تكملة لمقالي السابق يوم الأحد الماضي بعنوان «النصب تحت ستار العلم» أحب أن أضيف وقائع محددة إلي النكتة التي تدعو للبكاء أكثر مما تدعو للضحك بخصوص البحث العلمي في مصر. الحقيقة التي لابد أن يعيها غير المتخصصين أنه علي الرغم من أن ميزانيات البحث العلمي هي نسبيا ضئيلة بالمقارنة بميزانيات المستشفيات إلا أن الفساد والنصب أكبر وأسهل. السبب أن المنتج النهائي في البحث العلمي غير واضح وغير محدد لا من حيث الجودة أو الزمن، بالإضافة إلي أن شراء الأجهزة العلمية للمختبرات علي سبيل المثال ليس لها مواصفات محددة ولا يعرف عنها الرأي العام غير المتخصص أي شيء يذكر، ويعتمد في معلوماتهم علي الإعلام الذي هو في أكثر الأحيان أجهل منهم بالشئون العلمية. أنا لا أتكلم هنا عن ما حدث في البداية في مشروع معهد الليزر في جامعة ما في مكان ما فقد تدارك المسئولون الأمر وكذلك لا أتكلم عن جامعة مفروض أنها كانت مصممة لتخدم كمثال يحتذي به للتميز العلمي في التدريس مثل جامعة النيل ولكن ماذا يعلم رجل حائز علي جائزة أو عشر جوائز ولو كانت جائزة نوبل أقول ماذا يعلم مثل هذا الرجل عن التدريس في مصر وإدارة جامعة في مصر. أغلب رجال البحث العلمي المتميزين هم أساتذة من الدرجة الثانية أو حتي الثالثة في التدريس. البحث العلمي يتطلب مواهب غير التدريس للطلبة، كذلك البحث العلمي النظري يختلف تمام الاختلاف عن البحث العلمي التجريبي، بالإضافة لذلك هناك اختلاف ضخم في البحث العلمي في العلوم الأساسية مثل الطبيعة النظرية مثلا والبحث العلمي في العلوم الهندسية مثل الطيران والأقمار الصناعية، وتقنية النانو التي أنادي بها منذ 15 عاما دون فائدة خارج الإعلام. لقد سمعت عن مبادرات عديدة لإنشاء البحث العلمي في مصر عن طريق صدقات من رجال الأعمال أو اكتتاب من الشعب أو هبات مشروطة أو غير مشروطة من «ماما» و«بابا» أمريكا وهذه أول مرة أعلم أن «الحدأة» تأتي بالكتاكيت. أعتقد أن كل هذا فات أو أنه بعد انتفاضة التحرير.. أعتقد أن التشدق بجائزة بابا نويل لم يعد الطعم الذي يريد أن يستخدمه أصحاب شركات التعمير لبناء المباني وشراء المعدات لتقاضي العمولات حسب فلسفة الوزير الأول أو وضع الميزانية بأكملها في الجيب حسب الفلسفة المتميزة للوزير الثاني. نعم يا سيدي شكسبير صدقت كم من الحقائق تقال في صورة الهزل خصوصا عندما تكون الحقيقة مهزلة عن حق وعندما يحول مجلس أعلي للبحث العلمي تعضيضه للبحث العلمي إلي جامعة خاصة لا يوجد بها بحث علمي أساسيا. الغريب أن كل هذه الحقائق معروفة منذ زمن طويل ولكن حتي هذه اللحظة وبعد ميدان التحرير لم يتحسن شيء بل الاعتقاد أن الأشياء لم توضع بعد علي طريق التحسن حيث رجعت ريمة لعادتها القديمة.