عام 2006 وهى رواية استقى أحداثها من واقع سرد أحداث حياة أربعة رجال هم: زعيما تنظيم القاعدة أسامة بن لادن وأيمن الظواهرى، ورئيس إدارة مكافحة الإرهاب فى «الإف. بى .آى» جون أونيل. ويرصد الكتاب الجهود البطولية التى قام بها أونيل لتتبع القاعدة قبل 11 سبتمبر، وموته المأساوى فى برجى التجارة، وفشل مكتب التحقيقات الفيدرالى والمخابرات المركزية الأمريكية والأمن القومى فى منع وقوع هجمات 11 سبتمبر. للكاتب برهان غليون، ويتناول الكتاب الآثار التى خلفتها حادثة 11 سبتبمر 2001 على العالم العربى والنظام الدولى، ويحاول غليون تحليل طبيعة التحولات التى حدثت فى العالم بعد مرور أربع سنوات على الحادث العالمي، طارحاً أسئلة مهمة حول أثر هجوم سبتمبر على النظام العالمى، وتأثيراته المباشرة وغير المباشرة على تطور الوضع السياسى فى أميركا نفسها، وبالتالى فيما وراء الوضع الجيوسياسى العالمى، وتحديد نوعية الاستجابات الدولية لها. كيف أثرت مأساة سبتمبر على الأدب والثقافة؟ وفق نقاد وأدباء عالميون فان أحداث سبتمر قد أحدث شرخًا قويًا لدى الكتاب والمثقفين بشكل عام، وذلك لأن الآداب والفنون معنية فى المقام الأول بالتجربة الإنسانية، وقالت الأديبة الأمريكية، صاحبة جائزة نوبل عام 1993 فى الآداب، تونى موريسون عندما سئلت عن تعليقها على أحداث سبتمبر خلال حديثها لصحيفة «نوفيل أوبريسورفور»: «ليس لدى ما أقول.. فنحن لا نستطيع أن نتخيل أن ما يحدث حقيقة»، كما أوضح الكاتب والفيلسوف الفرنسى جاك دريدا فى كتابه «ما الذى حدث فى سبتمبر»، حيث قال فى مقدمة كتابه: «نحن لا نعرف عمّ نتحدث.. ولم يعد فى وسعنا نحن الغربيون أن نفهم فنحن أمام عملية تدمير للذات الإنسانية». كما صدرت عدة دراسات نقدية تشرح تأثير الحادث المأساوى على الفنون والثقافة والأدباء فى كتاباتهم، حيث أوضحت هذه الدراسات أن الأدباء عجزوا عن إيجاد لغه تعبر عن الصدمة التى أورثتها هذه الكارثة الإنسانية، ومن أبرز هذه الدراسات كتاب «11/9 وأدب الإرهاب الأعمال الأدبية فى وصف التوترات المتعلقة بالكارثة، من خلال تحليل تمثيل الهجمات فى عدد واسع من الأعمال الأدبية، كما يكشف أيضاً التحديات المعقدة التى طرحتها صور 11 سبتمبر، برمزيتها البصرية المذهلة أمام الأدباء.