فشل مجلس الأمن الدولي، مساء أمس الأول فى تبنى مشروعى قرارين أحدهما فرنسى والآخر روسي، يدعوان إلى هدنة والسماح بوصول المساعدات الإنسانية إلى مختلف أنحاء سوريا. واستخدمت روسيا حق النقض «الفيتو» ضد مشروع القرار الفرنسى الذى طالب بنهاية فورية للضربات الجوية فوق مدينة حلب، فيما لم يتمكن مشروع القرار الروسى من الحصول على موافقة تسعة أعضاء فى مجلس الأمن، وهو الحد الأدنى اللازم لإقراره. ودعا مشروع القرار الروسى إلى الاسترشاد بالاتفاق الأمريكى الروسى لإيصال المساعدات إلى المناطق المحاصرة، وحث الأطراف على وقف الأعمال العدائية فورا، والتأكيد على التحقق من فصل قوات المعارضة السورية المعتدلة عن «جبهة فتح الشام».. كما يرحب مشروع القرار بمبادرة ستيفان دى ميستورا الأخيرة، التى دعا فيها إلى خروج مسلحى «جبهة النصرة» من أحياء حلب الشرقية، ويطلب من الأممالمتحدة وضع خطة تفصيلية لتنفيذ المبادرة.. وحصل المشروع الروسى على موافقة أربعة أصوات فقط، ولهذا لم تكن هناك حاجة إلى استخدام حق النقض لعرقلته.. وحصلت روسيا على دعم الصينوفنزويلا ومصر لمشروع قرارها. وامتنعت أنجولا وأوروجواى عن التصويت، بينما صوت الأعضاء التسعة الباقون ضده.. بينما حصل المشروع الفرنسى فى مجلس الأمن على موافقة 11 صوتا، بينما امتنعت الصين وأنجولا عن التصويت. وانضمت فنزويلا إلى روسيا فى التصويت ضده.. وهذه هى المرة الخامسة التى تستخدم فيها روسيا حق النقض ضد قرار أممى بشأن سوريا أثناء الحرب التى مضى عليها أكثر من خمسة أعوام.. وقال المندوب الروسى لدى الأممالمتحدة، فيتالى تشوركين، إن اجتماع مجلس الأمن هو الأكثر غرابة للتصويت على قرارين لن يمرا.. وصرح تشوركين بأن فرنسا على مدار سنوات الأزمة السورية الخمس لم تبد أى تحرك جدى باستثناء جهود دعائية. وقال إن الأزمة فى سوريا بلغت مرحلة حاسمة ويجب ألا نهدر أى وقت.. من جهته قال وزير الخارجية الفرنسى جان مارك إيرولت، إن الرئيس السورى بشار الأسد لا يحارب الإرهاب بل يغذيه.. وأضاف «ما نشهده فى حلب حاليا هو تكرار للمجازر، والنظام السورى لا يحارب الإرهاب»، مشيرا إلى ضرورة وقف الطيران الحربى فوق حلب لإيصال المساعدات ومواصلة العملية السياسية.. وبين إيرولت أنه إذا لم يتم وضع حد للعنف فى حلب، فإن المدينة ستتحول إلى أطلال قريبا، مؤكدا أنه إن لم يكن هناك وقف لإطلاق النار فى حلب، فمن المستحيل فصل الإرهابيين عن المعارضة المعتدلة. من جهته، قال بشار الجعفرى مندوب سوريا لدى الأممالمتحدة إن إفشال مشروع القرار الروسى يؤكد غياب الإرادة السياسية لدى معارضى مشروع محاربة الإرهاب والتوصل الى حل سياسى للأزمة فى سورية.. وبين أن مشروع القرار الفرنسى يعكس حنين فرنسا إلى ماضيها الاستعمارى الأسود، حين ظنت أن الأزمة فى سوريا ستعيد لها نفوذا استعماريا.. وتابع أن على الساسة الفرنسيين الشعور بالخجل لما فعلوه بليبيا والشعب الليبي.. وأوضح الجعفرى أن المذبحة التى تحصل فى سوريا سببها إرهابيون أجانب بعضهم ولد فى فرنسا ودول أوروبية أخرى.. وأكد الجعفرى أن مشروع القرار الفرنسى أظهر نوايا فرنسا بتقويض مقومات الدولة السورية.. فى حين كشف مندوب مصر لدى الأممالمتحدة السفير عمرو أبو العطا، عن أسباب تصويت مصر على مشروعى قرارى فرنساوروسيا فى مجلس الأمن.. وقال أبو العطا فى بيان إن مصر تؤيد كل الجهود الهادفة لوقف مأساة الشعب السوري، وإنها صوتت بناءً على محتوى القرارات وليس من منطلق المزايدات السياسية التى أصبحت تعوق عمل مجلس الأمن.. وأوضح أن السبب الرئيس فى فشل المشروعين يعود للخلافات بين الدول دائمة العضوية بالمجلس، معربًا عن أسفه إزاء عجز مجلس الأمن عن اتخاذ قرارات فاعلة لرفع المعاناة عن الشعب السورى والقضاء على الإرهاب فى سوريا نتيجة تلك الخلافات.. وأشار أبو العطا إلى وجود عدة عناصر مشتركة بين المشروعين المتنافسين، موضحًا أن مصر صوتت لصالح تلك العناصر والتى تتلخص فى وقف استهداف المدنيين السوريين، ودعم النفاذ الإنسانى ووقف العدائيات، وضرورة التعاطى الحاسم مع استخفاف بعض الجماعات المسلحة بمناشدات المجتمع الدولى لها بعدم التعاون مع التنظيمات الإرهابية.ووجه المندوب الدائم المصرى نداءً للقوى الدولية والإقليمية والداخلية فى سوريا بتجنب الصراعات والمطامع السياسية والنعرات الطائفية من أجل إنقاذ الشعب السورى من المآسى التى يعانى منها يومياً.