وزير الخارجية الأمريكي: استخدمنا الفيتو لحماية جهودنا الدبلوماسية ولن نتخلى عن دعم إسرائيل    ناجي الشهابي مهنئًا الرئيس السيسي بعيد الأضحى المبارك: نقف خلفكم.. ومواقفكم أعادت لمصر دورها القيادي    أسعار الفراخ والبيض في بورصة وأسواق الشرقية الخميس 5 يونيو 2025    المصرية للاتصالات WE تطلق رسميًا خدمات الجيل الخامس في مصر لدعم التحول الرقمي    «أضحى الخير» يرسم البسمة على وجوه 5 آلاف أسرة بالوادي الجديد.. صور    حزب الوعي: نخوض الانتخابات البرلمانية على 60% من مقاعد الفردي    زعيم كوريا الشمالية يتعهد بدعم روسيا دون قيد أو شرط في الحرب ضد أوكرانيا    قرار ترامب بحظر دخول مواطني 12 دولة إلى الولايات المتحدة يدخل حيز التنفيذ 9 يونيو    قاضٍ أمريكي يوقف ترحيل عائلة المصري المشتبه به في هجوم كولورادو    «اصبر أحنا مطولين مع بعض».. محامي زيزو يتوعد عضو مجلس الزمالك بعد واقعة الفيديو    رد جديد من اتحاد الكرة بشأن أزمة عقد زيزو مع الزمالك: «ملتزمون بهذا الأمر»    ملامح تشكيل الزمالك أمام بيراميدز في نهائي كأس مصر.. الرمادي يجهز أسلحته    بعثة الأهلى تغادر مطار دبى إلى أمريكا للمشاركة فى كأس العالم للأندية    ارتفاع درجات الحرارة والعظمى في القاهرة 35.. حالة الطقس يوم عرفة    نتيجة الشهادة الإعدادية 2025 بالجيزة.. الموعد و خطوات الاستعلام عبر الموقع الرسمي    إصابة 3 أشخاص في انقلاب ملاكي بمحور أسيوط - الوادي الجديد    طرح البوستر الدعائي الأول ل "the seven dogs" بطولة كريم عبد العزيز وأحمد عز    بث مباشر جبل عرفات الآن لحظة بلحظة.. توافد الحجاج على عرفة لأداء ركن الحج الأعظم    دعاء فجر يوم عرفة للرزق وتيسير الأمور وقضاء الحوائج.. ردده الآن    تهنئة عيد الأضحى 2025.. أجمل عبارات التهنئة لأحبائك وأصدقائك (ارسلها الآن)    «صحة مطروح» تستعد لعيد الأضحى    موعد أذان الفجر اليوم في القاهرة وجميع المحافظات للصائمين يوم عرفة    الإفتاء تحسم الجدل.. هل تسقط صلاة الجمعة إذا وافقت يوم العيد؟    غرفة عمليات ذكية لضمان أجواء آمنة.. صحة مطروح تُجهز الساحل الشمالي ل صيف 2025    ب3 أرقام.. كريستيانو رونالدو يواصل كتابة التاريخ مع البرتغال    بحضور نجوم الفن.. حماقي وبوسي يحييان حفل زفاف محمد شاهين ورشا الظنحاني    أحمد سالم: صفقة انتقال بيكهام إلى الأهلي "علامة استفهام"    رسميًا.. الهلال السعودي يعلن تعاقده مع سيموني إنزاجي خلفًا لجيسوس    «الأرصاد» تكشف عن حالة الطقس اليوم الخميس.. والعظمى بالقاهرة 35    أمين مجمع البحوث الإسلامية الأسبق يكرم حفظة القرآن الكريم بمدينة طهطا    9 ذو الحجة.. ماذا يفعل الحجيج في يوم عرفة؟    بعد ارتفاع عيار 21 لأعلى سعر.. أسعار الذهب اليوم الخميس 5 يونيو بالصاغة محليًا وعالميًا    نجاح أول جراحة لاستبدال الشريان الأورطي بمستشفى المقطم للتأمين الصحي    نصائح مهمة يجب اتباعها على السحور لصيام يوم عرفة بدون مشاكل    صحة الإسكندرية ترفع درجة الاستعداد القصوى خلال إجازة عيد الأضحى    نجاة السيناريست وليد يوسف وأفراد أسرته من حادث سير مروع    أغانى الحج.. رحلة من الشوق والإيمان إلى البيت الحرام    أيمن بهجت قمر يحتفل بتخرج ابنه: أخيرا بهجت عملها (صور)    التعليم العالى تعتزم إنشاء أكبر مجمع صناعي للأجهزة التعويضية    مطار العاصمة الإدارية يستقبل أولى الرحلات القادمة من سلوفاكيا على متنها 152 راكبا (صور)    محافظ الدقهلية يتابع عمليات نظافة الحدائق والميادين استعدادا للعيد    الرسوم الجمركية «مقامرة» ترامب لانتشال الصناعة الأمريكية من التدهور    حدث ليلًا| استرداد قطعًا أثرية من أمريكا وتفعيل شبكات الجيل الخامس    دعاء من القلب بصوت الدكتور علي جمعة على قناة الناس.. فيديو    الوزير: "لدينا مصنع بيفتح كل ساعتين صحيح وعندنا قائمة بالأسماء"    قبل صدام بيراميدز.. كم مرة توج الزمالك ببطولة كأس مصر بالألفية الجديدة؟    القائد العام للقوات المسلحة ووزير خارجية بنين يبحثان التعاون فى المجالات الدفاعية    "عصام" يطلب تطليق زوجته: "فضحتني ومحبوسة في قضية مُخلة بالشرف"    مفتي الجمهورية يهنئ رئيس الوزراء وشيخ الأزهر بحلول عيد الأضحى المبارك    حفروا على مسافة 300 متر من طريق الكباش.. و«اللجنة»: سيقود لكشف أثري كبير    مسابقة لتعيين 21 ألف معلم مساعد    «مدبولي» يوجه الحكومة بالجاهزية لتلافي أي أزمات خلال عيد الأضحى    دبلوماسية روسية: أمريكا أكبر مدين للأمم المتحدة بأكثر من 3 مليارات دولار    مصادر مطلعة: حماس توافق على مقترح «ويتكوف» مع 4 تعديلات    قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم عزون شرق قلقيلية بالضفة الغربية    الأمم المتحدة تدعو إلى التوصل لمعاهدة عالمية جديدة لإنهاء التلوث بالمواد البلاستيكية    نجل سميحة أيوب يكشف موعد ومكان عزاء والدته الراحلة    فوائد اليانسون يخفف أعراض سن اليأس ويقوي المناعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السلفية من زهد «ابن حنبل» إلى «تطرف» الحوينى
نشر في روزاليوسف اليومية يوم 07 - 11 - 2016

يحيل مصطلح السلفية إلى جملة من المعانى والافكار التى تبدو ظاهريا متناقضة ومتباينة لا يجمعها رابط أو نسق واحد سوى كلمة «السلفية».
فى كتابه «نقد الخطاب السلفى» الصادر عن دار رؤية للنشر والتوزيع حاول مؤلف الكتاب الراحل د.محمد حافظ دياب ان يجمع تلك المعانى المتناقضة والمتنافرة ويضعها فى إطار موحد وكلى يمكن القارئ من الربط بين «سلفية» أحمد بن حنبل و«سلفية» محمد عبده فضلا عن مسارات السلفية الأخرى.
مقاربة مفاهيمية
يقدم الكتاب تعريفات السلفية من الناحية اللغوية ومن الناحية الاصطلاحية
فلغويا تعنى السلفية: الجماعة السابقة وبتعريف ابن منظور فى لسان العرب: السلف والسلفى والسلفية هم الجماعة المتقدمون وهو ما عبر عنه القرآن الكريم «فجعلناهم سلفا ومثلا للآخرين» وقوله تعالى «إلا ما قد سلف».
أما من الناحية الاصطلاحية فالسلف والسلف الصالح يعنى عند حجة الإسلام أبى حامد الغزالى: وصف لازم يختص عند الاطلاق بالصحابة والتابعين وتابعى التابعين ممن عاشوا فى القرون الهجرية الثلاثة الاولى والتى نعتها النبى بأنها «خير القرون» وما عنى ان السلفى هو كل سالك فى الاقتداء بالصحابة.
فى المقابل يرفض الإمام الشهرستانى التحديد الزمنى للسلفية فيقول: ليس كافيا فى الانتساب للسلف لأن العبرة هى اتباع منهج السلف فى تعاملهم مع القرآن والسنة عقيدة شرعية وسلوكا»
وهناك من يرى كلمة السلف يدخل فيها كل مجتهد من علماء الإسلام فى أى عصر من العصور حتى ولو لم يكن من الصحابة أو التابعين أو تابعى التابعين
فى حين يرى محمد عبده أن السلفية: فهم الدين على طريق سلف الأمة قبل ظهور الخلاف أو الرجوع فى كسب معارفه إلى ينابيعها الأولى.
أما محمد سعيد البوطى الداعية السورى الراحل فيعتبر السلفية مرحلة زمنية مباركة وليست مذهبا إسلاميا قائلا: العصور الثلاثة المباركة الأولى فى صدر لم تشهد ظهور مذهب فى قلب الأمة الإسلامية اسمه المذهب السلفى أو مذهب السلف له مقوماته ومميزاته التى تفصله وتميزه عن سائر المسلمين وتجعل لهم مرتبة يتبوءون فى العلو والشرف من دون سائر الذين لهم شرف الانتماء إلى هذا المذهب.
نشأة السلفية
بحسب المؤلف فإن الفكرة السلفية بدأت مع أحمد بن حنبل منذ وقوع فقتنة خلق القرآن حيث رفض ابن حنبل القول أن القرآن مخلوق وتعرض لمحنة فى خلافة المأمون جلد على أثرها ومنذ تلك اللحظة أصبح الإمام أحمد هو إمام المذهب السنى ومؤسسا للعقيدة السلفية.
ويقوم منهج أحمد بن حنبل على 5 أصول هى:
أولا: النصوص –قرآن وسنة-، فإذا وجد النص أفتى بموجبه، ولم يلتفت إلى ما خالفه ولا من خالفه كائنا من كان.
ثانيا: ما أفتى به الصحابة، فإنه إذا وجد لبعضهم فتوى لا يعرف له مخالف منهم فيها لم يعدها إلى غيرها، ولم يقل إن ذلك إجماع.
ثالثا: إذا اختلف الصحابة تخير من أقوالهم ما كان أقربها إلى الكتاب والسنة، ولم يخرج عن أقوالهم، فإن لم يتبين له موافقة أحد الأقوال حكى الخلاف فيها ولم يجزم بقول.
رابعا: الأخذ بالمرسل والحديث الضعيف، إذا لم يكن فى الباب شىء يدفعه- أى إذا لم يوجد دليل من قرآن أو سنة-.. والحديث الضعيف عند أحمد بمعنى الحديث الحسن.
خامسا: القياس للضرورة القصوى
وكما هو واضح فإن المنهج الغالب على أحمد بن حنبل هو اتباع النصوص والبعد عن الاجتهاد قدر المستطاع وذلك راجع إلى نزعة الزهد لدى الإمام أحمد مما جعله يفضل عدم الايغال فى التفاصيل الدينية والاكتفاء بما كان عليه الصحابة الكرام.
وينقل المؤلف اسباب تمركز السلفية حول هذه الأصول فيقول: أول جماعة سلفية هالها الوافد اليونانى فلسفة ومنطقا وافزعتها عقلانية اليونان المنفلتة من الثقل الدينى فاعتصمت بنص الوحى مقدمة ظواهره بل وحتى ضعيفه على الرأى والقياس والتأويل وغيرها من ثمرات النظر العقلى وهى التى انعقدت زعامتها لأحمد بن حنبل وأبرز ائمتها «اسحاق بن راهوية» واصحاب الصحاح والمسانيد الحديثية مثل البخارى وابى داوود والدارمى والطبرانى والبيهقى
إذا كان ابن حنبل هو أول من بلور الفكرة السلفية فهناك عالمان آخران ساهما فى اكمال النظرية السلفية.. أولهما: الفقيه المصرى أبو جعفر الطحاوى صاحب العقيدة الطحاوية الذى عاش فى القرن الرابع الهجرى حيث عمل على تثبيت فكر أحمد بن حنبل مع إجراء مصالحة بين الفكرة الحنبلية ومذهب ابى حنيفة الذى هاجمه أغلب علماء أهل الحديث.
ثانيهما: ابن تيمية.. ظهر ابن تيمية فى القرن الثامن الهجرى وقت الغزو المغولى للعالم مع انتشار افكار التشيع المغالى والجبرية والتصوف الفلسفى الشبيه بالأفكار الغنوصية اليونانية ومن ثم عمل ابن تيمية على إحياء الفكر السلفى المعتمد على الكتاب والسنة وآراء الصحابة والتابعين وهى الصورة البسيطة ومتفاعلة مع الواقع وليست هاربة منه كما فى التشيع والتصوف والجبرية المتطرفة.
يشير المؤلف إلى رفض ابن تيمية لتغيير المنكر باليد الذى كان يمارسه فقهاء الحنابلة فى عصره حيث كانوا يقومون بتكسير الحانات وإراقة الخمور وضرب الفساق وحلق شعور المتشبهين من الرجال بالنساء.
المنهجية السلفية
يفصل الكتاب الفكرة السلفية مستعرضا منهج السلفية تجاه التراث والتاريخ والآخر والسياسة.
أولا: الموقف من التراث: يؤكد التوجه السلفى على مركزية فهم السلف الصالح فى القرون الثلاثة الأوائل للنصوص-القرآن والسنة- حيث لا يجوز تجاوزها بحال من الأحوال.
كذلك يرفض التيار السلفى –بحسب المؤلف- الخوض فى علم الكلام وهو العلم المخصص للحديث عن المشكلات العقدية مثل الحرية والجبر والإمامة وصفات الله وغيرها ولأن السلف لم يتحدثوا فى هذه المسائل لذا يجب ترك الخوض فيها ومن هنا كان هجوم «المدرسة السلفية» على الأشعرية والمعتزلة والشيعة وبقية المدارس الكلامية لأنها خالفت نهج السلفية وخاضت فى هذه المباحث.
الرجوع إلى النصوص وفهم السلف لها اقتضى أيضا رفض طريقة أهل الرأى الفقهية التى يمثلها المذهب الحنفى حيث يبدى السلفيون تحفظا تجاه مذهب ابى حنيفة.
ثانيا: الموقف من التاريخ: الانتقائية فى التعامل مع التاريخ من السمات المميزة للسلفية وهذا مأزق منهجى كما يوضح المؤلف فإذا كانت السلفية هى الرجوع إلى منهج القرون الثلاثة المباركة فلماذا يتم التوقف عند ابن حنبل وتجاهل بقية الأئمة ثم الوقوف عند البخارى والطحاوى والقفز إلى ابن تيمية وابن القيم رغم ان بين الأولين والاخرين علماء وفقهاء عظماء لا يقلون فى تمكنهم من الشريعة والعقيدة عن الأسماء التى تتمركز حولها السلفية.
ثالثا: الموقف من الآخر: الآخر هو المختلف فى العقيدة والدين والعرق واللون والسلفية منذ نشأتها-كما يقول المؤلف- ناصبت المختلفين معها العداء بل نشأت بالأساس لمواجهة اتباع الفلسفة اليونانية والمعتزلة بوصفهم دائرة الخطر ثم امتدت هذه الدائرة لتشمل أهل التصوف والشيعة بل والاشاعرة أيضا ووصف هؤلاء بالمتبدعة لأنهم أحدثوا أمورا بعد النبى واضافوها للدين والشرع.
إلا أن مفهوم الابتداع لم يقف عند الفرق القديمة بل امتد ليشمل أمورا عصرية مثل ارتداء ملابس الغربيين وتقليديهم فى سبل المعاش المختلفة من أكل وشرب وغيرها.
قد يكون الموقف العدائى-السابق- من المختلفين سلبيا إلا أنه كان ايجابيا فى لحظة اخرى ذلك عندما واجه السلفيون الاستعمار الغربى بوصفه عدوانا على الدين والهوية الأمر الذى أشعل الجهاد العقائدى وأدى إلى انتهاء حقبة الاستعمار الغربى للبلدان الإسلامية.
إلا انه بعد طرد الاستعمار تحول العداء السلفى للاستعمار إلى عداء العلمانيين والليبراليين واليساريين والقوميين باعتبارهم امتدادا للاستعمار الغربى.
الغرب وفق التصور السلفى هو دار الكفر والالحاد وموطن الصليبية والصهيونية حيث تحاك المؤامرات ضد الإسلام والمسلمين ليتركوا دينهم ويتبعوا طرق الغرب مذاهبه ومن ثم يجب ترك تقليدهم والتشبه بهم فى أمور مثل سفور المرأة واصلاح شعرها بيد حلاق-الكوافير-والذهاب إلى السياحة وكذلك شرب الدخان وحلق اللحية.
إلا أن هذه الصورة تجدها عند السلفية الجامدة لكن عند السلفية العقلانية امثال محمد عبده فالغرب لديه من العلوم والفنون ما يجب أن يعرفه المسلمون ليحافظوا على دينهم ودنياهم.
رابعا: الموقف من السياسة: ظلت السلفية طوال تاريخها مبتعدة عن معترك السياسة مهتمة فقط بالدعوة الدينية لأن من أبرز قواعد الفكرة السلفية هى الامتثال لولى الأمر وعدم منازعته الامر ووفق جملة بليغة صاغها المحدث السلفى فى العصر الحديث ناصر الدين الالبانى: السياسة هى ترك السياسة.
حقب سلفية
لم يتوقف المسار السلفى عند ابن تيمية بل استمر فى مطلع العصر الحديث كما فى الحركة الوهابية بشبه الجزيرة والسنوسية بليبيا والمهدية بالسودان
وتعد الحركة الاصلاحية عند الطهطاوى وجمال الدين الافغانى ومحمد عبده والكواكبى وابن باديس وشكيب ارسلان وخير الدين التونسى سلفية الهوية.
ويضيف بعض الباحثين جماعة الإخوان الارهابية للحركة السلفية وهذا غير دقيق فالإخوان أقرب للروافض-غلاة الشيعة- منهم للمنظومة السنية التى تقوم بالأساس على السمع والطاعة لولاة الأمر ولا يجوز الخروج عليهم ولا منازعتهم السلطة.
آفاق جديدة
مع محمد رشيد رضا- أستاذ حسن البنا- أخذت السلفية صورة مختلفة أصبحت أقرب إلى المحافظة والجمود منها إلى الاجتهاد والتجديد كما كانت عند الافغانى ومحمد عبده والكواكبى وقبلهم الطهطاوى.
فبعد أن كان يمتدح رضا أسلوب ومنهج شيخه محمد عبده وأستاذه الافغانى أصبح يقول إن محمد عبده لا يعرف شيئا فى علوم الحديث وأنه يورد أحاديث ضعيفة ويحتج بها وانه- أى رضا- اضطر إلى تعلم علوم الحديث حتى يسد هذا الخلل ثم أخذ رضا يهاجم المذهب الأشعرى مذهب الأزهر وأغلبية أهل السنة والجماعة وينحاز إلى الرؤية التى بدأت الحركة الوهابية فى اشاعتها لمواجهة المذهب الأشعرى
كما دعا رشيد رضا إلى عودة الخلافة مرة أخرى الأمر الذى تبناه حركيا حسن البنا بعد ذلك مؤسسا تنظيم الإخوان بهدف عودة الخلافة مرة أخرى.
السلفية الجهادية
واحدة من الاصطلاحات التى شاعت فى ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضى مصطلح «السلفية الجهادية» رغم تناقضه لأن أحد أركان السلفية الجوهرية هو عدم الخروج على ولى الأمر بل والجهاد معه ضد الأعداء لكن ان تتحول «السلفية» فتصبح تعنى الخروج على ولى الأمر بل وتأسيس إمارات ودول مستقلة كما تفعل داعش والنصرة وغيرها من التنظيمات السلفية الجهادية فهذا أمر عجيب!!!
يقدم الكتاب تتبع لهذا التحول الجوهرى الذى لحق بالفكرة السلفية وجعلها تجتمع مع نقيضها ويمكن إبرز هذا التحول فى النقاط التالية:
أولا: برزت فكرة المزاوجة بين الفكر السلفى الوهابى والفكرة الجهادية فى سبعينيات القرن الماضى على يد الإخوانى السورى محمد سرور الذى ترك سوريا عام 1969م وأتجه إلى الجزيرة العربية وههناك تعرف على الفكرة السلفية وقام بالمزاوجة بينها وبين فكر سيد قطب الانقلابى الراديكالى حيث رأى سرور أن «ما ينقص السلفية هو أن تكون مسيسة وثورية ووجد أن فكر سيد قطب يتكفل بهذا الأمر.
ثانيا: تعاطف سرور مع حركة «جهيمان العتيبى» القائد العسكرى للمجموعة التى احتلت الحرم المكى عام 1979م معتبرا ان مثل هذا التحرك ضد الأنظمة الحاكمة فى البلدان الإسلامية هو التحرك السديد.
ثالثا: «كانت أفغانستان هى أول محطة استضافت الموجات الأولى للسلفية الجهادية حيث جرى استثمارها فى المشروع الجهادى ضد الاحتلال السوفيتى خلال عقد الثمانينيات حيث تمكنت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية وبتمويل سعودى من تدريب شباب إسلاميين من مختلف انحاء العالم الإسلامى لمواجهة السوفيت وتم وضع شروط لهؤلاء الشباب أهمها أن يكونوا الأقل ذكاء والأكثر عزلة عاطفية والأقل ارتباطا بعائلاتهم والأكثر اندفاعا ثم ينحدرون من أوساط هامشية وأفرزت بعد ذلك حركة طالبان التى صنعتها المخابرات الباكستانية بجانب تنظيم القاعدة ليذيع صيتها بعد عمليات مسلحة فى مصر والخليج والشام والشيشان وكوسوفو تحت مسميات –جند الله والجهاد وجيش الله-».
رابعا: حتى سنة 2000 بلغ عدد التجمعات والمعسكرات السلفية الجهادية فى افغانستان 14 معترفًا بها من طالبان وكانت تتمتع بنوع من الاستقلال.
خامسا: فى اعقاب هجمات سبتمبر 2001 توحدت هذه المجموعات فى صفوف تنظيم القاعدة.
سادسا: تشكل تنظيم القاعدة عام 1998 على يد السعودى أسامة بن لادن تحت مسمى «الجبهة الإسلامية العالمية لجهاد اليهود والصليبيين والامريكان» يتكون التنظيم من عدة اجيال ...الجيل الأول انطلق من الخليج وقاده أسامة بن لادن فى افغانستان والجيل الثانى ظهر فى العراق ومن قادته أبومصعب الزرقاوى والجيل الثالث باوروبا والجيل الرابع يوجد فى المغرب واليمن والصومال أما الجيل الخامس فهو أيضا متواجد بالخليج مثل الجيل الأول.
السلفية الجهادية فى مصر
يرجع المؤلف نشأة السلفية الجهادية فى مصر إلى الانشقاقات التى حدثت داخل جماعة الإخوان المسلمين الأولى فى أربعينيات القرن الماضى عندما انفصلت جماعة «شباب محمد» عن التنظيم الإخوانى وشككت فى الذمة المالية لحسن البنا.
المرة الثانية الذى ظهرت فيها السلفية الجهادية كانت فى أعقاب نكسة 1967 وبتأثير من فكر سيد قطب على فنشأت تيارات مثل حزب التحرير أو تنظيم الفنية العسكرية وجماعة التكفير والهجرة.
بعد ثورة 25 يناير ظهرت موجة جديدة للسلفية الجهادية فى سيناء وتتمركز عناصرها –بحسب المؤلف- فى جبل الحلال وبالقرب من الشيخ زويد ورفح واستفادت من الفوضى التى سيطرت وقتها على البلاد فحصلت على سلاح مهرب من ليبيا والسودان والصومال بمساعدة الحكم الإخوانى ودوائر فى المخابرات الأمريكية.
المرأة فى الخطاب السلفى
المرأة فى خطاب السلفية المحافظة ليست سوى كائن تابع للرجل وكله عورة ومن ثم فقائمة التحريم والمنع السلفى للمرأة طويلة مثل: تحريم الأخلاط والمصافحة وإلقاء السلام والخروج من البيت إلا بإذن وتحريم ارتداء الملابس الملونة وعدم كشف الوجه وغير ذلك كثير.
يعلل محمد حسان هذه القائمة من التحريمات بأنها حفاظ على المرأة من المؤامرات التى تحاك فى الليل والنهار للزج بها فى المستنقع الأسن مستنقع الرذيلة والعار بإغرائها دوما وبكل السبل لإخراجها عن دائرة تعاليم دينها الذى جاء ليضمن لها الكرامة والسعادة فى الدنيا والآخرة.
السلفية فى مصر
يرصد المؤلف النشأة الحقيقية للسلفية فى مصر متوقفا عند الثلاثى محمد رشيد رضا ومحب الدين الخطيب ومحمد حامد الفقى وتحديدا فى عشرينيات القرن الماضى حيث سعوا إلى نشر فكر ابن تيمية وابن القيم ومحمد بن عبد الوهاب.
على الصعيد التنظيمى تأسست جميعة أنصار السنة المحمدية-الجمعية السلفية- على يد محمد حامد الفقى عام 1926م فى اعقاب انشقاقه عن الجمعية الشرعية التى مالت للفكرة الصوفية الأشعرية.
كان حامد الفقى قد بايع جمال عبدالناصر وسانده فى مواجهة الإخوان.
رفض هذا التيار المشاركة فى السياسة على عكس الإخوان الأمر الذى دفع السادات إلى دعم التيار السلفى لمواجهة الإخوان وأصبح السلفيون أحد الأجنحة الموالية للنظام.
الحوينى
لم يكتف المؤلف بالحديث عن التيار السلفى فى مصر بصورة اجمالية فقدم الداعية السلفى الشهير أبوإسحق الحوينى كنموذج عملى ليبين الصورة التى يريدونها لمصر.
فى البداية يذكر الكتاب أن الاسم الحقيقى للحوينى هو حجازى محمد يوسف ولد عام 1956 فى قرية حوين بكفر الشيخ واختار لنفسه كنية «أبوإسحق» تيمنا بالصحابى الجليل سعد بن ابى وقاص الذى كان يحمل نفس الكنية.
درس الحوينى فى كلية الألسن قسم إسبانى وحصل عقب التخرج على منحة للدراسة فى اسبانيا ثم ترك المنحة وعاد إلى مصر كما أنه لا يحفظ القرآن الكريم ولم يتلق تعليمًا دينيًا كل مؤهلاته أن صحب المحدث السلفى ناصر الألبانى أثناء وجوده بمصر ثم سافر-أى الحوينى- إلى الخليج تلقى بعض الدروس هناك وعاد بعد يخطب ويلقى دروسا ويقول إنه متخصص فى علم الحديث.
تتبع المؤلف كتب وخطب الحوينى فوجد مثلا أن موقفه من المرأة يتلخص فى عبارة: أنها شبيهة الشيطان ووجهها مثل فرجها يجب ستره.
رغم أن الرسول –صلى الله عليه وسلم- حذر من الفجور فى المخاصمة فالحوينى فى رده على المختلفين معه جاوز حد الفجور فوصف الإمام ابن حزم الظاهرى بالشذوذ فى آرائه وقال عن الإمام ابن اسحق صاحب السيرة الشهيرة: مدلس.
وعن الداعية محمد الغزالى قال ما يلى: متسور للمنبر- أى كأنه لص يدخل منزلا ليس منزله- صاحب فهم مثقوب.. تطاول على كثير من الصحابة.. كلامه متهافت.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.