تجليس أساقفة جدد في إيبارشيات وسط وجنوب مصر لدعم التنمية الروحية    كيف تحدد الإجازات الاستثنائية لأصحاب الأمراض المزمنة؟    التعليم تحبط محاولات اختراق إلكتروني لصفحتها الرسمية على «فيسبوك»    من 0.09% إلى 2.3%.. رحلة صعود الطاقة الشمسية في مصر    5 وزراء يجتمعون لمتابعة الموقف الحالي لمنظومة «الرقم القومي العقاري»    البولنديون يدلون بأصواتهم في انتخابات رئاسية حاسمة    اتحاد الكرة يطبيق معايير "مكافحة المنشطات" في المسابقات    ضبط المتهم بقتل وإصابة 3 أشقاء في نجع حمادي    سقوط أعمدة وعقارات.. الحكومة توضح خسائر عاصفة الإسكندرية    تنظم زيارة لوفد البنك الدولي للمنشآت والمشروعات الصحية في الإسكندرية    متحدث الصحة: رفع درجة الاستعداد القصوى في المستشفيات استعدادا لاستقبال عيد الأضحى    "مواجهة حاسمة".. ماسكيرانو يتحدث عن أهمية مباراة الأهلي في كأس العالم    بعد تداول امتحان دراسات الإعدادية بالقاهرة.. اسم اللجنة يفضح مصور البوكليت    62 عامًا من الوحدة    الصين تتهم وزير الدفاع الأمريكي بتجاهل دعوات السلام من دول المنطقة    حريق في غابات السفكون بريف االلاذقية    محافظ أسيوط يشهد الحفل الختامي لأنشطة مدارس المستقبل    قوات حرس الحدود توجه ضربة لمهربى المخدرات    بيراميدز يتحدى صن داونز لتحقيق حلم حصد لقب دوري أبطال إفريقيا    محمد شكرى يبدأ إجراءات استخراج تأشيرة أمريكا للسفر مع الأهلى للمشاركة في كأس العالم للأندية    التاريخ لن يقف أمام الصراعات.. بل سيذكر اسم البطل الكورة بتتكلم أهلى    حدث منذ قليل .. وزارة التعليم تتصدى لاختراق الصفحة الرسمية لها على فيس بوك    بدء تشغيل الأتوبيس الترددي على الطريق الدائري    متوسط التأخيرات المتوقعة لبعض القطارات على خطوط السكة الحديد    إنفوجراف| «الأرصاد» تعلن حالة الطقس غدًا الإثنين 2 يونيو 2025    إجراءات مشددة لتأمين ضيوف الرحمن تيسير الحج    "روز اليوسف" تحقق: مفاجأة.. بيوت ثقافة موصى بغلقها تم تجديدها فى 2024 ورطة الوزير فى ثقافة الجماهير!    مصر أولا.. الثقافة.. ملف أمن قومى وليست أزمة إدارة الاستثمار الثقافى وتجريف الوعى المصرى!    أبرزها جبل الطير وحارة زويلة الكنيسة القبطية تحتفل برحلة العائلة المقدسة فى مصر    مصطفى حجاج يغني مع إسلام كابونجا "على وضع الطيران"    شريف مدكور: «نفسي أقدم برنامج ديني بدون مقابل»    ريهام عبدالغفور: تكريم جديد يكلل مسيرتي بدور استثنائي عن «ظلم المصطبة»    دعاء اليوم الخامس من شهر ذي الحجة 1446 والأعمال المستحبة في العشر الأوائل    «الإفتاء»: الأضحية من أعظم القربات إلى الله ويجب أن تكون مستوفية للشروط    دون تخوين أو تكفير.. قضايا الميراث تريد حلا    أحلف بسماها .. رموز مصرية فى المحافل الدولية    غدًا.. وزير العمل يترأس وفد مصر الثلاثي المشارك في فعاليات الدورة ال 113 لمؤتمر العمل الدولي بجنيف    وزارة الصحة: التدخين يتسبب في وفاة أكثر من 8 ملايين شخص كل عام    2700 مستفيد من قافلة جامعة عين شمس التنموية الشاملة لمحافظة سوهاج    «مكافحة العدوى» تحتفل باليوم العالمي لغسيل الأيدي بمستشفيات «سوهاج»    رحلة العائلة المقدسة.. أكثر من ثلاثين دولة تخلدها على طوابع بريد    إصابة 13 شخصا إثر حادث انقلاب سيارة ربع نقل على طريق العلاقي بأسوان    روسيا: الجسر المنهار لحظة مرور قطار الركاب تعرض لتفجير    لهذا السبب.. خالد النبوي يتصدر تريند "جوجل"    هل يجوز الدعاء بشيء وأنا أعلم أنه شر لي؟.. الإفتاء تجيب    "استمر 3 ساعات".. السيطرة على حريق سوق السيراميك بالمرج- صور    ثالث المتأهلين.. باريس سان جيرمان يحجز مقعدًا في إنتركونتيننتال 2025    حماس: وافقنا على مقترح ويتكوف كأساس للتفاوض.. ورد إسرائيل لم يلبِ الحد الأدنى لمطالبنا    لحق بأبنائه.. استشهاد حمدى النجار والد الأطفال ال9 ضحايا قصف خان يونس    حسام باولو: عيب على مهاجمي الدوري تتويج إمام عاشور بلقب الهداف لهذا السبب    الإفتاء تحسم الجدل.. هل تسقط صلاة الجمعة إذا وافقت يوم العيد؟    موقف حرج يتطلب منك الحزم.. حظ برج الدلو اليوم 1 يونيو    بسبب قطعة أرض، مقتل وإصابة 4 أشخاص والقبض على 13 في مشاجرة بسوهاج    قرار وزاري.. الدكتور السيد تاج الدين قائمًا بأعمال مدينة زويل    «شاغل نفسه ب الأهلي».. سيد عبد الحفيظ يهاجم بيراميدز لعدم الرد على الزمالك    الاحتلال ينسف منازل سكنية في القرارة شمال شرق خان يونس    رسميًا الآن.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأحد 1 يونيو 2025 بعد الانخفاض    عيار 21 الآن يسجل رقمًا جديدًا.. سعر الذهب اليوم الأحد 1 يونيو بعد الانخفاض بالصاغة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعد التعويم.. الغلاء ينخر فى جسد لحوم الغلابة ووقف الاستيراد ضربها فى مقتل
نشر في روزاليوسف اليومية يوم 22 - 12 - 2016

قرارات اقتصادية كثيرة، وخطوات واسعة فى طريق التحسين الاقتصادى تُقدم عليها الحكومة، إلا أنها حتى الآن لم تحقق الهدف المطلوب منها وهو تحسين المعيشة لمحدودى الدخل، ولكنها زادته همًا جديدًا فوق حاوية همومه.
تعويم الجنيه، وخفض قيمته أمام الدولار العملة الرسمية فى الاستيراد والتعاملات الخارجية، أثر بالسلب على عدد كبير من المنتجات الغذائية التى جاء فى مقدمتها اللحوم المجمدة «المستوردة» والتى يطلق عليها اسم «لحوم الغلابة»، ليس فقط وإنما جاء قرار وقف الاستيراد من الخارج ضربة قاصمة لهم.
صراخ وأنين الغلابة فى الشارع المصرى بسبب نقص اللحوم المستوردة والتى تعتبر طوق النجاة لهم فى ظل الارتفاع الجنونى والمستمر للحوم البلدية، فالقرارات الاقتصادية جعلت المواطن البسيط بين نارين إما لحوم فاسدة أو مرتفعة الثمن، أو الاكتفاء بمشاهدتها فقط.
قامت «روزاليوسف» بجولة لرصد عواقب تعويم الجنيه، ووقف الاستيراد على لحوم الغلابة، خاصًة أنها ليست مُقتصرة عليهم فقط ولكنها أساس عمل المطاعم ووجبات المستشفيات.
«داخل محال توزيع اللحوم المستوردة»
ذهبنا إلى أحد الموزعين بمنطقة السيدة زينب بحجة أننا نعمل قى قسم الإدارة بأحد المستشفيات لشراء كمية لحوم مجمدة لطهيها وإعدادها وجبات للمرضى والأطباء، فأخبرنا صاحب المحل أن لديه أكثر من نوع مابين سودانى، برازيلى، إثيوبى، ولكن أفضلهم البرازيلي، والأسعار متفاوتة بداية من 40 جنيهاً للكيلو وحتى 70 جنيهاً للكيلو، وأن الفرق فى السعر حسب بلد المنشأ لكل نوع من أنواع اللحوم فالإثيوبى أقلهم فى الإجراءات التفتيشية بما يمكنهم من خلطها بمواد أخرى وهذا هو السبب فى انخفاض سعرها، وبعد هذا الحديث أخبرناه بأننا سنأخذ كمية من لحوم البرازيلى على أن يخفض من ثمنها نظرًا لحاجتنا إلى كمية كبيرة ودائمة، توصلنا إلى 45 جنيهاً للكيلو على أن نأخذ 30 كارتونة لحم ووافق على ذلك.
وعندما بدأ فى إحضار كراتين اللحوم نظرنا إلى تاريخ الصلاحية فوجدناها منتهية الصلاحية، فهى مستوردة بتاريخ 15 / 2 / 2016، وأقصى فترة صلاحية لها هى 6 أشهر فقط، فرفضنا استلامها مؤكدين رفض المستشفى استلام لحوم هكذا، فعرض علينا تخفيض السعر100 جنيه لكل كارتونة فى مقابل إتمام البيع إلا أننا رفضنا مؤكدين له أن إدارة المستشفى لا يمكنها استلام لحوم هكذا. اتجهنا إلى موزع آخر بمنطقة حدائق المعادي، الأنواع نفسها، والأسعار لم تختلف كثيرًا عن الموزع الأول، إلا أنه عندما أحضر كراتين اللحوم وجدنا أن مكان تدوين تاريخ الصلاحية مُزال ومُلصق فوقه ورقة مدون عليها تاريخ صلاحية جديدة، فهذه اللحوم انتهى تاريخ صلاحيتها، وقام الموزع بعمل «استيكارات» مدون عليها تاريخ صلاحية سارى مزيف، فرفضنا شراء اللحوم منه بسبب التلاعب فى تاريخ الصلاحية، فأخبرنا أنه لايوجد كارتونة لحوم واحدة فى مصر بأكملها بتاريخ حديث نظرًا لوقف الاستيراد منذ تعويم الجنيه.
بعد أن أخبرناه أنه لا يمكن تمريرها إلى المستشفى بهذا الشكل خوفًا من الرقابة، فأخبرنا بإمكانية توفير 10 كراتين لحوم بتاريخ حديث فى خلال الأسبوع المقبل، ولكن أخبرناه أننا نخشى أن تكون مثل الحالية، فأكد لنا أنها مجمدة محلى وأنها أفضل وأجود من المستوردة.
«المواطنون»
صراخ وأنين بسبب نقص اللحوم المستوردة، والموجود منها منتهى الصلاحية ومرتفع الثمن.
«رضينا بالهم والهم مرضيش بينا» بهذه الكلمات بدأت بثينة على – ربة منزل – 45 عاماً – حديثها عن نقص اللحوم المستوردة فى الأسواق، وواصلت: اللحوم المستوردة هى الملاذ الوحيد لنا بسبب انخفاض سعرها عن اللحوم البلدي، ولكن حتى هذه لم نستطع الحصول عليها، وتابعت: الموجود فاسد حتى أن له رائحة تزكم الأنوف، وتسألت والدموع تنهمر من عينيها «نعمل إيه؟».
وقطعت حديثها آمال محروس – موظفة – 38 عاماً – قائلة لدى 5 أطفال وجميعهم يريدون أن يأكلوا لحوماً مثل باقى الأطفال، فهم لا يدركون أننى أمرأة فقيرة لا أستطيع تحمل كل هذه النفقات، وتابعت: كنت اشترى اللحوم المستوردة وأنا أعلم ما بها من بكتيريا، ولكن ليس لدى أى خيار آخر سواها، وأضافت: أنه حتى هذه اللحوم أصبحت حلم بعيد المنال بسبب وقف الاستيراد، والتجار جعلونا فريسة لهم يستغلونا كيفما شاءوا، فقاموا برفع كيلو اللحم المستورد ليصل إلى 70 جنيهاً، واستكملت: أنا الآن بين نارين مطلبات أطفالي، ونار الأسعار، وطالبت من الحكومة سرعة رفع حظر الاستيراد عن اللحوم.
وروى لنا عبدالرحمن أحمد – مدرس – 47 عاماً – قصة عذابه فى البحث عن اللحوم المجمدة، مؤكدًا أن الموجود فاسد وذو رائحة كريهة، وتابع: قبل ذلك كنت أجد أنواعاً متعددة مثل الكبدة والسجق وغير ذلك، أما الآن فهى مقتصرة على اللحوم فقط، ونحصل عليها بصعوبة شديدة.
وأوضح أن أحمد نصر – موظف – 54 عاماً – أن اللحوم أصبحت مثل المنشآت العسكرية «ممنوع الاقتراب أو التصوير» ولكن المشاهدة من بعيد فقط، واستطرد: أقطع مسافات طويلة بحثًا عن محل لحوم مستوردة بسعر منخفض، ولكن التجار يرددون عبارة واحدة «الدولار زاد هنعملكم إيه».
«ُتجار التجزئة»
الذين أكدوا أنهم أكثر ضررًا من المستهلك، فهذه التجارة هى مصدر رزقهم وقوت أولادهم، والتى أصبحت مُهددة بالضياع عقب قرار حظر الاستيراد.
قال محمد نعيم – صاحب محل لحوم مستوردة – إذا كان المستهلك يعانى نقص اللحوم مستوردة مرة فنحن نعانى مائة ألف مرة من نقصها، وواصل: فهى مصدر قوتنا ولا نعلم إذا ما تحسنت الأوضاع وعادت لطبيعتها ماذا سنفعل؟، وتسأل هل جاء هذا القرار لزيادة حجم شريحة البطالة أم ماذا؟
وأكد عبدالله رفاعى – صاحب محل لحوم مستوردة – أن أسعار استلام اللحوم من المستورد تضاعفت فى فترة بسيطة، ونتج عن ذلك مشادات يومية بين البائع والمستهلك، واستطرد: المستهلك يلقى اللوم دائمًا على البائع بينما البائع وقع عليه ظلم أكثر منه.
وعلى صعيد آخرأكد عدد من التجار أنهم يحددون نسبة مكسب لنفسهم مهما ارتفع سعر اللحوم، رافعين شعار «اللى معهوش ميلزموش».
أكد بندق حنيجل – صاحب محل لحوم مستوردة - أنها أجود من اللحوم البلدية، وأكثر ضمان منها لأنها تخضع لكشف وفحوصات شديدة، وواصل: أنها محفوظة وسليمة وصالحة للاستخدام طالما أنها مجمدة.
وأضاف اسماعيل حبشى – صاحب محل لحوم مستوردة – أن جميع اللحوم الموجودة فى جميع المولات ومنافذ لحوم محدود الدخل مستوردة، ولكن الفرق بينها وبين تجارتهم أنها تأتى مبردة بينما الخاصة بهم تأتى مجمدة، وطالب بأن تتساوى بأسعار اللحوم الأخرى سواء المبردة، أو البلدى، وتابع: «كفاية على الغلابة يوم واحد لحمة فى الشهر».
«أزمة اللحوم داخل المستشفيات والمطاعم»
المعروف والمعتاد أن اللحوم التى يتم تقديمها فى وجبات المطاعم والمستشفيات لابد أن تكون من اللحوم المجمدة «المستوردة»، ولكن حظر الاستيراد، وخفض قيمة الجنيه أمام الدولار وضعهما فى أزمة شديدة.
وفى جولة داخل عدد من فنادق منطقة وسط البلد، أكد محمد حويدق – صاحب أحد الفنادق - أن اللحوم الموجودة منتهية الصلاحية، ولا يمكننا شراء وطهو اللحوم البلدية، مما وضعنا فى أزمة أمام الزبائن، ففى بداية الأمر قمنا بإلغاء جميع المأكولات التى تحتوى على اللحوم، واكتفينا بتقديم وجبات من الدجاج بطرق طهى متعددة وجديدة، وواصل: ولكن بهذه الحيلة لم تُحل الأزمة، ولكن سرعان ما وجدنا أنفسنا فى أزمة جديدة وهى نقص الدجاج المجمد هو الآخر، وفى النهاية نعتمد على شراء الدجاج المبرد من كبرى المولات، ولكن تسبب إلغاء بند اللحوم من قائمة الطعام عزوف عدد كبير من زبائن الفندق، خاصًة غير المصريين نظرًا لخوفهم من أن يكون فيرس «أنفلونزا الطيور» مازال موجوداً.
وتابع حسام كادينا – صاحب أحد الفنادق فى منطقة وسط البلد – قائلًا إن أزمة اللحوم والدجاج وحظر الاستيراد بشكل عام كبدتهم خسائر طائلة، فضرورة توفير المأكولات أثر على نسبة ربحهم والذى اضطرهم إلى تسريح عدد من العمالة، أو ترك المكان خالياً خاوياً من المأكولات وبذلك غلق مصدر رزقهم تمامًا، وتابع: اضطررت فى بداية الأمر التعاقد مع أحد المطاعم وعرض قائمة مأكولاته داخل الفندق، أرسل له طلبات الزبائن أولاً بأول، ولكن سرعان ما فشلت هذه الحيلة نظرًا لحالة الازدحام اليومى التى تشهدها العاصمة، فكان يتسبب فى تأخر وصول المأكولات وعليه تذمر النُزلاء، واستكمل: لغينا هذه الفكرة وبدأنا نشترى اللحوم والدجاج المبرد والاعتماد عليه رغم ماكبدنا من خسائر مالية.
أما فى المستشفيات ففى جولتنا فى أكثر من مستشفى أوضحوا أنهم لغوا تمامًا بند اللحوم، واعتمدوا على الدجاج سواء بلدياً، أو مبرداً، وأضافوا: رغم أن الاعتماد على نفس النوع من الطعام غير صحى، كما أنه يسبب حالة نفور من الطعام، ولكن « ما باليد حيلة».
«لحوم المولات التجارية بلدى ومش بلدى قوي»
جاءت فى طيات هذا التحقيق معلومة صادمة، لتفتح لنا باب رحلة تجول جديدة ومثيرة للتأكد من صحتها « اللحوم البلدى الموجودة بالمولات، ما هى إلا عجول مستوردة مبردة، تأتى على شكل عجول صحيحة وسليمة، ويتم بيعها على أنها بلدى وبنفس أسعارها، لها مدة صلاحية لا تتجاوز ال14 يوماً، وما يتبقى عقب هذه المدة يُعدم».
كانت جولتنا فى عدة مولات شهيرة «ك، م، أولاد ر، خير ز، ف. الله»، فى داخل كل مول قسم خاص باللحوم بمختلف أنواعها، تجد داخل القسم ثلاجتين إحداهما مدون عليها لحوم مستوردة، والأخرى لحوم بلدي، الأسعار فى قسم المستورد لا تختلف كثيرًا عن المحلات الموجودة بالأسواق، ويُباع معها أيضًا الكبدة والسجق.
الثلاجة الأخرى مدون عليها لحم بلدي، مُقطعة إلى أجزاء لكل جزء سعره الخاص، سألناه إن كانت هذه اللحوم بلدية فأكد أنها بلدى، ولكن القطع الموجودة بالثلاجة كادت أن تنفد فأحضروا جزءاً من الداخل لتقطيعه وعرضه فى الثلاجة كان لونها أحمر قاتم حتى أنه للنظرة الأولى يبدو لحمها وكأنه أسود اللون، وهذه العلامات المميزة للحوم المبردة عقب انتهاء مدة صلاحيتها، دار حوار بيننا وبين البائع أوضحنا فيه له أننا نعمل بإدارة مستشفى ونبحث عن لحوم مبردة، وكنا نعتقد أن المعروض لديهم مبردة وليست بلدية، فوقع فى فخ الكلام وأخبرنا أنها مبردة إلا أنها تُباع على أنها بلدي.
وفى مول آخر حدث نفس السيناريو إلا أنه لم ينكر أنها لحوم مبرده، وأنها تأتى كل أسبوعين، ومدة صلاحيتها هى 14 يوماً فقط، وتأتى عجول كاملة وسليمة ولكنها مذبوحة ومبردة، تُنقل فى سيارات مُجهزة بثلاجات مخصصة لنقل اللحوم، إلا أنها تُباع على أنها لحوم بلدية.
«فى المطبخ السرى»
أخبرنا أحد العاملين بأنه منذ وقف الاستيراد وتعانى السوق كلها من أزمة اللحوم المستوردة سواء كان المجمد والمُبرد، وأن اللحوم الموجودة المبردة تأتى إلى المولات بواسطة عدد من التُجار المسئولين عن منافذ بيع لحوم محدود الدخل، فالدولة توفر لهم استيراد هذه اللحوم إلا أنه يستغلونها لتحقيق بيزنس خاص بهم، وهو توريدها للمولات بسعر أعلى مما يُباع به للمواطن، وبعد ذلك تقوم المولات برفع سعرها ليصبح مثل سعر البلدى أو أكثر، وواصل: أن ثقة المستهلك فى اسم المول إضافة إلى أنه به كل مايحتاج إليه المستهلك فذلك يجذبه للشراء أيضًا منه بدلًا من الذهاب لمحلات الجزارة حتى وإن انتهى مدة صلاحية اللحوم.
«الصحة العامة»
قال الدكتور محمد وصفى – إخصائى صحة عامة – إن جسد الإنسان لن يغفر له خطأ تناول أى طعام فاسد او منتهى الصلاحية، وتابع أن اللحوم الفاسدة لها علامات مُميزة لها علاوة على رائحتها الكريهة، وأوضح أن تناول هذه اللحوم يؤثر على الجهاز الهضمى بالكامل، ووظائف الكبد والكلى، ويتسبب فى نشاط بيكتيريا قد تتسبب فى إصابة الإنسان بالسرطان وتجعل وجهه شاحباً وعليه علامات الإعياء، وشدد على ضرورة البعد عن تناول اللحوم مجهولة المصدر وتحرى الدقة عند الشراء والتخزين والطهى.
«الطب البيطرى»
من جانبه قال الدكتور تامر سمير – عضو مجلس نقابة البيطريين – إن اللحوم المستوردة تخضع لتفتيش ضعيف جدًا وغير كاف، علاوة على ان مشاركة الطب البيطرى طفيفة للغاية، وتابع أن العينات التى تؤخذ من اللحوم غير كافية، إضافة إلى أنه يتم اختيار جزء معين بعناية حتى يتم تمرير شُحنات اللحوم وإن كانت فاسدة، وأضاف أن هناك لحوم مستوردة تأتى من عدة بلاد لا يوقع عليها أى كشف طبى فى بلد المنشأ الخاصة بها، وأوضح ضعف دور الرقابة والتفتيش على المحال التجارية التى تتلاعب باللحوم كما يحلو لها، وواصل أن اللحوم المستوردة مدة صلاحيتها لاتزيد على ستة أشهر فقط ولا يمكن أن تصل بأى حال من الأحوال لمدة سنة وشدد على أهمية إنشاء جهاز خاص بسلامة الغذاء يحتوى على لجان مشتركة ما بين الصحة والزراعة والطب البيطرى ولديه ضبطية قضائية. وتابع الدكتور – عصام رمضان – خبير الطب البيطرى بجمعية الأمم المتحدة – أن مدة صلاحية اللحوم المستوردة سنة، والمبردة 14 يوماً من تاريخ الإنتاج، وأضاف أنه تم التعاقد مع شركات تتبع القوات المسلحة لتوريد اللحوم المستوردة للمستشفيات نظرًا لجودتها العالية.
«وزارة الزراعة»
وأوضح الدكتور حامد عبدالدايم – المتحدث الرسمى لوزارة الزراعة – أن الوزارة بالتعاون مع مديريات الطب البيطرى تقوم بحملات دائمة ومستمرة على محال ومصانع اللحوم فى جميع المحافظات، وأضاف أنها أيضًا تراقب عمل المولات، بحيث تتم هذه الحملات باختيار عينات عشوائية وفحصها، وفى حالة ثبوت أى مخالفة يتم تحويل صاحبها للمساءلة القانونية، وناشد المواطنين بالإبلاغ عن أى مخالفة فى بيع وتجارة اللحوم لاتخاذ الإجراء القانونى ضدها.
«الصحة والرقابة على الأغذية»
من جانبها قالت الدكتورة مايسة حمزة – مدير الرقابة على الأغذية بوزارة الصحة – تُحجز اللحوم المستوردة لأخذ عينات منها لتحليلها قبل أن يسمح لها الدخول لمصر بطريقة طبقًا لتعليمات محددة تضمن شفافية التحليل، وأضافت عند التأكد من سلامتها يُسمح بدخولها وأن يقوم أصحابها باستلامها بعد التأكد من مطابقة المخزن للمواصفات واستيفاء كل شروط الصحة والسلامة، وأوضحت أن الرقابة على الأغذية يقوم بحملات مستمرة لضبط المخالفين وفى حين وجود أى لحوم أو منتجات فاسدة يحرر محضر ضد صاحبها ويوصى فيه بإعدام اللحوم، وشددت على إغلاق أى منشأة لا تتبع شروط الصحة والسلامة واتخاذ جميع الإجراءات القانونية ضدها، وعن صلاحية اللحوم المستوردة فأكدت أنها ليست لها مدة صلاحية محددة وإنما المعايير والجودة هى من تحدد فترة صلاحيتها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.