ماذا تفعل لو أنك فجأة رأيت شخصا بشريا مثلك وراودتك فكرة أنه ربما يكون أي شيء آخر سوي أن يكون بشريا.. أعرف أننا جميعا بشر.. نحيا علي الأرض ونعيش وسط الآخرين.. بالطبع هناك من يؤمن بوجود الكائنات الأخري.. لكن الكثير منا لا يؤمن بوجودهم.. وإذا كنت ممن لا يعتقدون في وجود الآخر أو القرين أو أخ لك تحت الأرض وفجأة وأنت تسير في الشارع وحدك.. فيما كنت تتجه إلي عملك سالكا ذات الطريق الذي تعودت أن تسلكه يوميا رأيت شخصا بشريا مثلك.. ولكن احساسا ما بداخلك يخبرك بأنه ليس بشراً.. ماذا تفعل حينها. لقد رأيت في عينيه ما يؤكد اعتقادك.. رأيت نظرات لا هي الشر.. ولا هي الخير، إنها نظرات تقول كلمات تخبرك من يكون، وتخبرك من تكون، تري فيها ما يدور بداخلك ويمر إلي جوارك ويتخطاك فتتوقف لتناديه وتحاول محادثته لتعرف من يكون. وتلتفت لتناديه، والمفاجأة أنك لا تجده وتقف في حيرة من أمرك، تعود بعض الخطوات بحثا عنه ومحاولا تذكر ما كان يرتديه أو علامة تميزه لكنك لا تتذكر سوي المظهر الغريب وملابس لا معالم لها تماما مثل نظرات عينيه، ثم تقنع نفسك بأن كل ما رأيته كان مجرد خيال واسع سببته لك رواية قرأتها من قبل أو فيلم شاهدته أو حكاية رواها لك صديق. ومن حيث توقفت تعود إلي وجهتك متجاهلا ما جال بخاطرك في لحظة تفكير غامض لعقل باطن. وفجأة تجده أمامك من بعيد وكأنه مشهد معاد.. ولكنه هذه المرة ليس وحده.. بل معه آخر.. وآخر.. وآخرون إلي جواره ومن خلفه يسيرون. يشبهونه تماما.. وتتساءل هل أنت وحدك من تراهم؟ وهل يراه الأخرون؟ وإن كانوا يرونه هل يشعرون بمثل ما تشعر به؟ هل يرونه غريبا عن كينوتهم البشرية؟ هذه المرة تصمم علي الحديث معه وتحاول الاقتراب منه.. وتناديه لتلاحظ أن عينيه قد عادت إلي طبيعتها ولا تجد من هم حوله من أشباهه.. وبدا الشارع مزدحما والناس من حولك تهرول وتسمع سيدة تنتحب «مازال شابا صغيرا».. وآخر يتساءل هل مات؟ وهناك من يرد عليه «ليس هناك نبض» وتقف لتلقي نظرة تري ماذا حدث؟ إنه أنت مستلق علي الأرض وتجد الآخر الغريب يقف إلي جوارك.. إن كل غرابته تتجسد في شحوبه وشكله إنه نسخة شاحبة منك تري هل يكون شبحا خرج لتوه من روحي الزاهقة وأن من حوله كانوا أصدقاء تلك الروح وقد أتوا ليصطحبوها حتي لا تضل طريقها من جديد في عالم آخر تكتنفه الظلمة والغموض.