ترصد روزا ليوسف فى هذا الملف كيف واجهت نيابة أمن الدولة العليا تحت ختم «سرى جدا» التطرف الدينى وقضايا الإرهاب وعلى مدار نحو ألف يوم بلغ عدد ساعات التحقيق فيها نحو 15 ألف ساعة اشتملت على قضايا «الأسماء الحركية لنساء الجماعة، خلايا المجموعات المركزية، أجناد مصر، تنظيم بيت المقدس، ولاية سيناء، داعش، ولاية سيناء بالإضافة إلى تفجيرات مديريات الأمن على مستوى الجمهورية، تحقيقات النيابة عن الأسماء الحركية للقيادات الإرهابية فى التنظيمات العنقودية، والاستهداف المستمر للكنائس. لم يكن القرار الذى اتخذته نيابة أمن الدولة العليا بحبس ريم قطب بسيونى جبارة عضو بالتنظيم الدولى جماعة الإخوان، 15 يوما على ذمة التحقيقات، وذلك فور وصولها إلى مصر قادمة من تركيا، سوى تأكيد لحالة الفهم التى تسير بها النيابة بشان المعلومات التى تقدم إليها وبالتالى تقوم بتدقيقها وإصدار إذن القبض والتفتيش والتى كشفت عن وجود لعبة صغيرة مع المتهمة على هيئة طائرة، إلا أن هذه الطائرة عقب عملية القبض والفحص تبين أنها للتجسس، حيث استغلت عضوة التنظيم الدولى صفتها الإعلامية، من خلال قناة الجزيرة القطرية، حيث تم إعدادها وتأهيلها من خلال دورات تدريبية على استخدام طائرات التجسس والتصوير، لاستخدامها فى تصوير الأحداث وإرسالها للقناة فى العاصمة القطرية الدوحة، لبث الأخبار الكاذبة وإعداد التقارير الإعلامية والمقالات والأفلام الوثائقية المفبركة، فى إطار خطة القناة القطرية، لإنتاج عشرات الفيديوهات المفبركة، وعرضها على الرأى العام باعتبارها مشاهد آنية وتحدث فى الوقت الراهن، فى إطار خطة التعبئة التى تنتهجها القناة القطرية المشبوهة ضد الدولة المصرية. حيث ساهمت عملية القبض فى الكشف عن هوية الأسماء الحركية لنساء تابعات للجماعة الإرهابية يتم استخدامهن فى إطار ما يسمى الملاذات الآمنة لكى يتخفى خلفها مطلوبين «أمنيا وجنائيا» من أنصار الجماعات المتطرفة، حيث تزامن مع هذه العملية ما كشفته أوراق تحقيقات نيابة أمن الدولة العليا فى القضية رقم 570 لسنة 2016 المعروفة إعلاميا ب«لجان العمليات المتقدمة» الأسماء الحركية التى أطلقتها الجماعة على السيدات اللاتى انضممن للجناح المسلح وهن « مايسة السيد عبد اللطيف بدوى، تحمل اسم حركى «سجدة لله»، وهاجر عصام الدين على أحمد، طبيبة أسنان تحمل اسم حركى «عائشة أبى بكر»، وعبير مختار السعدي، مدرسة تحمل اسم حركى «أم جويرية»، إضافة إلى «أروى الرماح» ابنه محافظ الإسكندرية التى كانت تمد ما يسمى بتنظيم « ولاية الصعيد « بالأسلحة والمعدات،وأمل عبد الفتاح عبده، من محافظة دمياط، واسمها الحركى «أم المثنى» والذين وفورا ملاذات آمنة لأعضاء وقيادات التنظيم لإلقاء الدروس التثقيفية الخاصة بعقيدة التكفير، كما كشفت النيابة عن المتهمتين غادة عبد العزيز عبد الباسط، المتهمة فى القضية رقم 79 لسنة 2017، المعروفة إعلاميًا ب«ولاية الصعيد»، وسارة جمال محمد السيد، المتهمة فى القضية رقم 148 لسنة 2017 المعروفة إعلاميًا ب«داعش الصعيد»، المودعتين بسجن القناطر الخيرية. منهجان لطرق التخفى وتغيير شرائح الهواتف المحمولة. فى إطار استخدام المحققين بنيابة امن الدولة العليا المنهج الفكرى ومناقشة الحجة بالحجة لبيان الجرائم التى ارتكبها أعضاء هذه الخلايا تبين أن استخدام الأسماء الحركية بين أعضاء التنظيم كان مخططا له من جانب هذه الجماعات فى إطار استخدام نظام أمن المعلومات المغلق الذى يمنع معرفة الأسماء القيادية للخلايا العنقودية بالإضافة إلى طرق التخفى. اللافت هنا أيضا، أن هذه الجماعات قبيل تضييق الخناق عليها بشكل كامل خلال الفترة الأخيرة عقب الضربات الأمنية ضدها وإحالة بقاياها إلى نيابة أمن الدولة العليا استخدمت نظامًا يعتمد على منهجين الأول ما يسمى ب«أمن التواصل» وهو نظام خاص بطرق الاتصالات الحديثة وتطبيقاتها، يتم استخدامه من خلال تغيير هواتفهم المحمولة وشرائحهم الهاتفية بصفة دورية. أما المنهج الثانى الذى تم اعتماده ضمن نطاق الخلايا العنقودية والذى كشفت عنه ذات التحقيقات فقد اعتمد على ما يسمى «النظام العسكرى» والذى اعتمد على منح أعضاء التنظيم الجدد والخلايا المنضمة إليهم حديثا دورات لتأهيلهم بدنيا ورفع قدراتهم القتالية بتدريبهم على كيفية استخدام الأسلحة النارية وفكها وتركيبها، وإعداد وتصنيع العبوات الناسفة وكيفية استعمالها وتفجيرها، وذلك من خلال عمليات تمويل فردية من خلال عدد من المنتمين فكريا لهذه الخلايا عبر تحويلات مالية داخلية لشراء ما يلزمهم من أسلحة نارية ومواد وأدوات تستخدم فى تصنيع المفرقعات، حيث اشتملت ذات التدريبات العسكرية على طرق فك وتركيب الأسلحة النارية، ورفع لياقتهم البدنية، واطلاعهم على تسجيلات مصورة لعمليات إرهابية لتنظيم القاعدة، والتدريب على تصنيع العبوات الناسفة وتفجيرها بمؤقت زمنى عن بعد بدوائر كهربائية موصلة بالهواتف المحمولة. قواعد بيانات للتنظيم «الأم» يكشف عن غرفة عمليات شمال السودان التى يديرها «محمد على بشر» ضد الدولة فى إطار قيام عناصر الجماعة الإرهابية باعتبارها المصدر الرئيسى لجميع الجماعات التكفيرية والمسلحة التى تتخذ الشكل المسلح «منهجا لها» كانت أن شكلت مجموعات خاصة بما يسمى جمع المعلومات وتسليمها إلى مجموعات أخرى فى إطار مجموعات خاصة تقوم بعملية تجميع هذه المعلومات فى «غرفة واحدة» تمهيدا لاختيار العناصر التى ستقوم بتنفيذ مهمات «الاغتيال»، حيث كشفت تحقيقات نيابة امن الدولة العليا فى هذا الإطار بعد عملية تحقيقات استمرت نحو ستة أشهر مع 304 متهمين من حركة «حسم» الإرهابية والذين تمت إحالتهم إلى إلى النيابة العسكرية، لاتهامهم بارتكاب 14 عملية إرهابية كبرى، أنها تأسست كخلية عنقودية عقب ضبط الكثير من قيادات وعناصر الإخوان، حيث فكروا فى إحياء العمل المسلح للتنظيم من خلال تشكيل تنظيم مسلح جديد، واتخذوا عدة مسميات أشهرها «حسم، ولواء الثورة»، وانتقوا عناصر للحركة مما تتوافر فيهم المقومات النفسية والبدنية، وتم إخضاعهم لدورات تدريبية متقدمة عسكريًا واستخباراتيًا داخل وخارج البلاد، وتولت الحركة تنفيذ عمليات إرهابية داخل مصر، حيث كشفت ذات التحقيقات عن شخصية تورطت فيما بعد فى عملية اغتيال النائب العام الشهيد هشام بركات. المدعو «يحيى السيد موسى» الذى شكل مع عدة عناصر إرهابية هم محمود محمد فتحى بدر، وأحمد عبد الهادي، وعلى بطيخ، ومحمد جمال حشمت صلاح الدين، وخالد صلاح الدين فطين» وذلك لقيادة وإدارة التنظيم من خارج البلاد، بالاتفاق مع قيادات التنظيم بالداخل وهم «محمد رفيق مناع، وحمدى طه العبثى، والهلال عمر نصر»، بالإضافة إلى «أحمد عمر دراج، ومحمد على إسماعيل بشر»، على أن يتم تشكيل غرفة عمليات بالخارج المسئول عنها المتهم «محمد عبد الحفيظ أحمد حسن» لتتولى العمليات داخل مصر، وتدير من تركيا. كما أوضحت تحقيقات النيابة فى هذا الإطار، أن المتهمين اتفقوا على تشكيل تنظيم مسلح جديد بدعم بعض العناصر الاستخباراتية بدولتى تركيا وقطر، وإخضاع عناصر التنظيم لدورات تدريبية عسكرية واستخباراتية، وتمت التدريبات العسكرية فى شمال السودان على استخدام الأسلحة المتطورة، وتصنيع العبوات، وتولى مسئولية التدريب «طارق السيد أحمد عبد الوهاب». وأضافت التحقيقات أن المتهمين استحدثوا هيكلاً تنظيميًا جديدًا يتكون من قيادة عامة تولاها «محمد كمال» قبل تصفيته فى مصادمات مسلحة بضاحية السادس من أكتوبر، وقيادة تنفيذية تولاها «محمد السيد محمد» و»ياسر محمد رفعت إبراهيم»، وإدارة الدعم المركزى تتولى الدعم المالى اللوجيستى لعناصر التنظيم، وإدارة الشريعة من عناصرها المتهمين «محمد صلاح شداد محمد عبد الحفيظ عبد الله»، وإدارة متابعة الوحدات الإدارية وهى الخاصة بإعداد قواعد بيانات التنظيم، وإدارة المعلومات وبنك الأهداف، وعناصرها يتولون تجميع الأهداف التى تم رصدها، وتحديد الشخصيات والمنشآت المستهدفة بالعمليات الإرهابية، وإدارة العمليات التى تتكون من 8 مجموعات، وقسموا الجمهورية لقطاعات وخطوط. مواجهة مجموعات التحليل وإدارة المعلومات.. وتفكيك 27 لجنة نوعية اللافت هنا أن كثافة الأحداث وسرعة وتيرتها من جانب التنظيمات الإرهابية التى حاصرتها الدولة وكشفت خيوطها نيابة أمن الدولة العليا لم يقتصر فقط على محور الأحداث الإرهابية أو مواجهة استهداف العناصر الإرهابية لمؤسسات الدولة، بل تخطاه إلى الكشف عن أهم وحدة عملت لصالح جماعة الإخوان الإرهابية عقب إحالة كبار قياداتها إلى المحاكمة الجنائية بتهم متعددة، حيث كانت هناك معلومات أمام المحققين بنيابة امن الدولة العليا من الواجب التدقيق فيها ومواجهة أعضائها تمثلت فى تشكيل عناصر الإخوان لما يسمى ب«وحدة الأزمة» والتى شكلتها قيادات الخارج اعتمدت وقت ذاك على ثلاثة محاور رئيسية بدأت بإعادة نشاط اللجان النوعية بشكل أكثر عنقودية، وتوظيف العناصر غير المؤهلة للمشاركة فى العمل المسلح للقيام بمهام أخرى، ومواصلة الاستقواء بالخارج بالتزامن مع تفعيل الخطة للضغط على الحكومة. حيث كان الهدف من هذه الوحدة تشكيل نحو 27 لجنة فرعية تتولى كل منها تنفيذ المخطط فى المحافظة التى تقع ضمن نطاق تكليفاتها، على أن تضع كل لجنة استراتيجيات منفصلة تجمع بين تبعيتها للقيادة المركزية وإدارتها بلا مركزية، ووسائل للتعامل مع التكليفات الواردة، والتخطيط التنفيذى للأنشطة بعد دراسة كل منها نقاط القوة والضعف فى نطاق عملها، من خلال البحث عن وسائل للمساعدة فى اختلاق أزمات فى ملفات وقطاعات حكومية مرتبطة بشكل مباشر بالمواطنين، بهدف إثارتهم ضد النظام الحاكم، عن طريق ضرب اقتصاد الدولة لإفشال خطط التنمية بالطريقة المناسبة وفقا للوضع الأمني، أشرفت عليه ما يسمى ب«اللجنة المركزية» والتى تمثلت مهمتها هنا مهمة نقل التكليفات لقيادات اللجان الفرعية بالمحافظات، على أن تتولى كل لجنة عن طريق استخدام اللامركزية فى العمل تفاديا للقبضة الأمنية، دراسة الطريقة المثلى فى تنفيذ أهداف المخطط بالوسائل التى تراها مناسبة، مع توفير الدعم المالى الكافى لذلك. فضح وحدة نشر الشائعات داخل الجماعة عقب ورود المعلومات الأولية إلى نيابة امن الدولة العليا كانت التوجيهات من جانب المحامى العام الأول للنيابة للأجهزة الأمنية بضرورة تفكيك قادة «اللجان الفرعية» التى شرعت فى ضم العناصر المؤهلة للعمل ضمن «وحدة الأزمة»، وتلقينها الهدف الأساسى من نشاطهم، وتحديد الاستراتيجيات العامة والمطلوب من كل طرف، ورسم خارطة لتفعيل عمل كل لجنة فرعية فى المحافظة المكلفة بها، حيث كشفت التحقيقات أن اللجان الفرعية مرت بعدة مراحل للوصول إلى تنفيذ التكليفات، تضمنت تقسيم عناصرها بين مجموعات إعلامية متصلة بوحدة «نشر الشائعات» والتى تقوم بها اللجان الإلكترونية ثم مجموعات رصد لنقاط القوة والضعف والأزمات التى تواجه المواطنين فى النطاق الجغرافى المحدد لكل منها، ومجموعات تحليل لوضع بنود التعامل مع تلك الأزمات وافتعال أخرى بهدف إثارة غضب المواطنين تجاه الحكومة، حيث اتبعت اللجان الفرعية نظامًا هرميًا لتفعيل نشاطها يبدأ برصد الظواهر المختلفة فى النطاق الجغرافى المحدد، ونقل النتائج التى توصلت إليها عناصرها إلى مجموعة التحليل والإدارة والتى تتولى مجموعات إعلامية أخرى ترويجها على مواقع التواصل الاجتماعى ضد الدولة، من خلال رصد ميزانية خاصة لتأسيس مواقع إلكترونية إخبارية، تديرها عناصر المجموعة الإعلامية مع إنشاء صفحات وهمية لنشر الشائعات والأخبار المفبركة.