وداعا صلاح مرعي

بعد صراع طويل مع المرض، رحل مؤخرا الفنان صلاح مرعي أستاذ مادة تصميم المناظر وتاريخ العمارة في معهد السينما عن عمر يناهز السبعين عاما، قضي معظمها قدوة ومعلما لأجيال عديدة في مجالي السينما والفنون التشكيلية كمصمم مبدع في الديكور والأزياء والإضاءة والملصقات وأغلفة الكتب.
ينتمي مرعي إلي مدرسة الفنان والمخرج الراحل شادي عبد السلام صاحب فيلم "المومياء"، وقد تم تكريمه في المهرجان القومي السابع للسينما المصرية عام 2001، شغل أيضًا منصب نائب رئيس مهرجان الإسماعيلية للأفلام التسجيلية إلي جوار عضويته في اللجنة العليا لسيمبوزيوم أسوان الدولي لفن النحت, وبدأت مسيرته الفنية مع مطلع ستينيات القرن الماضي، قدم خلالها للشاشة الفضية ما يقرب من الثلاثين فيلما، حصدت أعماله السينمائية خلالها عشرات الجوائز وشهادات التقدير، وكان آخرها جائزة أفضل ديكور لعام 2008 .
مرعي من مواليد مدينة المحلة الكبري انتقل بعدها إلي القاهرة، وكانت بدايته الفنية بتعلقه بمجال العمارة وكان حلمه أن يصبح مهندسا معماريا، حال دون ذلك عدم التحاقه بامتحان العمارة والذي كان النجاح فيه من شروط الالتحاق بقسم العمارة بكلية الفنون الجميلة، ليلتحق بأول دفعة للمعهد العالي للسينما بعد أن علم بوجود قسم خاص للديكور بداخله، نظرا للتقارب اللصيق بين دراسة العمارة ومجال الديكور، لتبدأ علاقته بالمجال السينمائي مبكرا خلال دراسته بالمعهد، من خلال مشاهدته لنوادي السينما بالقاهرة وأسابيع الأفلام التي كانت تقيمها المراكز الثقافية، ويبدأ العمل في السينما كمهندس ديكور عام1964من خلال فيلم "الحياة حلوة" للمخرج حلمي حليم وكان عمره وقتها 22 عاما.
بدأت علاقة مرعي بأستاذه الراحل شادي عبد السلام حيث كان يدرس له بالمعهد العالي للسينما، وكان عبدالسلام مشغولا بتصميمات فيلم "واإسلاماه" في استوديو النحاس المجاور للمعهد، وقد ذهب إليه مرعي منبهرا بتصميماته، لتبدأ علاقة الصداقة تتوطد بين التلميذ وأستاذه، ليعمل معه فيما بعد كمساعد في التصميم وليس في التنفيذ، تحولت بعدها الصداقة إلي زمالة خاصة بعد أن أصبح مخرجا، ليشاركه في تصميم ورسومات فيلم "أخناتون"، كما شارك في تنفيذ ديكور وإكسسوارات فيلم "المومياء".
ولعل المعرض الدائم "عالم شادي عبدالسلام" في مكتبة الإسكندرية شاهد علي جزء من تاريخ سطره مرعي إلي جوار أستاذه الرائد الفنان شادي عبدالسلام، والذي يعود الفضل إلي مرعي في إمداد المكتبة بالجزء الأكبر من مقتنياته الشخصية، ويحمل هذا المعرض أصولا نادرة لعدد من الرسوم التحضيرية لعدد من الأفلام السينمائية الرائعة التي أخرجها عبد السلام، كان خلالها مرعي ذراعه اليمني، يشاركه التفكير والتصميم، ورسم مشاهد "كادرات" من تلك الأفلام في لوحات فنية رائعة، ترقي لأن تكون عملا فنيا بذاتها قائمة الأركان.
ومن ملامح عطاء مرعي الأخري في الحركة التشكيلية المصرية دوره الفاعل من خلال عضويته في اللجنة العليا لسمبوزيوم أسوان الدولي لفن النحت والذي شارك في تأسيسه مع الفنان والنحات العالمي آدم حنين.