فى حواره مع «روزاليوسف» وصف السفير بدر عبدالعاطى المتحدث باسم وزارة الخارجية الوضع فى ليبيا بالمتأزم، وقال أنه حسب تطورات الموقف على الارض سيتم التعامل مع كافة السيناريوهات، مشيراً إلى أن مصر ستعمل كل ما فى وسعها للحفاظ على وحدة التراب الليبى ورفض أى إجراءات من شأنها تقسيم ليبيا وإقناع الفرقاء بترجيح العقل. وأوضح أنه قد جرى اتصال هام بين وزير الخارجية نبيل فهمى وبان كى مون الامين العام للأمم المتحدة حيث تركز على الوضع فى ليبيا وتطوراته وكيفية الخروج من هذا المأزق، كما أن فهمى على اتصال دائم بنظيره الليبى ووزراء خارجية الجزائر وتونس والسعودية والإمارات لبحث كيفية التعامل مع الوضع الراهن فى ظل التدهور الأمنى والسياسى وذلك قبل الاجتماع التشاورى بالجامعة العربية على مستوى المندوبين الدائمين. وأضاف أن هناك إجراءات واتصالات تمهيدية لبدء وإتمام الاجتماع الإقليمى الذى دعت له مصر لضبط الحدود فى ظل تدفق الأسلحة والإرهابيين من ليبيا إلى دول الجوار، لافتا إلى ان الجانب الليبى بصدد إرسال وفد أمنى رفيع المستوى. وبالنسبة للجالية المصرية الكبيرة فى ليبيا التى تتجاوز المليون مواطن أوضح ان هناك تحركات لتوفير اقصى درجات الحماية والتأمين لهم، الى جانب التحذير لكافة المواطنين المصريين بعدم السفرالى ليبيا مطلقا وبأى وسيلة فى ظل الظروف الصعبة التى تمر بها. وبالنسبة للممصريين المقيمين فى ليبيا قال عبد العاطى: حذرنا ونواصل التحذير من التواجد فى أماكن الاشتباك وضرورة الابتعاد الكامل عن المناطق الساخنة وأن ننأى بأنفسنا عن هذه الاوضاع باعتبارها شأنا ليبيا خالصا. وبالنسبة للموقف فى سوريا جدد عبد العاطى تمسك مصر بالحل السياسى ووحدة سوريا لافتا الى الدعوة المفتوحة من مصر لكافة قوى المعارضة السورية للتوحد. وأكد ان وزارة الخارجية المصرية تنتظر الرئيس الجديد لمواجهة الحرائق التى تشتعل من حولنا يوميا فى قضايا تمس الامن القومى المصرى ولابد من التدخل السريع ونحن نتحدث عن دولة مؤسسات لافتا الى ان الدفاع عن الدولة فى الشهور الماضية تم باقتدار وعلى اعلى مستوى والعالم كله الان يأتى خلفنا والكل يسلم بإرادة الشعب المصرى وخارطة الطريق ومن لا يرى الجهد المبذول فلديه مشكلة فى الرؤية فالعالم كله الان ينتظر معرفة موقف مصر فى كافة القضايا الإقليمية والعالمية، مشيرا إلى أن جون كيرى وزير خارجية الولاياتالمتحدة استطلع رأى نبيل فهمى فيما يتعلق بالقضية الأوكرانية وأكد أن عهد الإملاءات التى تفرض على مصر قد انتهى بغير رجعة والعالم بأكمله يدرك تماماً استقلال القرار المصرى. وحول تعليق مصر على التصريحات الإيجابية من قبل الخارجية الإثيوبية حول ازمة سد النهضة اكد المتحدث الرسمى ان موقف مصر واضح لا لبس فيه وهو استعدادنا للتفاوض الجاد فورا وحل الأزمة بكافة سبل الحوار والسلمية.. وقلنا اكثر من مرة ان مصر لا تعارض حق دول المنبع فى التنمية دون الأضرار بمصالحنا رافضا التعقيب على تصريحات مرشحى الرئاسة فى هذا الشأن مؤكدا ان وزارة الخارجية مؤسسة وطنية. ونفى عبدالعاطى ما تردد من تصريحات على لسان المعارض السورى معاذ الخطيب عن وجود نية لتأسيس تحالف مصرى تركى قطرى سعودى. ■ كيف تقيمون مستقبل العلاقات بين مصر والولاياتالمتحدةالامريكية، بعد تعيينهم سفيراً جديدا لهم فى مصر وما تأثير الزيارة على العلاقات بين البلدين؟ - تعد الزيارة التى قام بها وزير الخارجية نبيل فهمى للولايات المتحدة فى الفترة من 23 ابريل الى اول مايو فى غاية الأهمية من حيث التوقيت، حيث وضعت اسسا هامة لمستقبل العلاقات المصرية الامريكية الذى أصبح يستند الى الاحترام المتبادل والبناء على نقاط الاتفاق وحسن إدارة نقاط التباين، فالعلاقات المصرية الأمريكية قائمة على أساس تحقيق المصلحة للطرفين وفقا لأولويات كل دولة وتطلعات شعبها وهى بطبيعة الحال علاقات مهمة للجانبين نظراً لثقل مصر الإقليمى والوزن الدولى للولايات المتحدة، بطبيعة الحال، هناك قدر من التباين من آن لآخر فيما يتعلق ببعض القضايا، ولكن نقاط الاتفاق ستظل أكثر أهمية للجانبين دون شك فهناك حقيقة ثابتة وهى أنه ومهما كانت هذه الاختلافات، فإن كلا الطرفين يشتركان فى مجموعة كبيرة من المصالح الإستراتيجية التى تتمثل فى قضايا السلام فى الشرق الأوسط، الاستقرار الإقليمي، عدم الانتشار النووي، مكافحة الإرهاب، هذه التحديات الإستراتيجية وغيرها تواجه مصالح كل من البلدين، ولا يمكن لأى من الطرفين أن ينجح فى مواجهتها منفردا. ولنعود إلى النتائج الإيجابية التى حققتها الزيارة الأخيرة لوزير الخارجية إلى واشنطن، والتى يتعين أخذها فى الاعتبار عند محاولة تقييم العلاقات المصرية الأمريكية فى المرحلة المقبلة خاصة عقب الانتخابات الرئاسية، وبالتالى قرب انتهاء المرحلة الانتقالية الثانية. فتتمثل أول هذه النتائج فى إعلان الولاياتالمتحدة لأول مرة عن دعمها لجهود مصر فى حربها ضد الإرهاب فى كل أنحاء مصر من خلال تقديم دعم ملموس دون أن تكتفى بإدانة الحوادث الإرهابية فى سيناء فقط مثلما درجت عليه العادة، وقد جاء الإعلان الأمريكى بأكثر من صورة، جاء أولها من خلال التصريحات الواضحة التى أدلى بها عدد من المسئولين الأمريكيين خلال الزيارة والتى أشاروا فيها إلى أن ملف مكافحة الإرهاب ودعم جهود مصر فى هذا المجال كانت من أهم الموضوعات التى ناقشها الجانبان خلال اللقاءات الرسمية التى تخللت الزيارة. كذلك فقد صدر تقرير الخارجية الأمريكية حول مكافحة الإرهاب عن العام 2013، وذلك يوم 30 أبريل 2014 بالتزامن مع الزيارة والذى سلم بأن مصر تخوض حربا ضد الإرهاب ليس فقط فى سيناء وإنما فى أرجاء مصر كلها. وقد أشاد التقرير إلى التنسيق الدقيق بين الأجهزة المصرية الأمنية المعنية بما فيها قطاع الأمن الوطنى وجهاز المخابرات العامة والقوات المسلحة المصرية بما نتج عنه انخفاض فى عدد الحوادث الإرهابية مع نهاية عام 2013، وأن الحكومة المصرية قامت فى عام 2013 بحملة موسعة للقضاء على البؤر الإرهابية ومنع الجماعات المتطرفة من التخطيط والتحضير للهجمات الإرهابية، وأنها نجحت فى الحد من عمليات تهريب السلاح التى تتم عن طريق الأنفاق غير الشرعية فى سيناء. كما أشار التقرير إلى إدانة الولاياتالمتحدة الشديدة والكاملة للإرهاب وأنها تدعم مصر فى حربها ضده من خلال الدعم الفنى وفى مجال التدريب وتوفير المعدات والتجهيزات. ■ بم تصف دور مصر إزاء القضية الفلسطينية؟ - الموقف المصرى واضح فى عملية السلام خاصة فى عملية المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية، فنحن ندعم حق الشعب الفلسطينى فى إقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدسالشرقية على حدود 4 يونيه 1967، وعلى الجانب الاسرائيلى ان يتوقف عن أعمال الاستيطان وسياسة تهويد القدسالشرقيه والأماكن المقدسة لان هذا يضعه فى عراقيل طويله ويفشل مفاوضات السلام. وتدعم مصر كذلك جهود جون كيرى وزير الخارجية الأمريكى لاستئناف المفاوضات فلابد ان يتحمل كل طرف مسئولياته، وتجدر الإشارة، إلى أن وزير الخارجية نبيل فهمى إلتقى مؤخراً بفدوى البرغوثى زوجة مروان البرغوثى احد قيادات حركة فتح المعتقل لدى السلطات الاسرائيلية ومصر تطالب وبشكل واضح بضرورة اطلاق سراح كل المعتقليين الفلسطينيين، كما ان مصر ترفض جميع أشكال الاعتقال الادارى وتدعم الحملة الدولية لاطلاق سراح مروان البروغوثى. ■ مع استمرار حكم بشار الاسد وفشل مؤتمر جنيف 2، ما موقف مصر من الأزمة فى سوريا؟ - مصر تقف بكل حزم أمام استمرار قتل المدنيين السوريين من العزل والاطفال والشيوخ والنساء، فنحن نقف مع تطلعات الشعب السورى لاقامة نظامه الديمقراطى الحقيقى التعددي، ومصر ترفض أيضاً اى محاولات لتقسيم الدولة السورية على أسس عرقية او مذهبية او طائفية وعلى المجتمع الدولى ان يتحمل مسئولياته ويعيد التحرك النشط لاحياء المسار السياسى مرة اخرى لانه لا يوجد حل عسكرى للوضع فى سوريا. ولقد شاركت مصر فى مؤتمر أصدقاء سوريا الذى انعقد مؤخراً بالعاصمة البريطانية لندن فى ضوء استمرار أعداد الضحايا وزيادة تدفق أعداد اللاجئين السوريين فى الدول المجاورة والأوضاع الإنسانية شديدة السوء التى يعانيها الإخوة السوريون. فمصر منشغلة بالتدهور المستمر للوضع الإنسانى فى سوريا، ونعيد التأكيد أنه لا يوجد حل عسكرى للأزمة السورية، وضرورة التوصل إلى حل سياسى على أساس إعلان جنيف. ■ بعد انفصال جنوب السودان عن شماله.. ما طبيعة العلاقات معه؟ - ترتبط مصر بعلاقات طيبة مع دولة جنوب السودان، حيث رحبنا مؤخراً بالاتفاق الذى تم التوصل إليه لوقف اطلاق النار والذى تم التوقيع عليه بين رئيس حكومة جنوب السودان « سلفا كير « ونائبه السابق «رياك مشار» مما يسهم فى حقن دماء الأشقاء من أبناء شعب جنوب السودان الشقيق، وأن يُدشن لمرحلة توافقية جديدة تجنى فيها جنوب السودان ثمار السلام والاستقرار المنشود منذ تحقيق الاستقلال. وناشدت مصر جميع الأطراف الإقليمية والدولية مساعدة الأطراف الجنوب سودانية على تنفيذ تعهداتها وفقاً لاتفاقية وقف إطلاق النار، وتوفير المناخ الداعم لاستعادة الاستقرار واستئناف جهود بناء مؤسسات الدولة فى أسرع وقت ممكن، ومصر ملتزمة بدعم تطلعات شعب جنوب السودان واحتياجاته الإنسانية والتنموية، حيث ستشارك مصر فى المؤتمر الدولى للمانحين لجنوب السودان المُقرر عقده فى العاصمة النرويجية أوسلو يوم 20 مايو الجاري، حيث سيتم الإعلان عن مساعدات وبرامج تنموية جديدة مقدمة من مصر لدولة جنوب السودان. ■ يوجد حراك مصرى على المستوى الإفريقى.. فهل حدث تغير فى علاقات مصر بدول إفريقيا؟ - منذ قيام ثورة الثلاثين من يونيو ومصر تسعى إلى استعادة دورها داخل القارة الإفريقية استناداً إلى مبدأ تحقيق المكاسب للجميع دون الإضرار بمصالح أى طرف، فضلاً عن الاستفادة من الميراث التاريخى والحضارى لمصر وبناء علاقات مستقلة تقوم على المصالح المشتركة من خلال زيادة وتوسيع الاستثمارات المصرية داخل القارة فى مختلف المجالات لاسيما الاتصالات والطاقة والمقاولات وتعزيز دور القطاع الخاص بما يخلق مصالح طويلة الأجل، فضلاً عن زيادة معدلات التبادل التجارى. حيث قام نبيل فهمى وزير الخارجية بعدة بزيارات شملت دولاً فاعلة ومؤثرة على الساحة الإفريقية من بينها: نيجيريا والسنغال وتنزانيا والجزائر وأوغندا والسودان وجنوب السودان وغينيا والكونغو الديمقراطية، فضلاً عن زيارة السيد رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية إلى غينيا الاستوائية،وجولة السيد رئيس الوزراء قبل ذلك فى كل من تنزانيا والتشاد. كما شاركت مصر فى كافة المحافل الإفريقية خلال الفترة الماضية وهو ما بدا من حرص السيد رئيس الجمهورية على المشاركة فى أعمال القمة العربية الإفريقية، ومشاركة الوزير فهمى فى قمة تجمع الكوميسا فى كينشاسا وقمة التنمية والأمن الإنسانى والاجتماع الوزارى والاجتماع الوزارى لتجمع دول الساحل والصحراء الذى انعقد فى الخرطوم، إضافة إلى المشاركة فى أعمال القمة الإفريقية الأوروبية التى انعقدت فى بروكسل، فضلاً عن حرصه على التشاور المستمر مع نظرائه الأفارقة فى كافة المحافل الإقليمية والدولية. لا يحتاج الأمر الكثير من المجهود لتبين مدى التغير الذى طرأ على مواقف الدول الإفريقية إزاء مصر خلال الشهور الأخيرة، بما فى ذلك الدول الرئيسية مثل جنوب إفريقيا ونيجيريا لاسيما فيما يتعلق بموقفهم وقرأتهم لمستجدات الأوضاع فى مصر وخطوات تنفيذ خارطة الطريق، ولعل هذا ما سوف يمهد لإعادة النظر خلال الفترة القادمة فى القرار الخاطئ والمتسرع لمجلس السلم والأمن الإفريقى بتعليق مشاركة مصر، كما يشارك وفد رفيع المستوى من الاتحاد الإفريقى فى متابعة الانتخابات الرئاسية المقررة نهاية الشهر الجارى بما سوف يمثل صراحة اعترافا كاملاً بخارطة الطريق المصرية وتأييداً إفريقياً للمستقبل الذى رسمته الدولة المصرية.