منذ أن اقترح وزير الثقافة في نوفمبر من العام الماضي فكرة عقد مؤتمر عام يجمع كل المثقفين والمشتغلين بالعمل الثقافي للمشاركة في وضع استراتيجية لمستقبل الثقافة خلال العشرين عاما القادمة.. صار المؤتمر حديث الشارع الثقافي المصري وانقسموا ما بين مؤيدين ومعارضين رغم دعوة الجميع للمشاركة وإبداء الرأي بكل حرية. أقامت وزارة الثقافة أوائل شهر نوفمبر 2009 مؤتمرا عاما للثقافة والمثقفين، يهدف إلي بحث الوضع الثقافي الحالي وكل ما هو متصل بالشأن الثقافي وإمكانيات تطويره والارتقاء به ليتناسب مع المرحلة المقبلة، ووضع رؤي وتصورات جديدة تؤدي إلي تحقيق ما تطمح إليه النخبة المصرية من المثقفين والأدباء والكتاب واستغلال الإنجازات والبني التحتية التي شيدتها وزارة الثقافة علي مدار الأعوام الماضية في جميع المجالات وشملت كافة ربوع مصر. وقرر فاروق حسني أن يكون الدكتور جابر عصفور مقررا لهذا المؤتمر، مشيرا إلي أنه سيتم خلال فعاليات المؤتمر بحث ومناقشة كافة المثقفين والكتاب والأدباء المصريين حول أفكارهم ورؤيتهم لتطوير العمل الثقافي عبر وزارة الثقافة وقطاعاتها المختلفة التي تعني بتطوير ودفع العمل الثقافي والأدبي والفكري إضافة لصيانة والحفاظ علي التراث الحضاري والإنساني الأثري. وأكد د. جابر عصفور أن الوزير فاروق حسني ينظر إلي هذا المؤتمر باهتمام بالغ كونه يتضمن بحث موضوع جاد وفي غاية الأهمية، ويعد مطلبا لكافة المثقفين المهتمين بمستقبل الثقافة المصرية وسط التحديات الدولية التي تواجهها الثقافة والهوية بشكل عام. ثم أضاف أن المؤتمر سيتضمن أوراقاً بحثية للعديد من المثقفين المصريين الراغبين في طرح أفكارهم لتطوير العمل الثقافي ووضع السياسات المستقبلية، واضعين في الاعتبار كافة الإمكانات والبني التحتية التي أرست دعائمها وزارة الثقافة خلال المرحلة السابقة واستغلال هذه الإمكانات من خلال تصورات طموحة ونظرة جديدة للوضع الثقافي في مصر علي كافة الأصعدة. - خطوات التنفيذ بدأت خطوات التنفيذ باختيار لجنة عليا ضمت كلاً من الدكتور عماد أبو غازي الأمين العام للمجلس ومقرر اللجنة، والدكتور جابر عصفور، والمفكر السيد ياسين، والدكتور فوزي فهمي، والدكتورة ليلا تكلا، والدكتور مصطفي الفقي، ومحمود صبري الشبراوي، والدكتور اسماعيل سراج الدين، وصلاح عيسي، ومحمد سلماوي، وأحمد عبد المعطي حجازي، وحسام نصار، وسامح مهران. وتشكلت اللجنة للتحضير ومناقشة المرحلة التنفيذية لعقد مؤتمر المثقفين، وقد عقدت هذه اللجنة عدة اجتماعات كان آخرها الاجتماع الذي عقد يوم 31 مايو بالمجلس الأعلي للثقافة بحضور فاروق حسني وزير الثقافة وعدد كبير من أعضاء لجان المجلس الأعلي للثقافة بالإضافة إلي بعض الشخصيات الثقافية التي تمثل الرأي العام الثقافي بكافة اتجاهاته وأطيافه وذلك لمناقشة ما انتهت إليه اللجنة العليا للمؤتمر بالفعل من تصورات كاملة للمؤتمر، والذي يهدف إلي رصد الواقع الثقافي المصري وكيفية تطويره، ووضع خطة استراتيجية للمرحلة المقبلة عن علاقة الثقافة بالمجتمع وكيفية تطوير هذه العلاقة، والبرامج المطروحة والأهداف المرجوة من المؤتمر، وكيفية تفعيل كل هذه الأفكار. كما تم عرض تقرير عن أعمال اللجنة التحضيرية والتي وجهت الدعوة للعديد من الجهات المهتمة بالحركة الثقافية. ويتم فتح باب الاشتراك في أعمال المؤتمر لمن يرغب من المشتغلين بالعمل الثقافي علي أن يسجلوا أسماءهم قبل انعقاد المؤتمر بشهر علي الأقل. ويتم تحديد المشاركين قبل المؤتمر بوقت كاف ، وتوزع عليهم أوراق المؤتمر وبطاقة الاشتراك. واقترح المشاركون أن يعقد المؤتمر في نهاية هذا العام بعد مراجعة برامج الأنشطة الثقافية الرئيسية. - الوزير والمثقفون والوصية أثناء مناقشة التصور المقدم من اللجنة العليا دارت حوارات استمرت لأكثر من ثلاث ساعات بين كبار مثقفي مصر وطرح البعض إضافة بعض النقاط، والبعض الآخر رفض بعض النقاط لكن الأغلبية العظمي تحدثت عن حال الثقافة الآن والمخاطر التي تهاجمها من وسائل الإعلام والفضائيات وبعض الزوايا المنتشرة بدون رقابة في القري مما جعل وزير الثقافة يوجه سؤالا وهو مبتسم للدكتور أحمد عمر هاشم الذي حضر المؤتمر: دائما ما ترفع ضد المثقفين والمبدعين قضايا، لماذا لا ترفع قضايا ضد من يتحدثون من فوق منابر الزوايا بشكل يسيء لديننا العظيم؟. فأجاب علي الفور د. هاشم: رجال الدين العقلاء يقفون أمامهم ونحن بصدد إصدار قانون يحاكم كل من يعتلي منبراً من منابر وزارة الأوقاف دون أن يأخذ الموافقة علي ذلك. أما د. جابر فاقترح تغيير الاسم من «مؤتمر المثقفين» إلي «مؤتمر ثقافة التقدم». كما أضاف قائلا إن المناقشات أفضت إلي أنه لابد من التغيير الجذري للوضع الثقافي في مصر والمنطقة العربية وأنا أعتقد أن هذا ليس مسئولية وزارة الثقافة وحدها ولكن مسئولية عدة وزارات، علي رأسها التربية والتعليم والتعليم العالي والإعلام والأوقاف والشباب.. أما المهندس أسامة الشيخ رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون تحدث قائلا: التليفزيون المصري سيشارك بالفعل في هذه النظرة المستقبلية لثقافة في مصر، ولذلك نحن بصدد تحويل القناة الثقافية إلي قناة تسمي «إبداع» بمشاركة كل جهود القوي الثقافية في مصر وتكون معبرة عن الشارع الثقافي المصري بشكل لائق. أما حسام نصار عضو اللجنة العليا للمؤتمر فتحدث عن إنشاء موقع إلكتروني للمؤتمر للتعامل والمشاركة وبث الأخبار الدائمة عن المؤتمر ولمشاركة الشباب والمصريين خارج البلاد.. ثم أضاف قائلا: المشكلة أن وزارة الثقافة لديها معروض كثير من المنتج الثقافي ما بين متاحف قومية ومتاحف أثرية ومراكز ثقافية وأماكن أثرية في كل جزء من أجزاء مصر، ومكتبات عامة، أي أن مصر مملوءة بالمنتج الثقافي وبالبشر المبدعين والمفكرين الذين يدهشون العالم.. وهذا يتأكد لنا من زيارة أي فنان أو مبدع أو مثقف مصري لأي بلد آخر.. لكن المشكلة تكمن في أن هناك منتجاً لكن المتلقي ضعيف وهذه ليست مشكلة الثقافة بل يجب أن يشارك في حلها وزارات التعليم والشباب والإعلام. في نهاية المؤتمر علق وزير الثقافة قائلا: أنا خلصت مدتي وطالما انتهت يجب أن أضع خطة واضحة ومحددة للوزير القادم. وفي هذه الجلسة الطويلة سمعت كماً هائلاً من الأحاديث لم نصل خلالها إلي شيء محدد وما طرحته من آراء يصلح لمؤتمر لإصلاح مجتمع وليس مؤتمراً للثقافة. لابد أن نحدد أنفسنا لتخرج من المؤتمر أهداف محددة لكي نستطيع تطبيقها. هذا ما حدث في آخر اجتماع للجان المؤتمر ومازالت الاجتماعات مستمرة حتي الميعاد المقرر لانعقاده كما تم الاتفاق علي أن الدعوة عامة لكل من يريد الاشتراك من أجل مستقبل الثقافة في مصر لعشرين عاما قادمة.