"الطالب الجامعي المصري لا يتثقف ولا يبني شخصيته ولا يتعلم شيئًا علي الرغم من أن مهمة الجامعة الأساسية هي تلك النقاط الثلاث". صرح بهذا الرأي الصادم الدكتور محمد أبو الغار الأستاذ بكلية الطب جامعة القاهرة، ومؤسس حركة "9 مارس" لاستقلال الجامعات، في الندوة التي عقدت في مركز "رامتان" الثقافي في متحف طه حسين عن مشكلات الجامعة والطلاب، وشارك فيها الدكتور عاصم الدسوقي أستاذ التاريخ الحديث بجامعة القاهرة، وقدمها الدكتور محمد نوار مدير المركز. أوضح أبو الغار أن من أهم أسباب هذه النتيجة المؤسفة التي وصل إليها التعليم والبحث العلمي في مصر، ضعف الميزانية المخصصة له، حيث كانت ميزانية التعليم العالي والأساسي منذ سبع سنوات 5.4% من الميزانية العامة، ثم انخفضت تدريجيا في ظرف ست سنوات إلي 4% ، إلي أن أصبحت 3.6% فقط من الميزانية، وهي ميزانية ضعيفة للغاية، ويكفي أن نعرف أنها لو أضيفت إلي ميزانية "الصحة" ثم ضربنا الناتج في ثلاثة أضعاف ستساوي ميزانية الداخلية وحدها. وتوقع ألا تزيد ميزانية التعليم والبحث العلمي بعد قيام الثورة، وإن كانت ستأخذ جزءا ضئيلا مما كان يخصص للداخلية. وأكد ضرورة "الديمقراطية" في الحياة الجامعية، بحيث يحدد مجلس القسم بأي كلية سياسة القسم بنفسه، ثم مجلس الكلية، وبعدها مجلس الجامعة والعمداء، ويجب أن يكون لكل مجلس وظيفة واختصاصات؛ حيث أدي القانون السابق إلي سلب كل مهام جميع المجالس في الكلية، وأصبح المجلس ينظم بشكل روتيني، وإن كان هناك شيء مهم فلا يكون قرارهم نهائيا، وقارن بين الوضع الحالي للجامعات وبين ما كان عليه قبل عام 1994 أي قبل تغيير القانون، حيث كان الموقف مختلفا؛ لأن العميد المنتخب كان له رأي وكلمة، لكن حاليا كل العمداء معينون من رؤساء الجامعات؛ ولذلك يكون العميد تابعًا للقانون الذي عينه. ولفت إلي أن إدارة الجامعة بهذه الطريقة التي تسحب الاختصاصات بالكامل عن المجلس ستؤدي بالضرورة إلي انهيار الجامعة، التي تعد جزءا من المجتمع، تعيش نفس مشكلاته، أضف إلي ذلك ضعف هيئة التدريس المتدني، فرواتب الأساتذة ضعيفة، ولا يستطيعون الحصول علي عمل إضافي، مما دفع الأستاذ للبحث عن جامعة خاصة، وقال: يتم الآن تشكيل لجنة لقانون الجامعات مكونة من الأساتذة المعروف عنهم النزاهة، لحل المشكلات العاجلة، ثم التفكير في تغيير قانون الجامعة، ومشاركة الأساتذة من كل الاتجاهات. أما عن اتحاد الطلاب والنشاط الجامعي، فأكد ضرورة عودة الاتحادات الطلابية الحقيقية، بعيدا عما كان يحدث من استبعاد للطلاب، والإبقاء علي عدد قليل من الطلبة الذين يختارهم الأمن ليكونوا جواسيس علي زملائهم، كما تحدث عن دور الأنشطة الجامعية و"الأسر الجامعية" و"مجلات الحائط" التي تم إلغاؤها. ومن جانبه أوضح الدكتور عاصم الدسوقي أن مشكلات الجامعة تتعلق بالبنية الثقافية وقال: قانون الجامعة غريب جدا ينص علي الواجب، ولا ينص علي الوضوح والصراحة!!. كما أن نظام التعليم نفسه لا يتطور بسبب الأساتذة، فأي نظام ينشأ تخلق معه طبقة مستفيدة، ولي تجربة في ذلك، فحينما أردت عمل لائحة دراسية جديدة في كلية الآداب اعترض كثير من الأساتذة القدامي، وأحدهم قال لي "هكذا تكلفنا بالمذاكرة من جديد"، علي الرغم من أنها فرصة للتجديد حتي لا نكرر الموضوعات، فجميع اللوائح في الكليات تأخذ مركزية، ولا يوجد تميز بين الجامعات والكليات والتخصصات المختلفة. وكذلك مشكلة مناهج التعليم التي لا تساعد علي الابتكار والإبداع ولا تتصل بالسوق؛ ولذلك لابد من الأخذ بنظام الساعات الممتدة، فهذا يعطي معلومات للطالب، كما سيتم تعيين من منحتهم الجامعة رسائل علمية، وأن يستمر العمل في المدرج حتي الليل، فالأساتذة يريدون جميعهم أن تكون محاضراتهم من الساعة الحادية عشرة صباحا للواحدة ظهرا فقط، وعندما يسافرون للخارج للعمل في جامعات أخري يقبلون بالمواعيد المتأخرة!!. ونوه الدسوقي إلي ضرورة عدم استغلال الجامعة في الدعوات الدينية، وكذلك تقديم الأساتذة لكتب معينة بهدف الربح، وبأسعار أعلي من سعرها الأساسي، والادعاء أن بها الجديد، رغم أن ما تغير بها هو الغلاف لا أكثر.