كنا قد فوجئنا في أعقاب نكسة 5 يونيو 1967 بظهور محطة إذاعية مجهولة - تذيع أغاني الست "أم كلثوم" تبدأ من الساعة الثالثة بعد الظهر، يعقبها أغنية للأستاذ "محمد عبد الوهاب" ثم الأستاذ "فريد الأطرش" ثم الأستاذ "عبد الحليم حافظ" وبعدها تأتي الفنانة "نجاة الصغيرة" ثم "فايزة أحمد" وهكذا حتي نهاية السهرة، تغلق الإذاعة المجهولة بأغنية طويلة للست "أم كلثوم" حتي الساعة الحادية عشرة مساء، وظللنا نتابع الاستماع لهذه المحطة سنوات وسنوات، حتي علمنا بأن تلك المحطة تبث من المقطم، وقام الجهاز الإعلامي المصري ببثها للاحتياج إليها عند اللزوم أثناء الاستعداد لحرب 1973 ثم في عصرنا هذا وجدنا أن هناك محطة للأغاني شدت غالبية المستمعين في مصر، وخاصة في المدن القريبة من القاهرة، حتي توسعت المحطة في تعديل موجاتها، فيمكن الاستماع إليها من محافظات مصر جميعها، بترددات مختلفة وهي إذاعة الأغاني. وخصصت تلك الإذاعة مواقيت محددة ارتبط بها مستمعون (مثلي) بأن الساعة الواحدة ظهراً نصف ساعة مع الأستاذ "عبد الوهاب" والساعة الثالثة ظهراً أغنية للست "أم كلثوم" وكذلك الساعة الحادية عشرة مساء أغنية للست منقولة بجميع (سلطاتها وبابا غنوجها وحلوياتها ) كما يقول الإعلامي الأخ (عمرو أديب) تنقل الأغنية وكأنها علي الهواء مباشرة من دار سينما "قصر النيل" أو حديقة الأزبكية أو غيرهما من مواقع سجلت فيها الأغنية مع أصوات مقدمي ومذيعي زمان مثل "جلال معوض" "الله يرحمه" أو "آمال فهمي" أطال الله عمرها وهكذا، ارتبطنا بالمحطة الجديدة ومواعيدها وكان نصيب "عبد الحليم حافظ" نصف ساعة من السابعة مساء، وإذ علي تردد بجانب محطة الأغاني "106.3" نستمع يومياً وعلي مدار الساعة لأغاني الفنان المصري العظيم المرحوم "عبد الحليم حافظ" ولكنني لاحظت أن الأغاني تتكرر وتحددت في مجموعة لا تزيد علي خمسين أغنية تقريباً. بينما ذخيرة أغاني "عبد الحليم حافظ" تتعدي الآلاف، ففيها الوطني والتاريخي والعاطفي. ولا أعلم من الذي يقوم علي هذه المحطة، ولم أقرأ عن سبب تقديمها ولم نعلم أيضاً لماذا تلك الأغاني الخمسين فقط! من مقالي هذا أريد أن تصل رسالة بأنني معجب جداً بالمحطة ولكن في احتياج لتطويرها. أو إضافة تلك الأغاني الوطنية لمحبي التسجيلات أو ربط تلك المحطة بمجموعة من الأغاني التراثية المصرية، حيث نفتقد كثيراً الشيخ "صالح عبد الحي" والسيدة "منيرة المهدية"، والسيد "محمد عبد المطلب" والسيد "محمد قنديل" كل هؤلاء السيدات والسادة من فناني مصر العظماء وأصواتهم الحانية ومواقفهم الوطنية الرائعة أيام حرب 1956 وأيام حرب 1967 وتلك الثورة الفنية الوطنية التي كانت في الطرب المصري بعد عبور 1973 ليت أحد يقرأ أو يسمع ويطور ويستمر الأداء في هذا الاتجاه!