فيما ينذر باتخاذ خطوات أكثر تأثيرًا في وقت لاحق، صعدت الولاياتالمتحدة من لهجتها ضد النظام السوري بالتزامن مع كلمة هي الأولي من نوعها للعاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز أكد فيها أن ما يحدث من إراقة لدماء السوريين لا تقبل به السعودية معلنا استدعاء سفيره من دمشق للتشاور. وطلبت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون من نظيرها التركي أحمد داود أوغلو أمس الأول أن ينقل إلي دمشق رسالة واضحة مفادها أن علي السلطات السورية إعادة جنودها فورا إلي ثكناتهم وإطلاق سراح جميع المعتقلين. وقال المتحدث باسم الوزارة مارك تونر إن كلينتون وخلال مكالمة هاتفية مع نظيرها التركي تطرقت إلي الوضع في سوريا وإلي نداءات المجتمع الدولي المطالبة بوقف القمع العسكري ضد المتظاهرين المناهضين للرئيس بشار الأسد. من جهته قال السفير الأمريكي في سوريا روبرت فورد إن العنف الذي تقوم به الحكومة السورية ضد المتظاهرين «أمر بشع»، داعيا إلي عدم تصديق ما تقوله السلطات السورية حول الأحداث الجارية. وتابع فورد في حوار مع محطة «إيه بي سي» الأمريكية إن بلاده تعتزم زيادة الضغط علي النظام السوري لوقف هذا العنف، كاشفا عن أن أمريكا تسعي للمزيد من الإجراءات الأحادية وإلي إجراءات أخري مع شركائها الدوليين لإجبار النظام علي وقف إطلاق النار، وكرر القول إن بلاده تري أن الرئيس السوري بشار الأسد فقد الشرعية وأنه ليس مهما للمصالح الأمريكية. في السياق ذاته يستعد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون لتقديم تقرير إلي مجلس الأمن غدا بشأن سوريا يعلن فيه أن الأسد لم يستجب لنداءاته بوقف العنف ضد المدنيين وأنه مستمر في شن حملاته العسكرية، وهو ما سيترتب عليه اتخاذ إجراءات عقابية تصعيدية ضد نظام الأسد. من جانبه، عقد رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان اجتماعا طارئًا أمس في مقر رئاسة الوزراء وبحضور رئيس الأركان لمناقشة تطورات الوضع السوري. في الكويت، طالب نواب في البرلمان بسحب السفير الكويتي من دمشق ومقاطعة النظام السوري نتيجة القمع وأعمال العنف المستمرة ضد المدنيين. وخرجت دعوات احتجاجية تطالب دول مجلس التعاون الخليجي بانتهاج الخطوة السعودية وبسحب سفراء كل من قطر والبحرين وسلطنة عمان والإمارات والكويت من دمشق احتجاجا علي الأوضاع هناك. إلي ذلك، دعا البابا بنديكت السادس عشر في قداس أمس الأول في الفاتيكان إلي الصلاة من أجل الشعب السوري. وقال إنه يتابع بألم حلقات العنف المتصاعد في سوريا، ودعا إلي أن يتوصل الشعب السوري إلي المصالحة ويعيش في سلام. في المقابل، دعت الحكومة السورية، أمس، دول الخليج لإعادة النظر في مواقفها، التي دعت فيها إلي وقف فوري لأعمال العنف والمظاهر المسلحة التي يتصدي بها نظام دمشق لاحتجاجات شعبية حاشدة مناهضة لنظام الأسد، في أول رد فعل سوري علي البيان الذي أصدره مجلس التعاون الخليجي، قبل يومين، كما جاء بعيد استدعاء السعودية سفيرها لدي سوريا. يأتي ذلك فيما أعلن وزير الخارجية اللبناني عدنان منصور أن الرئيس السوري بدا خلال لقائه به مرتاحا جدا لتطورات الأوضاع في سوريا، وبدا مصمما علي السير في طريق الإصلاحات والتصدي للمسلحين الذين يعكرون الأوضاع الأمنية. من جانبه نفي حزب الله اللبناني في بيان له أمس ما نقلته الإذاعة الفرنسية عن تقرير للجنة تابعة لمفوضية الأممالمتحدة عن تورطه في قتل جنود سوريين معارضين، ورأي فيها دليلا علي انسياق بعض المنظمات الدولية في المؤامرة التي تستهدف قوي المقاومة والممانعة. ميدانيًا، نقلت وكالات الأنباء عن سكان في مدينة دير الزور السورية أن دبابات الجيش قصفت المدينة أمس الأول لليوم الثاني علي التوالي، يأتي ذلك فيما ارتفع عدد القتلي المدنيين أمس الأول إلي 80 علي الأقل بينهم طفل معظمهم في دير الزور. وأعلن اتحاد تنسيقيات الثورة السورية ارتفاع عدد القتلي المدنيين بينهم 50 علي الأقل في محافظة دير الزور وحدها. تحدثت تقارير إخبارية عن وصول تعزيزات عسكرية وحافلات تقل من يوصفون بالشبيحة إلي معرة النعمان السورية. ونشر ناشطون علي الإنترنت صورا لمظاهرات قام بها أهل مدينة البياضة في حمص الليلة الماضية هتفوا فيها لاسقاط النظام. وقد خرج أهل مدينة دوما في ريف دمشق الليلة الماضية في تظاهرة تدعو لنصرة أهل دير الزور وحماة وتهتف لاسقاط النظام. ونقلت التقارير عن شهود أن دبابات اقتحمت أمس الأول مدينة دير الزور شرق البلاد وسحقت حواجز أقامها مواطنون علي الطرق وفتحت النار بشكل كثيف وسيطرت علي الساحة الرئيسية في وسط المدينة، وانتهي الأمر بمقتل عشرات المدنيين. ومازالت السلطات السورية تتهم «جماعات إرهابية مسلحة.. بقتل المتظاهرين ورجال الأمن والقيام بعمليات تخريبية. في الأثناء، أصدر ائتلاف أطباء حلب الأحرار المعتصمين أمس في مستشفي حلب الجامعي بيانا أرسلوا نسخة منه ل«روزاليوسف» أدانوا فيه استخدام العنف في حماة ودير الزور ودرعا وحمص وجميع المدن السورية، وكذلك استخدام سيارات الإسعاف في عمليات اعتقال ومداهمة المدن. وطالبوا في بيانهم بسحب الجيش والقوي الأمنية من جميع المدن والقري السورية فورا، ومحاسبة كل من امتدت يده إلي الدم السوري بمحاكمة علنية، والإفراج عن كل المعتقلين ومنهم الأطباء الذين اعتقلوا حديثا أو سابقا مع رفع حالة الطوارئ فورًا. وبدأ النشطاء السوريون في تدشين حملة علي مواقع التواصل الاجتماعي ضد الجيش السوري وتحمل شعار «لن نخدم في جيش يقتلنا» ونحن حماة البلد ولسنا حماة الأسد، وهو ما وصفه د.رياض غنام عضو اللجنة التنسقية للمعارضة السورية في الفارج أنه بداية حملة لمقاطعة التجنيد داخل الجيش الذي تورط في قتل السوريين من بداية الثورة وأنه أصبح بذلك جزءًا من المعادلة القمعية ضد الشعب السوري.