"شاكس" الروائي بهاء طاهر زميله الروائي صنع الله إبراهيم قبل بدء مناقشة كتاب "مائة خطوة من ميدان التحرير" لأحمد زغلول الشيطي بمكتبة "ألف"، وامتدت تلك المشاكسة الحميمية بين الروائيين اللذين ينتميا لجيل الستينيات، إلي الحديث عن كتاب الشيطي، فقدم كل منهما وجهة نظر مختلفة تماما عن الآخر. بهاء طاهر أثني علي أسلوب الكاتب قائلا: ما أعجبني في الكتاب الفوضاوية الموجودة به وتركيزه علي المواقف الانسانية الصغيرة، "مكنتش عايز عمل أدبي، كنت عايز عمل يعديني بصدقه"، وتوقف طاهر ليسأل الشيطي: هل رأيتك مرة في التحرير؟، وقال موجها كلامه للشيطي: لقد قلت شيئا هاما وهو أن الأحداث لابد أن تسجل في يوميات لأنها تنسي، شخصيا لو سألتني ماذا رأيت في التحرير لن أتذكر الكثير ولهذا أسعد بالأعمال التي تدون ما حدث في الثورة أولا بأول، كما أنك اهتممت بالتسجيل ولم تهتم بعواطفك". وأضاف طاهر: أنا متأكد أن مثل هذه الكتابة سيكون لها تأثير علي إبداعنا في المستقبل، وستحفز جيل الكتّاب الجديد علي الابتعاد عن الذاتية المفرطة التي لاحظناها خاصة عند كتاب التسعينيات، والتي حولت عندهم الكتابة لنوع من الاستبطان المرضي الذي يركز علي الذات المريضة، أما هذا النوع من الكتابة التي بدأها الشيطي وهي الكتابة الوقائعية فستساعد الأدب المصري علي الخروج من شرنقة الكتابة الذاتية التي أزعجتني علي المستوي الشخصي". وعن الثورة قال طاهر: ما حدث في التحرير سيجعل البعض يعيد النظر في الشخصية المصرية التي تحدثوا عنها في أعمال غلب عليها طابع جلد الذات والنقد الجارح، وتاريخ مصر عبارة عن ثورة لا تنقطع، لكن طول مرحلة الثبات قد تسبب حالة من الإحباط وقد أصابني ذلك شخصيا، وبعد أن شاركت في مظاهرتين أخيرتين يوم كنيسة القديسين وقبلها عند تزوير الانتخابات، وتساءلت متي سيقوم هذا الشعب وماذا ينتظر، ولكن تنبؤ الراحل محمد عودة الذي كان عاشقًا كبيرا لمصر بأن البلد سيعمل حاجة عظيمة في وقت قريب يفاجئ الكل، كان صحيحا". أما صنع الله إبراهيم فكانت له عدة ملاحظات علي الكتاب قائلا: نحن أمام قصاص يسجل رؤيته اليومية لحدث معين، والكتاب يقع في منزلة بين الصحافة والأدب، لكننا في الكتاب نفتقد تفسير بعض الأشياء مثل سبب عيشه وحده وتركه دمياط، وكذلك نفتقد أشياء حتي علي المستوي الصحفي مثل لماذا حدثت تظاهرة كنيسة القديسين، وقد أخبرته أنه يجب أن يصنع كتابا آخر أكثر عمقا وأدبية، فهناك أشياء تأخذ وقتا طويلا لكي يتم استيعابها، فقد ظللت أربعين عاما أكتب عن مشاهد في الطفولة واستطعت أخيرا أن افعل ذلك في رواية "التلصص"، وعاد صنع الله ليؤكد أن الكتاب مغامرة جميلة وفريدة، لكونه لشخص قريب من الحدث الرهيب ويسجل تطوراته، كما أنه استطاع فيه أن يكسر عقدة توقفه عن الكتابة والتي ظلت طوال العشر سنوات الأخيرة. من ناحيته أكد الشيطي أنه لم يكن في نيته أن يكتب يوميات بل إنه يعتمد في كتاباته علي الاستدعاء من الذاكرة، وحكي عن معايشته لأحداث الثورة منذ اندلاعها يوم 25 يناير نظرا لسكنه القريب من ميدان التحرير، وقال: ما دفعني للكتابة أنني أصبت بانبهار وانفعال بما يحدث وتصورت أن ذلك شيء فريد ولا يمكن الاعتماد والركون علي الذاكرة وحدها في الاحتفاظ بما يحدث.