رئيس مدينة الحسنة يعقد اجتماعا تنسيقيا تمهيدا للاستعداد لانتخابات الشيوخ 2025    الخارجية الأردنية ترحب بعزم بريطانيا الاعتراف بالدولة الفلسطينية    عاجل- ترمب: زوجتي ميلانيا شاهدت الصور المروعة من غزة والوضع هناك قاس ويجب إدخال المساعدات    33 لاعبًا في معسكر منتخب مصر تحت 20 سنة    مصرع عامل اختل توازنه وسقط من أعلى سطح المنزل في شبين القناطر    أحمد فؤاد سليم: عشت مواجهة الخطر في الاستنزاف وأكتوبر.. وفخور بتجربتي ب "المستقبل المشرق"    الدكتورة ميرفت السيد: مستشفيات الأمانة جاهزة لتطبيق التأمين الصحي الشامل فور اعتماد "Gahar"    عيار 21 الآن يسجل رقمًا جديدًا.. سعر الذهب اليوم الأربعاء 30 يوليو بعد الانخفاض بالصاغة    رئيس وزراء فلسطين يبحث مع وزير الخارجية السعودي تنسيق المواقف المشتركة    وزارة الطيران: انقطاع الكهرباء عن مطار القاهرة كان لحظيا ولن يؤثر على حركة التشغيل    الجامعات الأهلية الأقل تكلفة في مصر 2026.. قائمة كاملة بالمصروفات ومؤشرات تنسيق الثانوية العامة 2025    تنسيق المرحلة الثانية 2025.. موعد الانطلاق والمؤشرات الأولية المتوقعة للقبول    ماذا جاء في البيان الختامي لمؤتمر نيويورك لحل الدولتين؟    محمد السادس: المغرب مستعد لحوار صريح ومسؤول مع الجزائر    زيلينسكي: سيتم توسيع برنامج تجنيد الشباب في القوات الأوكرانية بالتعاقد    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. كاتب إسرائيلى: تجميل إسرائيل إعلاميا سيفشل ولا تبرير لتجويع غزة.. ودولة الاحتلال تعترض صاروخا أطلق من اليمن وتهاجم لبنان 500 مرة خلال فترة الهدنة    ترامب: الهند ستواجه تعريفة جمركية تتراوح بين 20% و25% على الأرجح    حقيقة اهتمام ريال مدريد بالتعاقد مع رودري نجم مانشستر سيتي    عاصم الجزار: لا مكان للمال السياسي في اختيار مرشحينا    الجنايني عن شروط عبدالله السعيد للتجديد مع الزمالك: "سيب اللي يفتي يفتي"    مدرب إنبي: فلسفة ريبييرو واضحة    مفاجأة ممدوح عباس.. الزمالك يتحرك لضم ديانج.. تقرير يكشف    نجم بيراميدز يطلب الانتقال ل الزمالك وحقيقة «كوبري» وسام أبو علي.. تقرير يكشف    «مهلة لنهاية الشهر».. إعلامي يكشف قرار المحكمة الرياضية في شكوى سحب الدوري من الأهلي    أول ظهور لرمضان صبحي بعد إخلاء سبيله من النيابة    عمرو الجناينى: تفاجأت باعتزال شيكابالا.. ولم أتفاوض مع أحمد عبد القادر    نقابة البترول تنظم ندوة تثقيفية حول قانون العمل الجديد    جدول امتحانات الثانوية العامة دور ثاني 2025 (اعرف التفاصيل)    أطلقه بالخطأ أثناء تنظيف السلاح.. عامل ينهي حياة ابنه بطلق ناري في كفر الشيخ    إصابة 10 أشخاص في انقلاب سيارة ميكروباص على «الدولي الساحلي» بكفر الشيخ    التفاصيل الكاملة لسيدة تدعي أنها "ابنة مبارك" واتهمت مشاهير بجرائم خطيرة    إصابة 10 أشخاص في حادث انقلاب سيارة بكفر الشيخ    الدش أنهى حياته.. تفاصيل مصرع عامل من أعلى عقار في القليوبية    رسميًا بعد الانخفاض الجديد.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأربعاء 30 يوليو 2025    أحمد فؤاد سليم: مدرس سابق عصره أشعل شرارة التمثيل بداخلي منذ المرحلة الابتدائية    أنغام بعد رحلتها لألمانيا.. محمود سعد يكشف تفاصيل حالتها الصحية    مي فاروق تكشف موعد طرح أحدث أغانيها«أنا اللي مشيت»    قائد الذئاب غير الصبور.. نقاط القوة والضعف لبرج الجوزاء    خبير ل ستوديو إكسترا : مصر مركز المقاومة الحقيقي وهناك محاولة متعمدة لإضعاف الدور المصري    خبير بيئي: حرائق قرية برخيل ناتجة عن اشتعال ذاتي بسبب تخمر بقايا المحاصيل والقمامة    معلقة داخل الشقة.. جثة لمسن مشنوق تثير الذعر بين الجيران ببورسعيد    بدأت بصداع وتحولت إلى شلل كامل.. سكتة دماغية تصيب رجلًا ب«متلازمة الحبس»    خالف توقعات الأطباء ومصاب بعيب في القلب.. طفل مولود قبل أوانه ب133 يومًا يدخل موسوعة «جينيس»    طريقة عمل سلطة الطحينة للمشاوي، وصفة سريعة ولذيذة في دقائق    أمين الفتوى: الشبكة جزء من المهر يرد في هذه الحالة    ما الذي يُفِيدُه حديث النبي: (أفضل الأعمال الصلاة على وقتها)؟.. الإفتاء توضح    هل يُحاسب الطفل على الحسنات والسيئات قبل البلوغ؟.. واعظة تجيب    «السياحة والآثار»: المتحف القومي للحضارة شهد زيادة في الإيرادات بنسبة 28%    سعر ومواصفات 5 طرازات من شيرى منهم طراز كهرباء يطرح لأول مرة فى مصر    حكم الرضاعة من الخالة وما يترتب عليه من أحكام؟.. محمد علي يوضح    محافظ الدقهلية يهنئ مدير الأمن الجديد عقب توليه منصبه    بدء انتخابات التجديد النصفى على عضوية مجلس نقابة المهن الموسيقية    قبل الصمت الانتخابي.. أضخم مؤتمر لمرشحي مستقبل وطن في استاد القاهرة (20 صورة)    برلمانية تطالب بإصدار قرار وزاري يُلزم بلم شمل الأشقاء في مدرسة واحدة    الحرارة الشديدة مستمرة.. 3 ظواهر جوية تضرب مصر غدًا    أمين الفتوى: مخالفات المرور الجسيمة إثم شرعي وليست مجرد تجاوز قانوني    20% من صادرات العالم.. مصر تتصدر المركز الأول عالميًا في تصدير بودرة الخبز المُحضَّرة في 2024    29 يوليو 2025.. أسعار الحديد والأسمنت خلال تعاملات اليوم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ربيع الثورة في فلسطين «الشعب يريد إنهاء الانقسام.. ونحن أيضًا»


كتب: د.سمير غطاس
في صيف يبدو حارًا، ويحتمل أن تشتد حرارته إلي درجة الاشتعال وربما الالتهاب، بات الشارع العربي من الخليج إلي المحيط محتشدًا وموحدًا خلف الشعار الأكثر رواجًا وشعبية: الشعب يريد إسقاط النظام. ولا يبدو أن نظامًا عربيا سيفلت بجلده من المصير المحتوم للسقوط أو الانهيار تحت وطأة هذا الشعار والضغوطات المتعاظمة لحركة التاريخ الذي سيكنس في مزبلته نفايات كل أنظمة وديناصورات عصور ما قبل الديمقراطية.
لكن هذه الأنظمة، سارعت بعد ثورتي تونس ومصر، إلي إجراءات استباقية ودفاعية تراوحت بين الإسراف في رشوة المواطنين من عائدات البترودولار كما حدث في العديد من الدول الخليجية، أو باستخدام العنف الدموي المفرط مثلما يحدث في ليبيا عندما قصفت كتائب القذافي المواطنين بصواريخ الجراد والقنابل العنقودية، وكما يحدث في سوريا علي يد النظام صاحب براءة اختراع أول جمهوملكية لتوريث الرئاسة من الأسد الأب إلي الابن، الذي دفع بفرقة دبابات مدرعة ومعززة لسحق المواطنين في درعا وغيرها من المدن السورية، وهو الذي يمنع منذ عام 1974 إطلاق طلقة واحدة علي الاحتلال الإسرائيلي لهضبة الجولان، فاستحق أن يقال فيه وعنه: «أسد علينا.. وفي الحروب نعامة»!
ولا يبدو المشهد السياسي، جنوب سوريا، في فلسطين المحتلة بعيدًا عن توابع زلزال التغيير الذي يضرب ركائز وأساسات النظم العربية الاستبدادية لكن هذا لم يكن يعني بالضرورة تجاوز خصوصيات الوضع الفلسطيني وإعادة استنساخ تجارب الثورات العربية الأخري، وإذا كان من الصحيح تمامًا تهافت النظام السياسي الفلسطيني الراهن الذي يمتد عمره الزمني لأكثر من 47 عامًا والحاجة الملحة لإحداث تغيير جذري في المبني السياسي لهذا النظام فإن ترتيب الأولويات النضالية فرض نفسه فرضًا علي شعارات ومطالب التغيير في فلسطين، ولم يكن من قبيل المصادفة أن يبادر الشباب الفلسطيني من خارج الفصائل ومن داخلها إلي إطلاق حركة شعبية واسعة اجتاحت ميادين وشوارع غزة ورام الله وباتت تعرف بثورة شباب 15 آذار مارس التي رفعت شعار: الشعب يريد إنهاء الاحتلال الشعب يريد إنهاء الانقسام، وفيما تجاوبت القيادة الفلسطينية نسبيًا مع حركة الشباب في رام الله تعرض شباب هذه الثورة في غزة للقمع والمطاردة والاعتقال، ومن المؤسف حقًا أن تتعامي ثورة الشباب في مصر عما يحدث قريبًا جدًا منها في غزة خلف حدودها الشرقية مباشرة لأن مطالب ثورة الشباب الفلسطيني لإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية هي شرط واجب التحقق لاستكمال مشروع الثورة المصرية تمامًا مثلما هو شرط واجب لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
فقد يصعب أو يتعذر علي ثورة 25 يناير في مصر بناء وتطوير نظام سياسي جديد لدولة ديمقراطية ومدنية ومتقدمة، وهي منشغلة ومستنزفة في معالجة التوترات الأمنية الحادة علي حدودها الشرقية بسبب استمرار حالة الانقسام الفلسطيني وتداعياته الخطيرة في غزة من فرض الحصار الظالم إلي تعاظم ظاهرة التهريب في الانفاق، وخلق جماعات مرتزقة علي جانبي الحدود تستبيح الاتجار والتربح في كل شيء بما في ذلك الأمن القومي لمصر.
إن استمرار الانقسام الفلسطيني لم يكن يعني فقط تبدد واضمحلال الأمل في انجاز الحلم الوطني لإقامة الدولة الديمقراطية المستقلة وإنما كان يعني أيضًا استغلال إسرائيل لهذا الانقسام لتحويله إلي انفصال حقيقي بين غزة والضفة الغربية والقدس.
وقد دأبت السياسة الإسرائيلية علي استغلال حالة الانقسام الفلسطيني لابتزاز الرئيسي الفلسطيني والامتناع عن التوصل إلي اتفاق تفاوضي تحت ذريعة أنه لا يبسط سلطته الشرعية علي قطاع غزة.
وعندما أعلن الرئيس محمود عباس في 2011/3/16 عن مبادرته للذهاب إلي غزة فورًا لإنهاء الانقسام وتشكيل حكومة تكنوقراط انتقالية تكون لها مهام محددة: إعادة اعمار ما هدمته الحرب العدوانية في غزة، والاعداد لانتخابات ديمقراطية مباشرة ومتزامنة للرئاسة الفلسطينية والبرلمان والمجلس الوطني.
سارع نتانياهو باستغلال حالة الانقسام نفسهاولكن بشكل معكوس وخير أبومازن ما بين إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية مع حماس وبين السلام مع إسرائيل.
علي الفور رد أبومازن بأنه لن يتردد في اختيار إنهاء الانقسام لأن حماس جزء أصيل من الشعب الفلسطيني وأنه لا يتردد أيضًا في الدعوة للسلام مع إسرائيل لكن علي نتانياهو نفسه أن يختار ما بين السلام والاستيطان لأن القرار الفلسطيني رفض بشكل قاطع الاستمرار في المفاوضات في ظل استمرار الاستيطان.
ومع الخطورة البالغة لكل ذلك فإنه يجب أيضًا معالجة خطورة استمرار الانقسام في غزة من منظور مصري وطني، فاستمرار هذا الانقسام يستنزف قدرات مصر الأمنية والاقتصادية والبشرية في معالجة التوترات علي حدودها مع غزة، وحالة الانفلات الأمني ووجود جماعات للسلفية الجهادية المتماثلة مع تنظيم القاعدة في غزة «لجان المقاومة الشعبية جيش الإسلام جيش الأمة جند الله التوحيد والجهاد سيوف الإسلام» تمثل خطرًا حقيقيًا علي مصر بالنظر إلي منطلقاتها الفكرية والسياسية وبالنظر أيضًا إلي ارتباطاتها وولائها الخارجي، ولما كانت سلطة حماس في غزة متمسكة بالمحافظة علي حالة التهدئة مع إسرائيل فإن هذه الجماعات تعتبر مصر أرضًا مستباحة شرعًا لأنشطتها المتطرفة.
فضلاً عن ذلك فإن استمرار الانقسام في غزة يمكن أن يورط مصر، دون إرادتها، في حرب أو مغامرة عسكرية تستدرجها إسرائيل لتحقيق مشاريعها وأطماعها.
كما يوفر استمرار الانقسام في غزة الشروط الضرورية لإسرائيل لتنفيذ مخططها القديم الجديد «مشروع يوشع بن آري وغيورا ايلاند وغيرهما» للتخلص النهائي من قطاع غزة والمطالبة بتوسيعه علي حساب الأراضي المصرية في سيناء وإلقاء تبعات غزة الأمنية والسياسية والمعيشية علي عاتق مصر لإثقال الحمل عليها حتي تهوي تحت وطأته.
ولهذه الاعتبارات كلها ومن منطلقات مصرية وطنية وقومية بذلت مصر كل جهد ممكن لإنهاء هذا الانقسام البغيض الذي لم تعرفه فلسطين علي امتداد تاريخها كله وكان استمراره يمثل وصمة عار تلطخ النضال المشرف للشعب الفلسطيني، وينذر بعواقب وخيمة ومخاطر محدقة بفلسطين وبمصر علي حد سواء.
كانت مصر قد احتضنت منذ فبراير من العام الماضي جولات عديدة من الحوار الوطني الفلسطيني امتدت إلي ما يتجاوز 1400 ساعة من الحوار، وانتهت إلي صياغة ورقة اتفاق عرفت باسم الورقة المصرية رغم أن مصر لم تتدخل فيها سوي بصياغة ما تم التوصل إليه بين فتح وحماس.
وبادرت حركة فتح، رغم ملاحظاتها علي الورقة، إلي التوقيع عليها فيما تمنعت حركة حماس حتي صباح يوم الأربعاء الماضي 4/27، وفي خلال أربع ساعات فقط جري التوصل إلي اتفاق مبدئي وقع بالأحرف الأولي لإنهاء الانقسام، ووقعت حركة حماس علي الورقة المصرية نفسها ووقع الطرفان علي ملحق من التفاهمات التي من أهمها: تشكيل حكومة تكنوقراط وإجراء انتخابات جديدة في مدة لا تتجاوز عاما من تاريخ التوقيع النهائي علي هذا الاتفاق الذي من المقرر أن يتم في القاهرة بحضور الرئيس الفلسطيني أبومازن وخالد مشعل والامناء العامين للفصائل الفلسطينية تفاديا لسقوط هذا الاتفاق في فخ المحاصصة بين فتح وحماس بما يهدد مصير الاتفاق كما حصل من قبل لاتفاق مكة الذي وقع هناك في 2007 وانهار كليا بعد ثلاثة أشهر فقط من التوقيع عليه.
وفضلاً عن المكاسب الفلسطينية الجوهرية التي يحققها الاتفاق علي إنهاء الانقسام فإنه من المنظور المصري يمثل إعلانا للجميع بأنه لا يمكن لأحد اختطاف الدور المصري الإقليمي، وأن تغيير النظام السياسي في مصر، لا يمس مطلقًا دورها ومكانتها الإقليمية، وأن هذا الدور الإقليمي المحوري لمصر هو أحد الدوافع الأساسية للنظام السياسي الجديد بعد ثورة 25 يناير، لأن مكانة مصر الإقليمية تتناسب طرديًا مع تقدير واحترام العالم لها وتشجيع الاستثمار فيها.
ويأتي الإعلان عن اتفاق إنهاء الانقسام الفلسطيني في القاهرة ليصفع وجه ليبرمان وزير خارجية إسرائيل الذي كان قد أعلن بعد ثورة 25 يناير أنه لم يعد في منطقة الشرق الأوسط سوي ثلاث قوي إقليمية كبري: إسرائيل وتركيا وإيران، وربما لهذا تميز رد فعل ليبرمان علي الإعلان عن الاتفاق من مصر بكثير من الانفعال والانفلات والعصبية. وإذا كان انجاز الاتفاق علي إنهاء الانقسام الفلسطيني هو بحد ذاته نقطة تحول تاريخية، فإن الأكثر أهمية الآن هو حماية هذا الاتفاق من أي انتكاسة داخلية ومن أي ضغوط ومؤامرات إقليمية وخارجية والشعار الذي كان يقول: الشعب يريد إنهاء الاحتلال والشعب يريد إنهاء الانقسام، يجب أن يكون الآن: الشعب يريد إنهاء الاحتلال والشعب يريد حماية الاتفاق ولا عودة مطلقًا للانقسام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.