كتب - صبحى مجاهد - عمر حسن وهايدى حمدى انطلقت أمس أعمال المؤتمر العالمى للإفتاء الذى تنظمه دار الإفتاء المصرية، تحت رعاية الرئيس عبدالفتاح السيسى، وبمشاركة وزير العدل المستشار أحمد الزند، والدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، والدكتور شوقى علام مفتى الجمهورية، والدكتور جلال السعيد محافظ القاهرة نائبا عن رئيس الوزراء، بالإضافة إلى كبار المفتين من 50 دولة. يستمر المؤتمر لمدة يومين تحت عنوان «الفتوى.. إشكاليات الواقع وآفاق المستقبل»، ويهدف إلى التعرف على المشكلات فى عالم الإفتاء المعاصر، ومحاولة وضع الحلول الناجعة لها، خاصة ما يتعلق بمعرفة المخرج الشرعى الصحيح من الاضطراب الواقع فى عالم الإفتاء. وأعرب الدكتور شوقى علام مفتى الجمهورية رئيس المؤتمر فى كلمته، عن الأمل فى أن يكون هذا المؤتمرُ حدًّا فاصلًا بين عصرِ فوضَى الفتاوى التى تتسببُ فى زعزعةِ استقرارِ المجتمعاتِ وتؤدى إلى انتشارِ التطرُّفِ، وبين عصرِ الفهمِ الدقيقِ لطبيعةِ الدورِ الإفتائى وما يكتنِفُه من ضوابطَ يمكنها مع التطبيقِ أن ترتقى به إلى أعلى مستوياتِه، وتُسهمَ فى عجلةِ البناءِ والعمران وأن نخرجَ بنتيجةٍ إيجابيةٍ فعالةٍ من هذا العملِ والمجهود. وأشار المفتى إلى التحديات الكبيرةٍ التى يعيشُها المسلمون فى مختلفِ بلدانِ العالمِ فى ظلِّ انتشارِ موجاتِ التطرفِ والإرهابِ التى تشوِّهُ ديننَا الحنيفَ وفى ظل ظهور أناس موتورين ينتزعون الكلامَ النبويَّ من سياقه، ويحمِلونه على المعانى والمحامل التى لا يحتملها اللفظ النبوى وفق قواعد الاستنباط الصحيحة، ويخلعون عليه ما وَقَر فى نفوسهم من غِلظةٍ وعُنف وشراسة وانفعال، مع جهل كبير بأدوات الفهم، وآداب الاستنباط، ومقاصد الشرع الشريف وقواعده. وقال: إننا نواجِه الأميَّةَ الدينيةَ من جهةٍ، وفتاوى أشباهِ العلماءِ من جهةٍ ثانية، ونواجه تشويهَ الدينِ الإسلاميِّ بيدِ مَن ينتسبونَ إليه من جهةٍ أخرى. من جانبه، حذر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف فى كلمته بالمؤتمر من التساهل فى فتاوى التكفير والتفسيق والتبديع مما يؤدى إلى استحلال الدماء المعصومة، مبينا أن صناعة الفتوى السليمة هى الكفيلة بترغيب الناس فى الالتزام بالشرع الحنيف والبعد عن الغلو والتشدد. وطالب شيخ الأزهر، المفتين بمراعاة الفتوى الصحيحة لأنها العاصمة من الترخص الذميم والتحلل من سماحة الدين وَأن يجدِّدوا النظر فى تولى المرأة القضاء وباستئناف النظر فى قضية التماثيل، مشددا على أنه مع وجود النص القاطع الصريح فى الشريعة لا نظر ولا تجديد وإنما التسليم لله والرسول وأن الإسلام السمح يدعو إلى التسامح. ودعا الطيب إلى الاستفادة من التراث الإسلامى العظيم، السمح وننفض عنه غبار الإهمال الذى حرم الناس من يسر الشريعة ورحمتها، وأن نستلهم هذه الكنوز فى كل شاردة وواردة فى صناعة الفتوى، فهى وحدها الكفيلة بترغيب الناس فى الالتزام بأحكام الشرع الشريف، وهى وحدها العاصمة للفقيه والمفتى من إرهاق الناس وحملهم على ما يشق عليهم، وهى العاصمة أيضًا من الترخص الذميم الذى يقترب من تحليل الحرام وتشجيع الناس على التحلل من ربقة الدين. وحذر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، فى كلمته، من تصيدِ الغرائب التى تَدْعم هذه الفتاوى من تراثنا مما أدى إلى ما نراه الآن من قتل واستحلال للدماء المعصومة باسم الكفر والخروج عن المِلة. كما حذر من مسألة «العُرف»، وخطره البالغ على تكيف الفتوى وجنوحها إلى التَّشدد والتعسير، حيث إن مكمن الخطر هو أن قاعدَة تغير الفتوى بتغير العرف، أصبحت قاعدة شبه مهْمَلة أو هى نادرة التطبيق فى الفتوى.