وسط حالة من الألفة والحميمية بين أحضان الجماهير، وفى قلب شوارع المدينة، افتتحت مدينة صفاقس فعاليات احتفالها باختيارها عاصمة للثقافة العربية بعدد من عروض السيرك والتنورة والإيقاع، وهو الاحتفال الذى تقيمه المدينة على مدار أسبوع كامل تحت عنوان «مهرجان المسرح العربى وتضمن المهرجان عروضا مسرحية متنوعة منها «بين البنين» تونس، «مكمل ناقص»تونس، «النافذة» سوريا، «نظرة على العالم» ألمانيا، «عنبرة» لبنان، «زى الناس» مصر، «الرخ» الأردن، «حروب» العراق، كما نظمت مجموعة من الندوات تحت عنوان «عناصر التجديد فى المسرح العربى بين تحديات الراهن ورهانات المستقبل». بدأ الافتتاح بالتزامن مع اقتراب موعد انطلاق مهرجان أيام قرطاج، وبرغم ما عانته المدينة من تحديات لإقامة هذه الفعاليات الفنية، إلا أنها استطاعت تجاوزها والإحتفال مع أهلها بهذه التظاهرة الفنية الاستثنائية، وعن جغرافيًا مدينة صفاقس وطبيعتها الاجتماعية والثقافية قالت نصاف بن حفيصة مديرة دار الفنون بالمدينة: صفاقس هى المدينة الثانية بعد العاصمة تونس، وهى معروفة جدا أنها مدينة صناعية أكثر منها مدينة سياحية بها الكثير من المصانع، تتضمن صناعات عامة فى كل شىء مثل الملابس والأحذية والسمك تصنيع وتصدير الاسماك بالدرجة الأولى، بجانب ذلك تزدهر الثقافة بصفاقس، حيث حدث اكتساح ثقافى كبير وأصبحت المدينة مزدهرة ثقافيا فيها العديد من نجوم المسرح والسينما والموسيقى لكن أغلب هؤلاء النجوم ينزحون إلى العاصمة بدلا من المدينة مثل مصر تماما، وعلى سبيل المثال الفنانة فريال يوسف هى بنت مدينة صفاقس بالأساس. وتضيف: لدينا اتجاه سياسى نحاول تطبيقه منذ فترة، وهو للامركزية فى الثقافة والأنشطة حتى يتم توزيعها على كامل المدن مهما كانت صغيرة أو كبيرة ستكون نفس الحدود موجودة على سواء المستوى الاقتصادى أو على المستوى الثقافى، فلابد أن تتمتع كامل الجهات بنفس الحظ مثل العاصمة، وأيام قرطاج المسرحية والسينمائية كانا خير دليل على ذلك، أصبحت تتوزع العروض على كامل الجهات والولايات والضيوف العرب المشاركين فى المهرجانات الكبرى تزور المدن الأخرى خلافا للعاصمة وسارت تخلق محطات ثقافية على هامش هذه المهرجانات، وخلال أيام قرطاج المسرحية هناك عروض مسرحية لضيوف عرب مشاركين ستقوم بجولات فنية فى باقى الولايات حتى الجنوب التونسى الذى يعانى من نقص فى الحركة الثقافية بحكم طبيعة المناخ وطبيعة البلد بأقصى الجنوب على أطراف البلاد التونسية، ستزور الفرق هذه المناطق فضلا عن ضيوف مشاهير من العرب يزورون هذه المناطق، وأصبح هناك مهرجانات بأقصى الجنوب مثل مهرجان السينما التاريخى فى «جيربا» يزرونه نجوم السينما ومهرجان السينما بمدينة «جابس» بالجنوب يزوروه ضيوف ووفود عربية و«قفصة» أصبح هناك مهرجان المسرح بقفصة، ومن خلاله نؤكد فكرة اللامركزية بمجهودات سياسية ومجهودات أبناء القطاعات الثقافية أصحاب المهرجانات والمنظمين لها. وعن اختيار مدينة صفاقس عاصمة للثقافة العربية قالت بن حفيصة: يأتى الاختيار بعد أن تقدم المدينة نبذة تاريخية عن عراقة البلد وتاريخه سواء فى الحضارة أو الثقافة ورجال الثقافة الذين أسسوا هذا البلد من رسامين سينمائيين مسرحيين، ويجب أن يكون لها تاريخ ليست جديدة فى الفعل الثقافى تكون ولادة أتت بأعلام سابقًا ويكون لديها تصور لمشاريع قادرين على تحقيقها، فهناك طريق مفتوح وسهل وأحيانا تكون هناك عثرات إذا لم تكن هناك عثرات نحاول الوصول للقمة، على كل حال صفاقس كانت عاصمة الثقافة العربية وزارنا نجوم وقامات عربية مثل الزعيم عادل إمام، وظل بيينا أسبوعا كاملا وفى وقت غير هذا أعتقد أنه كان لن يأتى على صفاقس وكذلك الفنان أسعد فضة جاء على صفاقس وغيرهما حتى تنتهى التظاهرة وما هى إلا نقطة بداية، لأن كلنا مؤمنون أن هذه مجرد بداية وتأسيس لتظاهرات فى المستقبل نحن اليوم نحب أن نكون بهذا المستوى والنشاط ودائما تكون عاصمة للثقافة العربية. وتقول: قدمت صفاقس ملفًا للترشح وخطتها فى احتضان هذه التظاهرة الثقافية فى مشروع كامل بجانب لمحة تاريخية عن عراقة هذا البلد وقدرته على تكوين واحتضان هذه التظاهرة الثقافية، وحصلت على التأشيرة لإنجاز مهرجان «صفاقس عاصمة الثقافة العربية» دخلت تحديًا كبيرًا لم تشهده أى بلد آخر لا سابقا ولا لاحقا، تمثل هذا التحدى فى أننا أصبحنا ننظم هذا المهرجان بقاعات نادرة وقليلة جدا للثقافة، فللأسف حدث خلل كبير بالمسرح وسط المدينة الذى يضاهى المسرح البلدى بالعاصمة، وهو يدعى بالمسرح «البلدى» أيضًا حدث خلل كهربائى وأصبح هناك خطر على الجمهور فقررت الحماية المدنية والسلطات المحلية نقل الصيانة حفاظا على سلامة المتفرجين وبالتالى خسرنا فضاء مهماً جدًا بصفاقس هو فضاء ممتاز وعريق ويعتبر ثانى مسرح بعد مسرح العاصمة، لكن دخلت صفاقس التحدى وأصبحت تبحث عن فضاءات تؤسس نشاطها من خلال الساحات العمومية والمناطق النائية من المحافظات الصغيرة مثل المعتمديات محطات لهذه المناطق فضاء شبه وحيد وهو المركب الثقافى محمد الجاموسى الذى يتسع إلى 700 أو 600 شخص أصبح هناك ضغط عليه، دخلنا للمدينة العتيقة صديقة الهيئة المدينة العتيقة تم اقتناء بيوت قديمة بها الطابع المعمارى لصفاقس ببيت صغير يتكون من غرف وأصبح فضاء ثقافيًا يتم فيه الشعر المحاضرات الأدبية وحضور موسع نأخد قاعات فى النزل حتى لا تضيع من بين أيدينا تظاهرة صفاقس عاصمة الثقافة العربية. وتضيف: أما فيما يتعلق بمؤسسة دار الفنون هى مؤسسة تسهر على إنتاج العمل الدرامى المسرحى وهى مؤسسة عمومية مثل المدرسة أو معهد للمسرح، يهتم بانتاج العمل الدرامى المسرحى ويتسع ل200 شخص فقط، وحدث إقبال جماهيرى خلال المهرجان العربى للمسرح وعدد المقاعد قليل، لكننا دخلنا هذا التحدى كى تقام فعاليات المهرجان واستفدنا من الشراكة مع مهرجان قرطاج لأن هناك فرصًا كبيرة من الذكاء ألا نضيعها مثل قدوم ضيوف عرب ومشاركين عرب من المسرحيين يرزون تونس لابد من أن نكون على درجة من الذكاء لاستقطاب واستدعاء حضور هذه الوفود والفرق وتأسيس دورة لمهرجان عربى بصفاقس نأمل أن يتواصل كل سنة وسنحاول رعاية هذا المولود لأننا اكشتفنا أن الزخم الثقافى يواجه برغبة شديدة من الجمهور بالدأب والمتابعة والفرصة كبيرة لدى جمهور صفاقس فمن المهم أن تتسع تلك الفضاءات المسرحية ونهتم بإعادة افتتاح هذا المسرح البلدى الكبير حتى يرجع لسالف نشاطه لأن لديه تاريخًا من النشاط الفنى، وبالتالى خلقنا فضاءات جديدة بروح التحدى مثل المكان الذى قدم به حفل الافتتاح وهى كنسية كانت قاعة رياضة بالأساس وهى من ضمن مشاريع صفاقس عاصمة للثقافة العربية وسيتم تحويلها نحو اتجاهين إما أن تكون مكتبة رقمية الأولى فى العالم العربى وإفريقيا أو ستكون فضاء حاضنًا للفنون بكل أنواعها سينما مسرح أوبرا متعدد الاختصاصات نطوعها لكل نشاط مسرح أو سينما أو فنون ومعارض فنون تشكيلية، هى قاعدة تخلق بشكل ذكى وتحدى لدينا خمسة أشهر فقط ثم تتسلم الأقصر عاصمة للثقافة العربية.