من النادر أن يجتمع الناس على حب شخص واحد، فالحب هبة ونعمة من الله، يهبها لمن يشاء من عباده الصالحين، ظهر هذا الحب والعشق الحقيقى للفنان نور الشريف، بعد سماع خبر وفاته المفاجئ، وبلا أدنى مبالغة، أبكى الخبر عيون محبيه، فلم يكن الشريف محبوبا فقط، من تلامذته وزملائه وأسرته، بل عشق المصريون، صدقه ودأبه على تقديم أعمال فنية، أصبحت اليوم فى ذاكرة المسرح، والسينما، والإذاعة، والتليفزيون، وحفر بها اسمه بين الخالدين. فمن النادر ان تجد ممثلا يجيد العمل فى شتى أنواع الفنون، خاصة المسرح والسينما، فغالبا من يجيد الوقوف على خشبة المسرح، قد لا يحالفه النجاح فى السينما، أو العكس، لكن نور الشريف، نجح وبنفس الكفاءة، فى تقديم أعمال مسرحية وسينمائية وتليفزيونية لا تنسى، وربما لن تسمح المساحة هنا، إلا بالحديث عن أعماله المسرحية المختلفة، التى حالفنى الحظ بحضور أحد بروفاتها، وكانت مسرحية «اللجنة» لصنع الله إبراهيم، والتى كان من المنتظر أن يقدمها الشريف، على خشبة مسرح السلام عام 2008، مع المخرج مراد منير، واستمر نور الشريف مع المخرج والمؤلف، وبطلة العمل داليا البحيرى، فى عمل بروفات يومية بغرفة مسرح السلام، وكان ملتزما بالبروفات بدأب ونهم شديد، وخلال بروفات «الترابيزة» ترى الشريف، وهو يؤدى الشخصية كأنه معتليا خشبة المسرح، لكن لم تكتمل التجربة واصطدم فريق عمل «اللجنة» وقتها، بقرار منعها لأسباب أمنية، وكان العمل المسرحى الأخير، الذى كاد أن يشارك فى بطولته الفنان نور الشريف بشكل فعلى، لكن بالتأكيد، سبق وأن قدم النجم نور الشريف، أعمالا مسرحية كبيرة، مثل «لن تسقط القدس» إخراج فهمى الخولى، على خشبة المسرح القومى، «الفارس والأسيرة» تأليف الدكتور فوزى فهمى وإخراج شاكر عبد اللطيف، و«يا غولة عينك حمرا» تأليف كرم النجار وإخراج حسن عبدالسلام، «كاليجولا» إخراج سعد أردش وشاركته فى البطولة إلهام شاهين بالمعهد العالى للفنون المسرحية، «يا مسافر وحدك» إخراج هانى مطاوع على المسرح القومى، كما أخرج عددا من المسرحيات التى شارك بالتمثيل فيها مثل «الأميرة والصعلوك» بالقومى وشاركته البطولة منال سلامة، و«محاكمة الكاهن» دراما تورج محسن مصليحى، وكان العرض نتاجا لورشة مسرحية كبيرة بمسرح الهناجر عام 1993، وأخرج لمسرح القطاع الخاص «سهرة مع الضحك» تأليف على سالم، و«بكالوريوس فى حكم الشعوب». ووسط زحام عمله التليفزيونى والسينمائى، ظل يراوده حلمه المسرحى الأشهر، وهو القيام ببطولة «الحسين ثائرا وشهيدا»، لعبد الرحمن الشرقاوى لكن للأسف، لم يتحول مجمع البحوث الإسلامية ومشيخة الأزهر، عن موقفيهما من تقديم هذا العمل، ودائما كانت الجهتان، عائقا أمام تنفيذ حلمه الكبير، ومنذ سنوات قليلة، أعاد المخرج مراد منير، طرح فكرة تقديم هذه المسرحية، لكن أعيد رفضها من جديد، ولم ييأس نور الشريف، من المطالبة والحديث، عن هذا العمل المسرحى برغبة وعشق، حتى أنه فى أحد لقاءاته التليفزيونية الأخيرة، مع المؤلف مدحت العدل فى برنامجه «أنت حر»، ردد الشريف مقطع من أهم وأجمل مقاطع المسرحية، والتى فيها يحث الوليد الحسين على مبايعة يزيد ابن معاوية وجاء بها: الوليد: نحن لا نطلب إلا كلمة.. الحسين: كبرت كلمة.. وهل البيعة إلا كلمة! ما دين المرء سوى كلمة ما شرف الرجل سوى كلمة أتعرف ما معنى الكلمة؟ مفتاح الجنة فى كلمة دخول النار على كلمة وقضاء الله هو الكلمة!!