هل يصلح مؤتمر واحد ما تم إفساده خلال إربعين عاما أو أكثر؟ ربما كان هذا هو السؤال الأهم الذي ينبغي طرحه بعد اجتماع المجلس الأعلي للثقافة الأسبوع الماضي لمناقشة الخطة التي أعدتها اللجنة المصغرة لمؤتمر المثقفين المزمع عقده خلال شهر نوفمبر أو ديسمبر القادمين ( حسبما يتقرر في الاجتماع القادم. لنكن ، ولو مؤقتا، من هؤلاء الذين يمدحون " إشعال " شمعة واحدة بدلا من لعن الظلام. وليتحول السؤال من " الجدوي " إلي " الهدف" . الوزير فاروق حسني فسر عابرا هدفه من المؤتمر: " مهمتي انتهت ..وأتمني أن يضع المثقفون خطة عمل للوزارة ينفذها الوزير القادم" .. إجابته كشفت رغبته في التقاعد أو أن ثمة تغيير وزاري قادم سيكون هو أول المغادرين مقعده ، ولكن هل سيقبل الوزير القادم بخطة عمل وضعها وزير سابق. ربما لا، وبالتالي لن يكون ثمة جدوي من المؤتمر في هذه الحالة. المدهش ان مناقشات المثقفين الذي حضروا المؤتمر تعود دائما إلي نقطة " الصفر"..صحيح من المناقشات أو ما سماه الدكتور جاب الله علي جاب الله " عصف العقول" تولد أفكارا جديدة ورؤي مختلفة ولكن ألم يشهد الاجتماع السابق المناقشات ذاتها ، وربما يشهد الاجتماع القادم أيضا نفس المناقشات. المدهش أن الاجتماع حضره وزراء، وسفراء ، ومسئولين ثقافين، وكان كل الكلام منصبا علي " الأزمة" الثقافية.. التي تعيشها مصر، ورغم أنهم يوما ما كانوا مسئولين بإمكانهم التغيير..ولكن التغيير لم يحدث ..فمن إذن المسئول؟ ملاحظة أدركها بهاء طاهر: " التهميش الذي يتعرض له المثقفون لم يحدث من قبل لم يحدث في اي فترة من تاريخ مصر، فلم يسمح للمثقفين مجتمعين أن يمارسوا دور شخص واحد هو طه حسين" . بهاء لاحظ أن المشاركين في المؤتمر هما أنفسهم "الخصم والحكم". الدكتور مصطفي الفقي رأي أننا نعيش في أجواء لا تتيح نجاح أي مشروع. ورأي ان المؤتمر ينبغي أن يفك الاشتباك بين الدين والسياسة، والثروة والسلطة الذي أدي الفساد الذي نعيشه. صابر عرب تساءل : هل يمكن أن يكون هناك إصلاح ثقافي في مجتمع يحتاج إصلاحا شاملا؟.صلاح فضل يري أن هناك احساس بتراجع الدور الثقافي المصري عربيا، ولابد من بحث آليات دعم الدور المصري عربيا. الدكتور علي رضوان قدم روشته لانقاذ مصر من سبع كلمات :" علي الشباب المصري أن يعرف تاريخ بلاده".محمد نور فرحات تخوف من أن يتحول المؤتمر إلي مجرد رقم يضاف إلي عشرات المؤتمرات السياسية ولا ينتج عنها إلا كم هائل من الثرثرة، جمال الغيطاني تساءل هل سيكون للمثقفين وجهه نظر في القضايا الكبري التي تتعلق بمستقبل مصر؟ أحمد عبد المعطي حجازي يري ان المثقفين يعملون في مناخ سلبي ، حلمي النمنم رأي أنه لا أمل في اصلاح ثقافي إلا بتكامل عمل الوزارات لأن هناك مؤسسات في الدولة ترعي المتطرفين، وتغذي ما يعتقده رجل الشارع من أن ثقافة النخبة هي ثقافة الكفار، فوزارة التعليم تحرم تدريس الأيام لطه حسين، ومجلس الدولة يرفض تولي المرأة قاضية، وخطيب أي زاوية يستطيع أن ينسف جهود المجلس الأعلي للثقافة، وطالبت ليلي تكلا بربط المؤتمر بمشاكل مصر. جابر عصفور أكد أن الهدف من المؤتمر تغيير الوضع الثقافي المتردي، لصالح التقدم، وهو ما يعني بالضرورة الدولة المدنية، وطالب أن يكون عنوان المؤتمر " ثقافة التقدم" ولا يمكن أن يحدث ذلك التقدم إلا بالتغيير الجذري. محسن شعلان رأي أن الوضع الحالي يشبه مجموعة من الجراحين العظام مقبلين علي جراحة عظيمة، لكن الأدوات غير معقمة، وغرفة العمليات ملوثة. علي الدين هلال طالب أن يتبني المؤتمر " إصلاحا ثقافيا" لأن لا وجود للديمقراطية بدون هذا الاصلاح! الوزير بدا غاضبا من بعض الملاحظات.. ردوده جاءت لتأكيد أن مصر لم تفقد دورها الثقافي العربي .. وعدد المتاحف والمعارض التي انشاتها الوزارة ..وهو ما جعل البعض يسأل عن عدد المصريين الذين يزورون هذه المتاحف والمعارض. لم يتفق المشاركون علي الحد الأدني من المطالب..حتي سؤالا هاما عن نشر التراث اتفق عليه الجميع خرج صلاح عيسي ليوكد أنه يجب تنقية التراث لأن يضم الصالح والطالح..ولم يحدد صاحب " مثقفون وعسكر" من الذي بامكانه أن يحدد أن هذا التراث صالحا وهذا طالحا! اعترافات صادمة مسئولين، لا وجود لديمقراطية، فساد ، غياب مصر ثقافيا في العالم العربي .. رغبة في تغيير جذري ...اعترافات تطرح سؤالا: إذا كان الكل يشكو ويعرف الداء فمن المسئول إذن؟ ربما عندما نعرف الإجابة سيصبح لمؤتمر المثقفين أهمية كبيرة، لأنه في هذا الحالة لن يكون مؤتمر لإبراء الذمة بعد أن انتهت المهمة!