رغم قناعتي الشخصية بالمنطق الذي حكم لجنة د.طارق البشري في التعديلات الدستورية المقترحة والتي ستعرض خلال أيام للاستفتاء عليها، فأنا لدي اقتراح بتأجيل هذا الاستفتاء بعض الوقت. سبب هذا الاقتراح هو تراكم مجموعة من الآراء والتحفظات علي صياغة التعديلات الدستورية، بل الاعتراضات أيضا علي مبدأ التعديل ذاته والمطالبة باستبدال هذا التعديل بتغيير الدستور كله.. وأخشي في ظل هذه الاعتراضات والتحفظات المثارة حاليا والمتوقع أن تتزايد خلال الأيام القليلة المقبلة ألا يحظي هذا الاستفتاء علي التعديلات المقترحة بموافقة المشاركين فيه، وإن كنت لا أخشي أن يقاطعه المواطنون كما يحضهم علي ذلك قوي وأحزاب سياسية قائمة وطوائف من النخبة السياسية. وإذا حدث ولم تحظ التعديلات الدستورية بموافقة المواطنين - كما يوضح ذلك استطلاع للرأي سجلت نتائجه علي موقع مجلس الوزراء - سوف نجد أنفسنا مضطرين للبدء من جديد.. إما بإعادة صياغة مقترحات التعديلات الدستورية.. أو بإعادة النظر في فكرة التعديل الدستوري ذاته وتحويله إلي تغيير دستوري، أي إعداد دستور جديد. لذلك.. لماذا لا يتم تأجيل الاستفتاء أسبوعا أو حتي أسبوعين حتي يتم إتاحة الفرصة لسماع كل الآراء والمقترحات حول هذه التعديلات الدستورية المقترحة، خاصة أن لدي رجال القضاء والقانون ملاحظات عديدة ومتنوعة عليها، تبدأ من شروط المرشح لرئاسة الجمهورية، خاصة الشرط الخاص بالجنسية ووالديه وتنتهي برفض منح المحكمة الدستورية حق الطعن في صحة العضوية لنواب مجلسي الشعب والشوري.. ومرورا بالخلاف المحتدم حول أولوية الانتخابات التي يتعين البدء بها، الرئاسية أم البرلمانية. نحن نتذكر أن ثلاثة من أعضاء المجلس الأعلي للقوات المسلحة قالوا: إنهم سوف يمنحون وقتا ربما أسبوعين للنقاش والحوار المجتمعي لمقترحات لجنة تعديل الدستور بعد أن تنتهي من عملها وتقدم مقترحاتها، وأن المجلس الأعلي للقوات المسلحة سوف يعيد النظر في هذه المقترحات وصياغاتها في ضوء هذا النقاش والحوار المجتمعي. ونحن نعرف أيضا أن هناك أعضاء من المجلس الأعلي للقوات المسلحة مكلفون بجمع ومتابعة كل الملاحظات التي أبديت حول هذه المقترحات.. فلماذا لا نمنح أنفسنا بعض الوقت للنظر في هذه الملاحظات والأخذ بما هو مفيد منها. تأجيل الاستفتاء هنا سوف يصبح ضرورة حتي يتم متابعة وفحص كل الملاحظات حول التعديلات الدستورية، وحتي يقر المجلس الأعلي المفيد من هذه الملاحظات ويتم إعادة صياغة المقترحات في ضوئها. هذا الأمر لن يمنح فقط للمواطنين رسالة بأن المجلس الأعلي للقوات المسلحة حريص علي تحقيق أهداف ثورة 25 يناير، وإنما سوف يؤكد أيضا أن القوات المسلحة كانت جادة بحديثها عن الحوار المجتمعي حول مقترحات تعديل الدستور، حتي تظل ثقة الشعب فيها قوية وتزداد هذه الثقة.