مع تولي عماد أبو غازي وزارة الثقافة في الفترة المؤقتة الحالة بدأت تتشكل ملامح أمنيات وطموحات المثقفين والأدباء علي اختلاف أعمارهم، التي ظلت حبيسة عقولهم وقلوبهم لفترة قد تكون بعمر بعض منهم، أي بعمر ولاية وزير فاروق حسني للثقافة. وعلي الرغم من أن وزارة أبو غازي مؤقتة، فقد فتحت الآفاق لآمال في التغيير والتطور لدي الجميع للارتقاء بوضع الثقافة والمثقفين في مصر، وتفعيل دورهم، خاصة الشباب منهم ومعا حاولنا رصد بعض هذه الأمنيات، التي انطوي البعض منها علي بعض التشاؤم من هذه الحكومة بينما زخر العديد منها بآراء وأفكار موضوعية تهدف لتغيير الواقع رغم أي ضغوط أو ظروف غير مناسبة وكأنها فرصتهم الحقيقية في التغيير. زيادة الدوريات الثقافية وفتح باب النشر الحكومي للشباب تقول الكاتبة رباب كساب: أحلم بأن تتحول وزارة الثقافة لنشر الثقافة بالفعل، فكثير من قصور الثقافة ما هي إلا جهات حكومية عادية تمتلئ بموظفين أبعد ما يكونوا عن الثقافة والفكر معدومي النشاط علي الإطلاق، أريد منهم دورا أكبر بتشجيع الفنون والآدب بشكل عام وأن تساهم في خلق جيل جديد واع أكثر دراية. كما أتمني زيادة عدد المجلات المتخصصة الصادرة عن الوزارة، كما أريد من الهيئات التابعة أن تنظر لإبداعات الشباب بعين الاهتمام وألا يصبح النشر في جهات الحكومة حلما مستحيلا وأن تكون هناك لجنة قراءة ذات فكر متعدد تنتقي تلك الأعمال للنشر مع إتاحة الفرصة للجميع، وكذلك لجان المسابقات لا تكون حكرا علي أفراد بعينهم بل تكون دائمة التغير، فلا تفرض ذائقة شخص بعينه أو أشخاص بعينهم كل عام، أتمني من وزارة الثقافة أن تزيد من حضورها بالمحافظات، وتساهم في توعية الناس باستغلالها أدبائها وفنانيها لنواجه القادم بعقول واعية. كشف ملامح الفساد ومحاسبة الفاسدين قال القاص مصطفي السيد سمير: بداية هناك التوقعات قصيرة المدي التي تشمل كشف ملامح الفساد كل السابق ومحاسبة كل من تورط في هذه الأعمال بداية من تهميش عملية التثقيف ذاتها ودفن قصور الثقافة ومطاردة المثقفين الحقيقيين وإبعادهم ومرورا بإهدار المال العام حتي المعايير غير الموضوعية في اختيار الأعمال المنشورة علي نفقة الوزارة بالنسبة للتوقعات طويلة المدي فهنا تفرض المرحلة القاء كل المقترحات الجزئية والمطالب الإصلاحية جانبا والتفكير في شكل جديد للعمل الثقافي في المستقبل، شكل جديد يتمتع بالاستقلالية مع التنظيم، بالطموح مع الواقعية، بالانفتاح بشكل عام مع عدم الانفصال عن الشارع ربما لا يكون بقدرة الوزارة في هذه المدة القصيرة صياغة هذا الشكل ولكنها يمكن أن تكون برلمانا ثقافيا مؤقتا يجمع الآراء والاقتراحات ويدير حوارا موسعا حول شكل العمل الثقافي في المستقبل. المرحلة الانتقالية تحتاج إلي تكاتف اكبر من ممثلي الثقافة المستقلة وتختلف وجهة نظر الكاتب طارق إمام عما سبق فهو يري أن وزارة عماد أبو غازي امتداد طبيعي لوزارة فاروق حسني، ويضيف فأبو غازي في الوزارة منذ عام 1999، إلي أن أصبح أمينا لمجلس فاروق حسني للثقافة، وعلي مدار 12عاما قضاها في مناصب ليست بالصغيرة داخل الوزارة ماذا فعل؟ لم يغير من سياسة "ثقافة الاستعراض والمهرجانات"، ولم تحرك شبرا لتصحيح مسار الفساد في جوائز الدولة، الذي توج العام الماضي بحصول شاعر غنائي علي جائزة الدولة للتفوق في مجال الآداب بينما مجاله الفنون؟ هل اعترض علي ترشح شخص لجائزتين للدولة في نفس الوقت في مخالفة سافرة لكل القوانين انتهت بحصوله علي التقديرية؟ كما أن أبو غازي ظل يعمل في وزارة جابر عصفور، التي اعترض الجميع عليها، ومن بعده ظل يعمل مع الصاوي الذي اعترض أغلب المثقفين عليه وعلي رئيس وزارته أحمد شفيق، ولم يتحرك أبو غازي في كل تلك المهازل بكلمة واحدة بل ظل يخدم كل رئيس يفد عليه. والأخطر أن أول تصريح لأبو غازي بعد تولي الوزارة هو بقاء سياسة النشر في هيئة قصور الثقافة كما هي، معتبرا وجود الرقابة الدينية والأخلاقية والسياسية علي الإبداع شيئا بديهيا، بدلا من أن يعتذر عن ذلك ويعد بإلغائه تماشيا مع مرحلة جديدة شعارها الحرية، وقال أبو غازي إن الحرية مكانها دور النشر الخاصة (وكأنك يابو زيد ما غزيت)، والوضع نفسه طبعا مع السينما. فأبو غازي رجل يمثل ثقافة القمع في العهد البائد وكان أحد جنودها المخلصين وأري أنه كان من المفروض أن يتولي هذه الوزارة شخص معارض لسياساتها السابقة وليس واحدا من صناعها وبشكل عام، المرحلة الانتقالية تحتاج تكاتف أكبر من ممثلي الثقافة المستقلة لأن هذا وقتنا ودورنا وليس وقت وزارة لا تزال تعمل بنفس الآليات القديمة داخل الغرف والجدران، وأطالب بمجرد انتهاء الفترة النتقالية بإلغاء وزارة الثقافة أسوة بما حدث مع الإعلام، وهو ما كان يجب أن يحدث، لأن وزير الثقافة لا مكان له في دولة ديمقراطية. استعادة الهوية من جديد نشر التنوير ترميم البنية الفكرية للشعب أما الشاعر أحمد عبد الجواد فيدعونا لترك الحديث علي وزير الثقافة، والتركيز علي الحديث عن الوزارة، لأن الوزير مهما كان فعمره في الوزارة -بعد التغيير- قصير، ويضيف لكن إذا استطعنا أن نضع مجموعة من المعايير الجيدة والهدف الواضح للوزارة، ستختلف فقط آليات كل وزير لكنه في النهاية سيعمل علي تحقيق هدف الوزارة، وفي اعتقادي أن مشكلة الوزارة هي مشكلة النخبة التي تمثل متن الموضوع، والشعب الذي يمثل الهامش، ولهذا يجب أن تعاد الهيكلة بشكل كامل حتي تعود الأمور إلي نصابها، يجب أن يكون هدف الوزارة استعادة الهوية من جديد والقيام بدورها المفروض. تطوير المراكز الثقافية وقصور الثقافة المنتشرة في مصر أما الكاتبة سهي زكي فتري أن دور وزارة الثقافة أكبر بكثير من مجرد رعاية المثقفين، وعمل مؤتمرات أدبية ومنح جوائز، أو أي نشاط من النشاطات التي كانت تمارس من قبل، بل إن دور وزارة الثقافة في المرحلة المقبلة لابد أن يكون بقوة الفعل الثوري الذي طرأ علي مصر، وأن تتبني مهمة تثقيف كبري، ويكون هدفها صنع وعي وفكر متنور ينهض بعقول الناس ليفهموا واقعهم ويواكب التطور الهائل الذي تموج بها ثقافات الشعوب الأخري، وأن تبذل مجهودا لتحويل تلك النظرة القديمة عن "المثقف" المنعزل، وتذيب الفوارق بينه وبين المواطنين. أطالب وزير الثقافة الجديد بأن يهتم بتفعيل الدور التنويري للمثقفين جميعهم بكل توجهاتهم وأن يدعم كل من يحاول أن يقوم بهذا الدور من المثقفين، فالمرحلة القادمة تحتاج من الوزير أن يبذل مجهودا خرافيا لنشر وعي متحضر يليق بمكانة مصر التي سبقت كل العالم في العلم والثقافة، لابد أن نخرج من إطار النخبوية الذي انحدر بنا إلي هوة سحيقة الله أعلم هل سنخرج منها سالمين، أم ستتحول وزارة الثقافة لبيع الكتيبات الدينية، وأن تصبح منح التفرغ للجميع وليست لاسماء بعينها كالعادة. وتتساءل الروائية فدوي حسن هل آن الأوان لتستعيد الثقافة المصرية ذاكرتها، وتكتب من جديد جدوي تاريخ نجم مدلل أعطته الثورة حق التوهج بمفاجأة أن يتحول الفكر إلي ماكينة إنتاج؟ وهذا يستتبع سؤالا آخر، هل من الممكن أن يكون عماد أبو غازي أبا روحيا لهيئاتنا الثقافية! وما الدور المطلوب القيام به أمام ربع قرن من الفساد الثقافي الذي أنتج في النهاية شعوب تهلل لثقافة الاحتفالات والمهرجانات؟ ولماذ لم يتقدم أبو غازي حتي الآن ببلاغ للنائب العام عن حجم التجاوزات في وزارة الثقافة. وأعتقد أنه لا حاجة لمعالي الوزير أن يتريث ليفهم ويلم ويتقصي حقائق ليكشف فسادًا هو نفسه ضلع مهم في تراكماته، لذا وجب علينا أن نبدأ بحزام العفة للوزارة وهو المجلس الأعلي للثقافة، الذي يذكرني بطائر فتش السماء طولا وعرضا والأرض حارات وميادين وعاد في النهاية بدون من غامر من أجله، فماذا أضافت نشاطات وبرامج المجلس لحياتنا الثقافية؟ فلجنة الشعر ما زالت تقيم قصيدة النثر التي اعترف بها العالم كله علي أنها هوجة شعرية ذلك لأن القائم علي رأس اللجنة (حجازي) مُصر ألا يتركها إلا بالموت. أما عن عذراء المجلس وهي لجنة التفرغ فحتي الآن لا أفهم معني تفرغ لصداه لدي أن التفرغ جزء من آليات المجتمعات الاشتراكية، أما إذا اقررنا ضمنيا بضرورة وجود منحة تفرغ فهي لا تعطي إلا لأشخاص بعينهم عن طريق شبكة من العلاقات والمجاملات، وكما في لجنة الشعر والتفرغ نجد أيضا المؤتمرات والمهرحانات والتي ما هي الا نوع من " الشو الإعلامي" لمجرد تربح القيادات كل عام بنفس أسماء المدعوين ونفس الأفكار الكلاسيكية المملة. تفعيل دور الملحقات الثقافية في سفارات مصر بالخارج ويبدأ الشاعر أحمد كامل أمنياته بأن يتم تسليم إدارة قصور الثقافة لشباب ومحاولة إحياء الكتب الصادرة عن قصور الثقافة بحيث لا تكون مطبوعات قصور الثقافة للعاملين بها، ولأصدقائهم وتفعيل مشروعات القراءة ومكتبات الأسرة بشكل جدي وليس لوضع صورة السيدة الأولي علي أغلفتها بمعني طباعة الكتب التي تهمنا أكثر والتي لا تتوافر إلا في المكتبات الخاصة بأسعار مرتفعة بينما تقوم مكتبة الأسرة بطبع الكثير من الأعمال دون المستوي فقط لوضع رقم في نهاية كل عام بأنها قامت بطبع ألفين أو 3 آلاف كتاب في حين أن معظمهم لا يقبل عليه أحد والاهتمام بعمل ندوات لوجوه شابة وليس فقط لأسماء معروفة أو المزج بين الاثنين في ندوات مشتركة. إضافة إلي تفعيل دور الملحقات الثقافية في سفارات مصر بالخارج حيث إنها ليس لها أي دور حاليا وتفعيل دورها من خلال أداء خدمات لأبناء مصر في الخارج وإيضاح خط سير الثقافة في مصر للأجانب، والعمل علي محاولة إقامة تعاون مشترك بين وزارة الثقافة ووزارة التربية والتعليم بحيث يكون هناك مشرفون من وزارة الثقافة أو أخذ رأي أدباء فيما يدرس من نصوص أدبية أو تعميم دراسة مواد تختص بالتذوق الأدبي والفني تحت رؤية متخصصين شباب. والتفكير في تبني مشروع لنشر كتب للمراهقين والأطفال الموهوبين وليكن النشر في محيطهم فقط وبأعداد بسيطة واتمني توزيع جوائز الشباب وجوائز الدولة بشكل أكثر احتراما وعدم الاعتماد علي الشيوخ القدماء الذين يجمدون العالم عند مدي عيونهم التي لا تتجاوز أحذيتهم بمعني الاعتماد علي أسماء محترمة، متعددة الهويات الثقافية ومتميزة بالنزاهة في لجان التحكيم لتلك المسابقات، ولا تكون كلمة الفصل فيها بيد فرد واحد بال.