يقول تعالي: «اعلموا إنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يكون حطاما وفي الآخرة عذاب شديد ومغفرة من الله ورضوان وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور» (الحديد: 20). ففي هذه الآية يوضح الله تعالي محقرًا أمر الحياة الدنيا: إن هذه الدنيا ما هي إلا لعب ولهو، هذه هي قيمتها عند أهلها، زهرة فانية، زائلة كمثل مطر يأتي بعد قنوط الناس، يعجب الزراع نبات الزرع الذي نبت بالمطر، كذلك تعجب الحياة الدنيا الكفار، فإنهم أحرص عليها، وأميل الناس إليها. ثم يهيج الزرع بعد ذلك فتراه مصفرا بعدما كان خضرًا نضرًا، ثم يكون حطاما يبسا، هكذا الحياة الدنيا، تكون أولا شابة، ثم تكتهل، ثم تكون عجوزا شوهاء، والإنسان كذلك في أول عمره، وعنفوان شبابه، بهي المنظر، ثم يشرع في الكهولة، فتتغير طباعه، وتنفد بعض قواه، ثم يكبر فيصير شيخًا كبيرًا، ضعيف القوي، قليل الحركة، يعجزه الشيء اليسير، فهذا مثال دال علي زوال الدنيا وانقضائها، وأن الآخرة كائنة لا محالة، حذر الله من أمرها، ورغب فيما فيها من الخير، إما عذاب شديد، وإما مغفرة من الله ورضوان. أما الحياة الدنيا فهي متاع فان، تخدع من ركن إليها، واغتر بها، فهي حقيرة قليلة، بالنسبة إلي الدار الآخرة.